تجري بريطانيا محادثات متقدمة لبناء فرقاطات حربية للدنمارك والسويد، في خطوة يُتوقع أن تشكل دفعة قوية لقطاع بناء السفن في اسكتلندا، وصناعة الدفاع البريطانية الأوسع.

ونقلت صحيفة “فاينانشال تايمز” عن 4 أشخاص وصفتهم بأنهم مطلعين على المفاوضات، قولهم إن الخطوة تأتي بعد الإعلان عن أكبر صفقة تصدير للسفن الحربية في تاريخ بريطانيا مع النرويج.  

ويتزامن هذا التوجه مع تعميق لندن تحالفاتها العسكرية مع دول الشمال الأوروبي، لمواجهة روسيا في القطب الشمالي وشمال الأطلسي، وسط تحذيرات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن الضمانات الأمنية الأميركية للقارة، ما يجعل شراء الأسلحة من الحلفاء الأوروبيين أكثر جاذبية.

محادثات “إيجابية جداً”

وقال أحد المصادر للصحيفة البريطانية، إن اتفاقاً بين لندن وكوبنهاجن بات “وشيكاً وشبه محسوم”، فيما وصف المحادثات مع السويد بأنها “إيجابية جداً” لكنها أكثر تعقيداً، إذ تبحث ستوكهولم مجموعة من الخيارات البريطانية إلى جانب عرض منافس من فرنسا.

ومن المتوقع الإعلان، الشهر الجاري، عن صفقة لتوريد 3 فرقاطات من طراز “تايب-31 أروهيد 140″، التي تُصنّعها مجموعة “بابكوك إنترناشونال” المدرجة في مؤشر “فوتسي 100″، إلى الدنمارك، بينما يُرتقب أن تتخذ السويد قرارها بحلول نهاية العام.

وتعتبر حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر، قطاع الدفاع ركناً أساسياً في خطتها لتعزيز النمو الاقتصادي، وترى في إبرام مزيد من صفقات التصدير دفعة مرحباً بها في دوائر القرار في لندن.

فرقاطات “تايب-31”

تتركز المفاوضات الجارية على إنتاج فرقاطات “تايب-31” في أحواض “روزيث” في اسكتلندا لصالح الدنمارك والسويد، حيث تدرس السويد الحصول على 4 فرقاطات.  

وبحسب أحد المصادر، ربما تسعى الدنمارك لاحقاً إلى بناء مزيد من هذه السفن محلياً بعد الدفعة الأولى.

وصرح وزير الدفاع الدنماركي، ترولس لوند بولسن، الثلاثاء، لصحيفة “بيرلينجسكي” بأنه يرغب في التعاون مع شريك دولي لبناء الفرقاطات، مع إمكانية تنفيذ جزء من الإنتاج داخل الدنمارك.

وقال: “يمكن تحقيق ذلك بطرق عدة، لكن ما هو واضح بالنسبة لي أن الدنمارك لا يمكنها القيام بذلك بمفردها”.

كما تجري “بابكوك” مباحثات لبناء كورفيتات من فئة “لوليو” في “روزيث” لصالح السويد ضمن مشروع مشترك مع شركة “ساب” السويدية.  

وأعلنت الشركتان، العام الماضي، عن شراكة لتصميم جيل جديد من السفن الحربية الخفيفة، لكن هذه المحادثات تمثل أول مؤشر قوي على تقدم التعاون.

وقالت “بابكوك” في بيان، إنها “تعمل على فرص محتملة لتصميم وبناء فرقاطات للدنمارك، وأيضاً مع شريكها ساب لصالح البحرية السويدية”.

من جهتها، أكدت وزارة الدفاع البريطانية التزامها بدعم “بابكوك” في المفاوضات، موضحة أن “برنامج تايب-31 يستقطب اهتماماً متزايداً من شركاء دوليين محتملين، ما يبرز قوة صناعة الدفاع البريطانية وقدرتها في مجال بناء السفن”.

ومع ذلك، ربما تواجه الصفقة مع السويد عقبات بسبب المنافسة الفرنسية، وفق ما ذكره مصدران مطلعان، بعد أن وقعت باريس وستوكهولم، في يونيو، خارطة طريق دفاعية لتعزيز التعاون، فيما تعود الكلمة الفصل إلى وكالة المشتريات الدفاعية السويدية المستقلة.  

واكتفت ستوكهولم بالقول إنها تأمل في اتخاذ القرار، خلال الأشهر المقبلة، بينما امتنعت عن التعليق على تفاصيل العروض. أما الحكومة الدنماركية، فلم ترد على طلب “فاينانشال تايمز” التعليق.

جيل جديد من الفرقاطات

والفرقاطة “تايب-31” سفينة متعددة المهام تشكل الجيل الجديد في البحرية الملكية البريطانية، التي ستتسلم 5 منها خلال السنوات المقبلة، بديلاً عن فرقاطات “تايب-21” القديمة.

وفي عام 2023 بلغ متوسط تكلفة إنتاج كل فرقاطة من هذا الطراز نحو 250 مليون جنيه إسترليني، وفق بيانات حكومية.

ويرجح أن توفر هذه الصفقات دفعة كبيرة لحوض “روزيث” التابع لـ “بابكوك” على مصب نهر فورث في اسكتلندا.

شركاء دفاعيون

وقال عضو البرلمان البريطاني عن دائرة دونفرملين ودولار التي تضم “روزيث”، جرايم داوني: “الدول الاسكندنافية شركاء دفاعيون أساسيون للمملكة المتحدة، وهذه الصفقات تعزز تلك العلاقات أكثر، بينما نعمل على ردع العدوان الروسي”.

وكانت بريطانيا أعلنت، الأحد الماضي، عن صفقة ضخمة مع النرويج لبناء 5 فرقاطات من طراز “تايب-26” المخصصة لمطاردة الغواصات، سيتم تشييد معظمها في جلاسكو على يد شركة “بي إيه إي سيستمز”، ما يضمن امتلاء دفتر طلبيات الموقع في أكبر مدن اسكتلندا لمدة عشر سنوات مقبلة.

ورحّب وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي، بالاتفاق مع النرويج، معتبراً أنه يثبت “مكانة صناعة الدفاع البريطانية كصناعة رائدة عالمياً”، ويعزز التحالف بين لندن وأوسلو.

وتكتسب دول شمال أوروبا دوراً محورياً في مواجهة النشاط الروسي تحت سطح البحر في القطب الشمالي وشمال الأطلسي، وهي منطقة حثّت إدارة ترمب حلفاء شمال الأطلسي (الناتو) الأوروبيين على تكثيف التركيز عليها في ظل تحويل الولايات المتحدة اهتمامها العسكري نحو مواجهة الصين.

يُذكر أن السويد أصبحت العضو رقم 32 في الحلف، العام الماضي، مدفوعة بالغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، في حين تُعد الدنمارك من الأعضاء المؤسسين للحلف.

شاركها.