يعتزم المستشار الألماني فريدريش ميرتس القيام بأول زيارة له إلى بريطانيا منذ توليه المنصب، في 17 يوليو الجاري، لتوقيع “معاهدة تاريخية” مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، حسبما أفاد 3 أشخاص مطلعين على الخطط، مجلة “بوليتيكو”.
وكانت مجلة “بوليتيكو” نشرت تفاصيل المعاهدة الشاملة، التي تعزز التعاون في مجالات الدفاع والنمو الاقتصادي والتصدي للهجرة غير الشرعية لأول مرة في وقت سابق من الأسبوع الجاري.
ومن المتوقع أن تتضمن المعاهدة بنداً للمساعدة المتبادلة، ينص على أن “أي تهديد لإحدى الدولتين، سيعتبر تهديداً للدولة الأخرى”.
تتوج رحلة ميرتس إلى لندن ما يقرب من عام من المحادثات منذ أن أصدر ستارمر إعلاناً مشتركاً مع المستشار الألماني السابق أولاف شولتز يعد بتوثيق التوافق بين البلدين.
ووفق المجلة، فإن إحدى نقاط النقاش الحساسة المتوقعة خلال الزيارة، هي صياغة معاهدة بشأن التنقل عبر الحدود، حيث تدفع برلين باتجاه اتفاق جديد على مستوى الاتحاد الأوروبي بشأن تنقل الشباب، بينما يواجه ستارمر ضغوطاً للحد من الهجرة.
“طابع شخصي” للعلاقات الثنائية
وذكرت “بوليتيكو”، أن فريق ستارمر يسعى إلى توثيق العلاقات مع برلين، منذ أن كان في صفوف المعارضة؛ لا سيما في مجال الدفاع والأمن، وهو ما كان محور اتفاق منفصل جرى توقيعه في أكتوبر الماضي.
ونقلت المجلة الأميركية، عن أحد المقربين من المستشار الألماني قوله، إنه حريص على إضفاء “طابع شخصي” على العلاقة بين بريطانيا وألمانيا.
فيما أشار شخصان مطلعان على سير العملية، إلى أن “موعد رحلة ميرتس خضع لـ”منفاوضات مكثفة”، حيث كان المسؤولون حريصين على مراعاة “عدم صرف الانتباه” عن زيارة الدولة التي سيجريها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بريطانيا في نفس الشهر.
وكان وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي، طور بالفعل علاقات جيدة مع نظيره الألماني، بوريس بيستوريس، في الوقت الذي يجري الوزيران إصلاحات كبيرة على جيشي بلديهما.
اتفاقية شاملة للدفاع المشترك
وتشمل المعاهدة فصولاً رئيسية، من بينها فصل مخصص للدفاع يستند إلى “اتفاق ترينيتي هاوس” (Trinity House Agreement) الذي وُقع العام الماضي، وينص على أن أي تهديد استراتيجي يتعرض له أحد البلدين يُعد تهديداً للآخر.
وسيمنح ذلك ألمانيا، بنداً للدعم المتبادل مع كلتا القوتين النوويتين في أوروبا، بما يتماشى مع رغبة المستشار الألماني فريدريش ميرتس في تعزيز قدرة الردع الأوروبية بشكل مستقل عن الولايات المتحدة.
ورغم أن المعاهدة ستؤكد على الأرجح التزام البلدين بحلف شمال الأطلسي “الناتو”، باعتباره حجر الزاوية في منظومة دفاعهما المشترك، إلا أن إدراج هذا البند يسلط الضوء على التوجه الأوروبي لتعزيز التعاون الأمني بين الحلفاء، في ظل تراجع الدور الأميركي داخل التحالف الدفاعي عبر الأطلسي.
ومن المتوقع أن تتضمن الوثيقة أيضاً، إجراءات إضافية لمعالجة قضايا الهجرة غير الشرعية والنقل والبحث والابتكار. كما ستتضمن التزاماً بتعزيز التبادلات عبر الحدود، وهي مسألة شديدة الحساسية بالنسبة لحكومة ستارمر التي تواجه ضغوطاً متزايدة للحد من الهجرة القانونية وغير القانونية على حد سواء.
وكانت بريطانيا أعلنت، الشهر الماضي، انتقالها إلى مرحلة “الاستعداد للقتال”، وذلك تزامناً مع صدور مراجعة استراتيجية شاملة لقدرات البلاد الدفاعية والتحديات المرتبطة بها.
وقال ستارمر في مطلع يونيو الماضي، إن “مستوى التهديدات الذي تواجهه المملكة المتحدة بلغ درجة غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الباردة”. وأكد أن هدف القوات المسلحة أصبح “الاستعداد الكامل للقتال”.
ومنذ تولي حزب “العمال” الحكم في يوليو 2024، التزمت الحكومة برفع الإنفاق الدفاعي ليصل إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، مع طموح للوصول إلى 3% ما بين عامي 2029 و2034.