كشفت شركة بايدو، الرائدة في مجال الإنترنت والذكاء الاصطناعي في الصين، عن حزمة من الابتكارات الجديدة تشمل إصدار جديد من نموذجها اللغوي Ernie 5.0، إلى جانب شريحتي ذكاء اصطناعي مطورتين داخلياً ومنتجات متقدمة في الحوسبة الفائقة، في محاولة لتعزيز موقعها في سوق الذكاء الاصطناعي.

جاء الإعلان خلال مؤتمر Baidu World 2025، الحدث التقني السنوي الأكبر للشركة، والذي أقيم في العاصمة بكين، وانتهى مساء الأربعاء، وأكد المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، روبن لي، أن “الذكاء نفسه هو التطبيق الأهم، وسرعة التطوير هي الحاجز الحقيقي الوحيد”.

وأضاف أن “بايدو ستواصل ضخ الاستثمارات في النماذج المتطورة، بهدف رفع سقف القدرات الذكية إلى آفاق جديدة”.

نموذج Ernie 5.0 متعدد الوسائط

ونموذج Ernie 5.0 متعدد الوسائط “بطبيعته”، قادر على فهم أوامر المستخدم عبر النصوص، والصوت، والصور، والمقاطع المصورة.

ووفقاً للشركة، جرى تطوير النموذج لمنافسة أقوى حلول الذكاء الاصطناعي العالمية، بما يشمل DeepSeek، وجيميناي من جوجل، وGPT-5 من OpenAI.

وعرضت الشركة اختبارات أداء شملت فهم وإدراك المحتوى اللغوي والصوتي والبصري، وأظهرت أن Ernie 5.0 يقدم أداء تنافسياً رغم عدم تصدره المرتبة الأولى في جميع المؤشرات، في محاولة لإثبات قدرته على مجاراة اللاعبين الكبار في السوق العالمية.

شرائح ذكاء اصطناعي جديدة

وفي خضم التوتر المتصاعد بين الصين والولايات المتحدة، والذي أدى إلى فرض قيود صارمة على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي الأميركية المتقدمة للتنين الصيني، أعلنت بايدو عن تطوير شريحتين جديدتين، الأولى باسم M100 مخصصة لعمليات الاستدلال، ومن المتوقع طرحها في أوائل عام 2026؛ أما الثانية، فهي شريحة M300 القادرة على تنفيذ عمليات التدريب والاستدلال معاً، ومن المقرر إطلاقها في أوائل 2027.

وتعمل بايدو على تصميم الشرائح الخاصة بها منذ عام 2011، في مسعى لتوفير حلول حوسبة قوية ومنخفضة التكلفة للشركات الصينية، وقابلة للتحكم المحلي، بما يساعدها على تجاوز القيود الغربية.

“العقد الفائقة”

كشفت بايدو خلال المؤتمر عن منتجين جديدين من فئة “العقد الفائقة”، وهي منصات عتاد تعتمد على ربط شرائح متعددة عبر شبكات متقدمة من الوصلات البصرية، ما يرفع من الأداء العام للشرائح، ويعوض محدودية الأداء في الشريحة الواحدة. 

ومن المنتظر إطلاق نظام Tianchi 265 في النصف الأول من عام 2026، ويعتمد على دمج 256 شريحة من طراز P800 التي تطورها الشركة داخلياً، وطرح نسخة أكثر تطوراً في النصف الثاني من العام ذاته، مكونة من 512 شريحة من نفس الطراز.

أدوات صناعية وتوسع عالمي

وكجزء من سعيها لتنويع استخدامات الذكاء الاصطناعي، طرحت بايدو أداة جديدة مخصصة للاستخدامات الصناعية، من أبرزها إدارة إشارات المرور، كما تعمل الشركة على توسيع حضورها الدولي من خلال طرح منتجاتها في الأسواق الخارجية، مثل أداة “أفاتار رقمي” تُستخدم في البث المباشر، وتستهدف في الأساس عملاء من وسائل الإعلام والمؤثرين، ومنصة تطوير برمجيات لا تتطلب كتابة أكواد، موجهة للمستخدمين غير المتخصصين.

رغم التقدم التقني، تواجه بايدو ضغوطاً قوية من النماذج مفتوحة المصدر، وعلى رأسها DeepSeek، بالإضافة إلى تطبيقات ذكاء اصطناعي جديدة أصبحت أكثر جذباً للمستخدمين.

وأدى التراجع في الإعلانات، وهي إحدى مصادر دخل الشركة الأساسية، إلى توقعات بانخفاض إيرادات الربع الثالث بنسبة 8%، وهو أكبر تراجع منذ نحو 10 سنوات.

وفي هذا السياق، انتقد روبن لي “الهيكل غير الصحي وغير المستدام” للصناعة، حيث تجني شركات تصنيع الرقائق معظم الأرباح، في حين لا يتمكن مطورو النماذج والتطبيقات من تحقيق عوائد متناسبة.

وقال لي: “النماذج يجب أن تولّد قيمة تفوق 10 مرات قيمة الشرائح، ويجب أن تخلق التطبيقات قيمة تفوق 100 مرة، حتى يتحقق نظام صناعي متوازن”.

ورغم انطلاقة قوية في بداية سباق الذكاء الاصطناعي الصيني، إلا أن بايدو تراجعت أمام منافسين مثل بايت دانس، الرائدة في التطبيقات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، وعلي بابا، المتصدرة في النماذج مفتوحة المصدر.

وكان لي دافع في السابق عن أولوية النماذج المملوكة باعتبارها الأكثر قدرة على المنافسة، قبل أن تدفعه نجاحات DeepSeek إلى فتح مصدر نماذج Ernie، كما سبق أت تجاهلت الشركة في البداية قطاع توليد الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي، لكنها عادت لتلاحق منافسين مثل Kuaishou بعدما أثبت هذا القطاع إمكانية تحقيق عائدات ضخمة.

شاركها.