هاجمت الفيلسوفة الأميركية والأستاذة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، جوديث بتلر، قرار إدارة الجامعة تسليم أسماء 160 من الأساتذة والطلاب والموظفين إلى إدارة الرئيس دونالد ترمب في إطار تحقيقات تتعلق بمزاعم “معاداة السامية”، قائلة إن الخطوة تمثل “خيانة هائلة للثقة”.
وتلقت بتلر وهي فيلسوفة نسوية بارزة، رسالة من ديفيد روبنسون، المستشار القانوني الرئيسي للحرم الجامعي في بيركلي، والتي جاء فيها أن المكتب يحقق في “مزاعم المضايقة والتمييز المعادي للسامية” وأنه “يتطلب تقديم وثائق شاملة”، حسبما نقلت صحيفة “الجارديان”.
وقالت الباحثة اليهودية المعروفة بانتقادها لإسرائيل، إنها استفسرت من روبنسون عن هذه الإفصاحات، لكنه لم يقدم أي معلومات عن الاتهامات المحددة.
وأضافت: “لدينا الحق في معرفة التهم الموجهة إلينا، ومعرفة من قدّمها، ومراجعتها والدفاع عن أنفسنا. لكن لم يحدث أي من ذلك، ولهذا نحن في أرض كافكا (إشارة إلى عالم الروائي التشيكي فرانز كافكا الأدبي، الذي يُعرف بأسلوبه السريالي وقصصه التي تُبرز الاغتراب والبيروقراطية والعبثية وغياب المعنى)، حيث لا يعرفون طبيعة الاتهامات أو مصدرها ولا يملكون فرصة للدفاع عن أنفسهم”.
“ممارسة من حقبة المكارثية”
ووصفت بتلر إحالة أسماء أعضاء المجتمع الجامعي إلى الحكومة بأنها “ممارسة معروفة من حقبة المكارثية”، وأضافت: “يجب ألا نكون سذّجاً. هل سنُوسم نحن الذين ذُكرت أسماؤنا الآن على لائحة حكومية؟ هل ستُقيَّد تحركاتنا؟ هل ستُراقب مراسلاتنا الإلكترونية؟.
وقالت إن السماح للجامعات بأن “تُقاد بهذه الطريقة يقوّض مستقبل الفكر النقدي والديمقراطية”.
وهدد ترمب بقطع التمويل الفيدرالي عن الجامعات بسبب الاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين، وتزعم الحكومة أن الجامعات “سمحت بمعاداة السامية خلال الاحتجاجات”.
وأثار الخبراء مخاوف تتعلق بحرية التعبير والإجراءات القانونية الواجبة والحرية الأكاديمية بشأن تهديدات الرئيس الجمهوري، وحاول ترمب أيضاً ترحيل الطلاب الأجانب الذين يشاركون في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين، لكنه واجه عقبات قانونية.
وأشارت بتلر إلى أن بيركلي كانت موطن حركة حرية التعبير في الستينيات: “لقد كانت مكاناً تُناقش فيه القضايا العامة المثيرة للجدل بحرية. لدينا آراء مختلفة بشأن إسرائيل وفلسطين، ويجب أن نسمعها حتى وإن أزعجتنا. هذه هي روح المكان الذي دافعت عنه وأكدت عليه منذ 30 عاماً. لذلك فإن ما يحدث محزن ومخزٍ”.
وأكد مسؤولو بيركلي الجمعة، أن 160 شخصاً، بينهم أساتذة وطلاب وموظفون، تلقوا رسائل تحذرهم من الإفصاحات، وقالوا إن قرار إرسال المعلومات إلى إدارة ترمب اتُخذ من قبل المستشار العام للنظام الجامعي في كاليفورنيا.
وأفادت بتلر بأنها علمت بأن قائمة الأسماء تضم طلاباً دوليين ومحاضرين وأساتذة بدوام جزئي، مضيفة: “العواقب المترتبة على هذا الامتثال قد تكون مدمرة لحياة كثيرين، ومعظمهم أكثر هشاشة مني بكثير… قد يتعرضون لأشياء كثيرة، خاصة الطلاب الدوليين، بما في ذلك الترحيل، والطرد، وفقدان الوظائف، والمضايقات، والمراقبة”.
انتهاكات
وأضافت بتلر أن الإجراءات المعتادة في الجامعة لمعالجة الشكاوى قد عُلّقت، وهو ما حرم أعضاء هيئة التدريس من حق الرد على الادعاءات أو الحصول على معلومات أساسية عن التحقيقات.
وتابعت: “هذا يعني أن الاتهامات المرسلة إلى الإدارة، حتى وإن كانت مجهولة المصدر، كانت تُحال مباشرة دون أن يتم النظر فيها… لا نعرف إن كنا متهمين فعلياً بمعاداة السامية أو أن اسمنا ارتبط فقط بادعاء ما”.
وأشارت بتلر إلى أن المستشار القانوني في بيركلي رفض مشاركة محتويات الملفات التي أُرسلت إلى إدارة ترمب، ومع انتقال المواد إلى الحكومة الفيدرالية، أثارت هذه الإفصاحات مخاوف بشأن انتهاك الحقوق المكفولة بالتعديل السادس للدستور الأميركي التي تضمن معرفة الأشخاص بالتهم الموجهة إليهم.
وقالت المتحدثة باسم جامعة كاليفورنيا، رايتشل زانتز: “مثل جميع الجامعات العامة، تخضع جامعة كاليفورنيا لرقابة من الوكالات الحكومية على مستوى الولاية والفيدرالية. جامعاتنا تتلقى بشكل روتيني طلبات للحصول على وثائق في إطار عمليات تدقيق حكومية أو مراجعات للامتثال أو تحقيقات. تلتزم الجامعة بحماية خصوصية طلابنا وأساتذتنا وموظفينا إلى أقصى حد ممكن، مع الوفاء بالتزاماتها القانونية”.
وتساءلت بتلر عن سبب عدم مقاومة الجامعة لمطالب الحكومة، مشيرة إلى رؤساء مؤسسات أخرى أعلنوا أنهم لن يستسلموا لبعض الطلبات الفيدرالية حفاظاً على الحرية الأكاديمية.
وختمت بالقول: “إنه أمر صادم… ألم تفكروا حتى في رفض ذلك؟”.