نفت وزارة العدل الأميركية الاتهامات بمحاولة “التستر أو خرق القانون”، بعد نشرها ملفات “جزئية”، شهدت حجباً واسعاً للمعلومات الواردة فيها، من سجلات الملياردير الراحل جيفري إبستين، المدان بجرائم جنسية، في خضم تصاعد العاصفة السياسية المحيطة بالرئيس دونالد ترمب.

وبدأت الوزارة في نشر الملفات من كمية ضخمة من المعلومات حول المتهم بالاتجار الجنسي لتلبية الموعد النهائي المقرر الجمعة الماضية.

وكشفت الوثائق عن مفاجأة مروعة، إذ تضمنت أسماء 1200 شخص تم تحديدهم كضحايا أو أقاربهم، وتشمل مواد من عشرات الأقراص الصلبة وأقراص مضغوطة وأجهزة كمبيوتر قديمة، وفقاً لـCNN.

غير أن هذه المعلومات لم ترق إلى مستوى الإفصاح الكامل الذي أقره الكونجرس، ولا تزال مئات الآلاف من الأدلة والمستندات قيد المراجعة من قبل المسؤولين في وزارة العدل

ويشير الخبراء إلى أن العديد من الوثائق الحاسمة لفهم القضية، ولماذا لم يحاكم إبستين في وقت سابق، لم تظهر بعد.

وتعتبر هذه الخطوة الجزئية من وزارة العدل أحدث فصول قضية إبستين، الممول السابق ذي العلاقات الواسعة، الذي توفي في السجن عام 2019، وتورطت فيها شخصيات سياسية ورجال أعمال بارزين كانوا ضمن شبكة معارفه.

“دوافع سياسية”

ويصر كبار المسؤولين بوزارة العدل على أن حرصهم ينبع من الحاجة إلى حماية هوية ضحايا إبستين، لكن خصوم الرئيس ترمب يتهمون وزارة العدل بـ”العرقلة بدافع سياسي”.

ويهدد الإفراج الجزئي عن الوثائق بترك النساء اللواتي تعرضن للاختطاف أو الإساءة من قبل إبستين عندما كن قاصرات، أمام عقبة جديدة في سعيهن الطويل لتحقيق العدالة.

وقال النائب جيمي راسكين، كبير الديمقراطيين في لجنة القضاء بمجلس النواب، لشبكة CNN في برنامج “State of the Union” الأحد، إن دوافع وزارة العدل لا يمكن الوثوق بها.

وأضاف النائب عن ماريلاند: “لم يظهروا أي احترام أو اعتبار للضحايا على الإطلاق، للناجين من هذا الكابوس. كل ما يحدث يتعلق بإخفاء أمور لا يريد دونالد ترمب، لأي سبب كان، أن تُنشر علناً، سواءً عن نفسه، أو عن أعضاء آخرين من عائلته أو أصدقائه أو جيفري إبستين أو الشبكة الاجتماعية والتجارية والثقافية التي كان جزءاً منها لمدة عقد على الأقل، إن لم يكن أكثر”.

تهديد لوزيرة العدل

وحذر النائب توماس ماسي، الذي ساعد في قيادة الحملة البرلمانية للمطالبة بالإفراج عن الملفات، من أن الإدارة “تتجاهل روح ونص القانون”. وقال النائب الجمهوري عن كنتاكي في برنامج “Face the Nation” على شبكة CBS الأحد: “لن أشعر بالرضا حتى يشعر الناجون بالرضا”.

وانضم شريكه الديمقراطي في جهود نشر ملفات إبستين، النائب رو خانا من كاليفورنيا، إلى زميله في تهديده باتخاذ إجراءات ازدراء ضد وزيرة العدل بام بوندي بعد عطلة الأعياد إذا لم يكن هناك التزام كامل.

وقال خانا لشبكة CBS: “نحن نشكل تحالفاً ثنائي الحزب. وسيتم تغريم بام بوندي عن كل يوم لا تُصدر فيه هذه الوثائق”.

وتجاهل مساعد وزيرة العدل تود بلانش التحذيرات السابقة من إمكانية مواجهة بوندي أو مسؤولين آخرين في وزارة العدل مساءلة برلمانية أو إجراءات جنائية.

وقال بلانش الأحد، في برنامج “Meet the Press” على NBC: “فلنواجه الأمر. نحن نفعل كل ما يجب علينا فعله للامتثال للقانون”.

وأضاف: “نتحدث عن نحو مليون صفحة من الوثائق. تحتوي تقريباً جميعها على معلومات عن الضحايا. إذن، فكرة أن وزيرة العدل بوندي ستسمح بخروج أي ورقة من هذه الوزارة تحتوي على معلومات عن الضحايا، هم يعرفون أننا لن نفعل ذلك”.

وأصدرت وزارة العدل الأميركية الجمعة كماً هائلاً من الوثائق، لكنها لم تشمل جميع ما يفرضه القانون. وشملت العديد من الوثائق حذف معلومات واسعة، بما يتجاوز ما يقتضيه القانون. واحتوت الوثائق على إشارات بارزة إلى الرئيس الأسبق بيل كلينتون، بما في ذلك صورة له داخل مسبح إلى جانب شخص تم حجب وجهه. أما الإشارات إلى دونالد ترمب فكانت قليلة.

وأُزيلت صورة لترمب، السبت، ضمن مجموعة صور من موقع وزارة العدل، وأعيدت، الأحد، بعد أن أكدت الوزارة مراجعتها للملف لحماية الضحايا، وذلك بناءً على طلب السلطات القانونية في نيويورك. ولم يتهم ترمب أو كلينتون بأي مخالفات جنائية تتعلق بإبستين، بينما اتهم المتحدث باسم كلينتون الإدارة بمحاولة “صرف الأنظار عن ترمب”.

وينص قانون شفافية ملفات إبستين، الذي عارضه ترمب في البداية قبل أن تجبره ثورة جمهورية على التوقيع عليه، على إلزام وزارة العدل بنشر جميع الوثائق غير المصنفة سرية المتعلقة بإبستين وشركائه، مع السماح ببعض الحجب لحماية خصوصية الضحايا أو لتجنب التأثير على التحقيقات الجارية.

من المتوقع أن تؤدي الإفصاحات الجزئية وأيام من التراشق السياسي والمناوشات السياسية إلى استمرار جدل قضية إبستين، التي أحدثت انقسامات عميقة داخل الحزب الجمهوري وحركة “ماجا”، ولها تداعيات سياسية وقانونية محتملة وخطيرة.

وقالت CNN إن محاولات إدارة ترمب لاحتواء العاصفة أفرزت مرة أخرى دوامة جديدة من النشاط السياسي قد تضر بالرئيس.

شاركها.