حديقة عين حلوان لم تعد مجرد مساحة خضراء مهملة، بل تحولت إلى نموذج صارخ لكيف يمكن للإهمال الإداري أن يفرغ المرافق العامة من معناها، ويحول حقًا أساسيًا للمواطن إلى عبء بصري وأمني وبيئي، في مدينة يتجاوز عدد سكانها مئات الآلاف، وتفتقر إلى المتنفسات الطبيعية، كان يفترض أن تمثل الحديقة متنفسًا صحيًا ونفسيًا لسكان حلوان، لكنها اليوم تقف شاهدًا على سنوات من التجاهل وغياب الإدارة والمساءلة.

عين حلوان حين كانت المدينة مقصدًا للاستشفاء
ارتبط اسم عين حلوان تاريخيًا بكونه أحد أهم مراكز الاستشفاء الطبيعي في مصر منذ أواخر القرن التاسع عشر، حين كانت العيون الكبريتية تجذب المرضى والزائرين من داخل البلاد وخارجها، وكانت الحديقة جزءًا من رؤية عمرانية متكاملة تجمع بين العلاج والترفيه والطبيعة، غير أن هذا الإرث لم يشفع للمكان، الذي تُرك ليتهالك تدريجيًا حتى فقد ملامحه ووظيفته العامة.

الصور تكشف الحقيقة.. ممرات مكسّرة ومساحات ميتة

الصور الميدانية التي تم التقاطها من داخل الحديقة تكشف حجم التدهور الذي لم يعد يحتاج إلى تقارير رسمية لإثبات، ممرات المشاة مكسّرة وغير مستوية، تشكل خطرًا مباشرًا على الأطفال وكبار السن، ومساحات واسعة تحولت من بقع خضراء إلى أرض جرداء متربة، بينما تنتشر المخلفات وبقايا مواد البناء والأنابيب المهملة في أكثر من موضع، في غياب واضح لأي أعمال نظافة أو صيانة دورية.

الإهمال خطر على السلامة العامة

هذا التدهور لا يقتصر على تشويه الصورة الجمالية، بل يمتد ليهدد السلامة العامة، فالممرات المكسورة قد تتسبب في إصابات، والمناطق غير المضيئة قد تتحول ليلًا إلى بؤر غير آمنة، والمخلفات قد تمثل خطرًا صحيًا وبيئيًا، خاصة للأطفال، ما دفع كثيرًا من الأسر للعزوف عن دخول الحديقة.

من المسؤول؟ سؤال بلا إجابة

الأخطر من الإهمال ذاته هو الغموض الكامل حول الجهة المسؤولة عن إدارة الحديقة، فلا توجد لافتة تعريفية تشير إلى تبعيتها، ولا بيانات رسمية معلنة، ولا ردود واضحة على شكاوى السكان، ما خلق فراغًا إداريًا سمح باستمرار التدهور دون محاسبة.

موازنات تُرصد وواقع لا يتغير

تشير البيانات العامة إلى تخصيص موازنات سنوية لتحسين البيئة وصيانة الحدائق في القاهرة، إلا أن أثر هذه الموازنات لا يظهر بأي شكل في حديقة عين حلوان، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول ما إذا كانت أموال قد خُصصت بالفعل، وإن خُصصت فأين ذهبت.

شبهة إهمال جسيم وإهدار محتمل للمال العام

التناقض بين الأرقام المعلنة والواقع المتردي يضع القضية في إطار شبهة إهمال جسيم وربما إهدار محتمل للمال العام، وهو ما يستوجب التحقيق والمساءلة.

خسائر اجتماعية وأمنية واقتصادية

اجتماعيًا، حُرم سكان حلوان من متنفس عام ضروري، وأمنيًا تحولت مساحة مهجورة إلى بؤرة محتملة لمخاطر، واقتصاديًا ضاعت فرصة استثمار موقع يحمل قيمة تاريخية وسياحية حقيقية.

غياب العدالة في توزيع التنمية

يزداد الغضب حين يقارن المواطنون بين ما يحدث في حديقة عين حلوان وبين تطوير حدائق أخرى بموازنات ضخمة في مناطق مختلفة، ما يطرح تساؤلات حول عدالة توزيع الموارد.

مطالب واضحة لا تحتمل التأجيل

يطالب أهالي حلوان بإعلان الجهة المسؤولة، وكشف الموازنات، وفتح تحقيق إداري ورقابي، ووضع خطة زمنية واضحة لإعادة التأهيل.

اختبار حقيقي لجدية الحكومة

قضية حديقة عين حلوان لم تعد شأنًا محليًا عابرًا، بل اختبارًا حقيقيًا لاحترام حق المواطن في بيئة آدمية، وحماية المرافق العامة من الإهمال والتآكل، وتطبيق مبدأ المحاسبة بدل الاكتفاء بالتصريحات.

1000003791

1000003792

1000003793

1000003794

1000003795

شاركها.