يدرس الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تقديم مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار أو أكثر، للمزارعين الأميركيين، في الوقت الذي يحذر فيه قطاع الزراعة من تداعيات اقتصادية ناجمة عن الرسوم الجمركية الأميركية واسعة النطاق، وسط تراجع مشتريات الصين من المحاصيل الزراعية الأميركية، حسبما ذكر أشخاص مطلعون على المناقشات لصحيفة “وول ستريت جورنال”، 

ونقلت الصحيفة الأميركية، الخميس، عن الأشخاص المطلعين قولهم، إن الرئيس وفريقه يدرسون استخدام عائدات الرسوم الجمركية لتمويل جزء كبير من المساعدات، وإن توزيع الأموال قد يبدأ خلال الأشهر المقبلة.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، إن المناقشات تركزت على مساعدات تتراوح قيمتها بين 10 مليارات دولار و14 مليار دولار. 

وأضاف المسؤول أنه من المرجح أن تذهب المساعدات لمساعدة منتجي فول الصويا، بالإضافة إلى قطاعات أخرى من الاقتصاد الزراعي، مشدداً على أن المشاورات لا تزال جارية وأنه لم يحسم أي شيء بشكل نهائي.

من جانبها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، “الرئيس ترمب والوزير (وزير الزراعة بروك) رولينز على اتصال دائم بشأن احتياجات مزارعينا، الذين لعبوا دوراً حاسماً في انتصار الرئيس في نوفمبر”.

وأضافت: “لقد أوضح ترمب عزمه على استخدام عائدات التعريفة الجمركية لمساعدة قطاعنا الزراعي، ولكن لم تتخذ أي قرارات نهائية بشأن ملامح هذه الخطة”.

وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، قال ترمب إنه يعتزم الضغط على نظيره الصيني شي جين بينج، لشراء فول الصويا الأميركي لمساعدة المزارعين الأميركيين الذين يواجهون صعوبات.

ومن المقرر أن يلتقي الرئيسان على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في كوريا الجنوبية خلال الأسابيع المقبلة. 

وأشار المسؤول في الإدارة، إلى أن إبرام صفقة مع الصين لشراء فول الصويا قد يغير حسابات ترمب بشأن تقديم المساعدات للمزارعين.

وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت في تصريحات لشبكة CNBC، إن الإدارة قد تعلن عن دعم جديد للمزارعين، الثلاثاء المقبل. لكن المسؤول نوّه بأن هذا الجدول الزمني قد يتأخر، مشيراً إلى أن الإغلاق الحكومي قد يعقد تلك الخطط.

محصول تاريخي

وأشارت “وول ستريت جورنال”، إلى أن المزارعين الأميركيين يعملون على حصاد واحد من أكبر المحاصيل في التاريخ، ما يؤدي إلى وفرة في المحاصيل التي تؤدي إلى انخفاض أسعار الذرة وفول الصويا. 

كما يؤدي ارتفاع تكاليف المعدات والأسمدة والمواد الأخرى إلى تقليص الأرباح، فيما تشير تقديرات إلى أن مزارعي فول الصويا في الولايات المتحدة سيخسرون ما يقرب من 100 دولار للفدان هذا العام، بحسب بيانات فيدرالية.

وذكرت الصحيفة، أن المزارعين كانوا يقللون من شراء الأسمدة والمعدات خلال السنوات الأخيرة مع انخفاض الأرباح من سنوات المحاصيل الوفيرة، لكن مساعدات العام الماضي التي بلغت 10 مليارات دولار للمزارعين ساهمت في تعويض بعض خسائرهم. وفي حال الإعلان عن خطة إنقاذ جديدة، من المتوقع أن ينفقها المزارعون على الفور لتعويض المشتريات التي تجاهلوها.

وفي الفترة من يناير حتى أغسطس من العام الجاري، بلغ إجمالي صادرات فول الصويا الأميركية إلى الصين ما يزيد قليلاً عن 200 مليون بوشل (وحدة قياس أميركية تعادل 20.4 كيلو من الذرة)، بانخفاض عن مليار بوشل تقريباً خلال نفس الفترة من عام 2024، وفقاً لاتحاد مكتب المزارع الأميركي. وفي الوقت نفسه، شحنت البرازيل أكثر من ملياري بوشل من فول الصويا إلى الصين خلال تلك الفترة.

كما ضغط أعضاء الكونجرس على الإدارة لمساعدة المزارعين الذين يحصدون سلعاً مثل الأرز وفول الصويا والذرة الرفيعة، فيما كان وزير الزراعة بروك رولينز يجوب دول العالم، ويسعى لإيجاد دول تشتري المنتجات الأميركية لسد الفجوة التي خلفتها الصين.

في هذا الإطار، قال النائب الجمهوري عن ولاية ويسكونسن، ديريك فان أوردين: “الأمور الآن صعبة للغاية، خاصة بالنسبة لمزارعي فول الصويا”، مضيفاً: “هذه (المشكلة) سيجري حلها عن طريق التجارة، وإيجاد أسواق في البلدان التي لا تخطط بنشاط لتدمير الولايات المتحدة”.

حرب ترمب التجارية

وذكرت “وول ستريت جورنال”، أنه عندما فرض الرئيس ترمب الرسوم الجمركية على الصين خلال فترة ولايته الأولى، انخفضت الواردات الصينية من فول الصويا الأميركي، ما أدى إلى تدمير ميزانيات المزارعين. وقدرت وزارة الزراعة الأميركية أن خسائر مزارعي فول الصويا تمثل أكثر من 70% من الخسائر المالية التي تكبدها المزارعون خلال حرب ترمب التجارية الأولى.

وقدمت الحكومة تعويضات للمزارعين بلغت قيمتها نحو 23 مليار دولار، وفي حين انتعشت صادرات فول الصويا في السنوات التالية، كانت الصين تضغط على المزارعين الأميركيين وأنفقت بكثافة لتحسين سلسلة الإمدادات الزراعية في بلدان أميركا الجنوبية مثل البرازيل لسد الفجوة.

في غضون ذلك، تضغط مجموعات مزارعين على الإدارة الأميركية والمشرعين، للمساعدة في إيجاد أسواق تصدير جديدة لمحاصيلهم وتوسيع كمية زيت فول الصويا المخلوط في الديزل. 

ويريد المزارعون إدخال المزيد من الاستخدامات المحلية لفول الصويا في قطاع الصناعة الزراعية بدلاً من الاعتماد على التجارة مع الصين.
 
وسجلت أسعار العقود الآجلة لفول الصويا نحو 10 دولارات للبوشل، بانخفاض بنسبة 5% تقريباً خلال الاثني عشر شهراً الماضية. لكن السعر النقدي الذي يحصل عليه المزارعون مقابل محاصيلهم عند تسليمها أقل بنحو 2 دولار في ولايات مثل داكوتا الشمالية ومينيسوتا، التي عادة ما تشحن فول الصويا إلى الصين.
 
جمعت الولايات المتحدة 149.2 مليار دولار من الرسوم الجمركية خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام، وفقاً لوزارة الخزانة، وهو رقم قياسي مدفوع إلى حد كبير بتعريفات ترمب.

شاركها.