مطالبات متزايدة من داخل الحزب الجمهوري بسحب الجنسية الأميركية من المرشح الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك، زهران ممداني، على خلفية مواقفه السياسية المؤيدة لفلسطين، ووسط اتهامات له بالشيوعية. في الوقت ذاته، لم يستبعد الرئيس دونالد ترمب ترحيل مستشاره السابق الملياردير إيلون ماسك، “إلى وطنه” جنوب إفريقيا، مع تصاعد الخلافات السياسية بينهما.

ويأتي هذا التصعيد بعد أيام من إصدار وزارة العدل الأميركية مذكرة بتاريخ 11 يونيو الماضي، توضح فيها الإجراءات والمعايير القانونية التي تُخوّل الحكومة سحب الجنسية من مُجنسيين في حالات “التزوير المتعمّد أو إخفاء وقائع جوهرية” أثناء عملية التجنيس.

نزع الجنسية

في عام 1906، صدر قانون “التجنيس” في وقت كانت فيه الهجرة إلى الولايات المتحدة في أوجها، خاصة من أوروبا الشرقية والجنوبية. وفي الوقت الذي كانت كل ولاية تتبع نظامها الخاص في منح الجنسية، فرض القانون الجديد، حينها، نظاماً موحداً فيدرالياً على مستوى الولايات، وبموجبه أيضاً، أصبح يُطبّق نزع الجنسية.

لكن نزع الجنسية شهد تبايناً كبيراً عبر الزمن، على حد قول أستاذ التاريخ السياسي في جامعة بينجامتون في نيويورك، والخبير في السياسة الأميركية الحديثة، دونالد نيمان.  

استُخدم نزع الجنسية بكثرة في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، خلال فترة “الفزع الأحمر” أو “الخطر الشيوعي”، التي روج لها عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ويسكنسون، جوزيف مكارثي، لاستهداف من كان يصفهم بـ”الشيوعيين”.   

وقال نيمان في حديثه لـ”الشرق”، إن القانون كان يسمح للحكومة بسحب الجنسية من الأشخاص الذين حصلوا عليها بطريقة اعتُبرت غير قانونية، مثل الكذب أثناء تقديم الطلب أو الانتماء إلى مجموعات عرقية كانت مستثناة من الجنسية مثل الصينيين والهنود، وأضيفت لاحقاً أسباب أخرى مثل التصويت في انتخابات أجنبية أو الخدمة في جيوش دول أخرى”. 

وأكد نيمان، أنه نتيجة لذلك، تم سحب الجنسية من حوالي 20 ألف شخص في الفترة بين عامي 1907 و1973، “كثير منهم من أصول هندية أو مرتبطين بجماعات سياسية راديكالية”. 

انخفض معدل سحب الجنسية خلال ستينيات القرن الماضي، حين قضت المحكمة العليا، بأن بعض هذه الأسباب، مثل السلوك الأخلاقي أو التصويت في دول أجنبية “غير دستوري”. وتابع نيمان أنه خلال تلك الفترة أيضاً، أُلغيت القيود العرقية عندما سُمح للآسيويين بالحصول على الجنسية الأميركية، “لذلك، أصبح سحب الجنسية أمراً نادراً جداً”. 
 
كان قرار المحكمة العليا في قضية “أفرويم ضد روسك” في عام 1967 بعدم دستورية نزع الجنسية، هو الأساس في الحد من استخدامها، على حد قول أستاذة القانون ومدير مركز الأخلاقيات المهنية، في كلية الحقوق جامعة، كيس ويسترن ريزيرف، كاساندرا روبرتسون لـ”الشرق”.

حصل بيار أفريوم، المولود في بولندا، على الجنسية الأميركية في عام 1926. وفي عام 1950 سافر إلى إسرائيل وصوّت في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية. لاحقاً، رفضت وزارة الخارجية الأميركية تجديد جواز سفره، باعتبار أن مقدم الالتماس قد فقد جنسيته بموجب مادة من قانون الجنسية، تنص على أن المواطن الأميركي “يفقد” جنسيته إذا صوّت في انتخابات سياسية أجنبية. 

لكن المحكمة العليا اعتبرت سحب الجنسية غير دستوري إلا في الحالات التي تم فيها الحصول عليها بشكل غير قانوني، من خلال الاحتيال أو عدم استيفاء الشروط.  

وقالت روبرتسون، إنه بناءاً على ذلك ومنذ عام 1968 حتى عام 2013، تم سحب الجنسية من أقل من 150 شخصاً “معظمهم من مجرمي الحرب، الذين أخفوا ماضيهم عند طلب التجنيس”. 

مذكرة وزارة العدل

في 11 يونيو الماضي، أصدرت وزارة العدل مذكرة تنص على أنها “ستعطي الأولوية لنزع الجنسية” في القضايا المتعلقة بمواطنين مُجنّسين يرتكبون جرائم معينة، ومنحت وزارة الخارجية محاميها سلطة تقديرية أوسع في تحديد توقيت اللجوء إلى هذا الأسلوب.

وفي حين حثت المذكرة المحامين على إعطاء الأولوية للقضايا التي تنطوي على أفراد “يشكلون خطراً محتملاً على الأمن القومي”، نصت المذكرة أيضاً على أنه يمكنهم البحث عن “أي قضايا أخرى تتم إحالتها إلى القسم المدني، والتي يحددها القسم بأنها مهمة بما يكفي لمتابعتها”. 

قالت جيسيكا م. فوجان، المديرة في مركز دراسات الهجرة، وهو مركز قانوني مناهض للهجرة، إنه يجوز للحكومة الفيدرالية سحب جنسية أي شخص مُجنس إذا ثبت أنها مُنحت له عن طريق الاحتيال أو تزييف المؤهلات أو إعطاء معلومات مضللة عمداً، أو إذا تورّط في أنشطة تجعله غير مؤهل، كالإرهاب أو الجرائم الخطيرة أولم يستوفِ الشروط القانونية للتجنس.  

وأضافت فوجان في حديثها لـ”الشرق”، أن وزارة العدل تتولى هذه الإجراءات بناءً على إحالات من وزارة الأمن الداخلي، مع وجوب تقديم “أدلة دامغة” تُقنع القاضي الفيدرالي بوجود احتيال أو تورّط في نشاط يُفقد الأهلية قبل أو أثناء أو بعد التجنيس.

وأكدت فوجان، أن القرار النهائي يعود إلى القاضي الفيدرالي لتقرير سحب الجنسية من الشخص، ويحق للشخص الاستئناف، “سينظر محامو وزارة العدل الذين يرفعون القضية في النشاط الإجرامي أو أي نشاط آخر يُحتمل أن يُحرّض على الجريمة أو العنف، أو أي نشاط مُعادٍ لشعبنا وحكومتنا، أو أي نشاط نُفذ في الخارج وكان إجرامياً أو عنيفاً أو مُضراً للغاية بالآخرين، مثل جرائم الحرب. يجب تحديد كل هذا على حدة”. 

الأدلة الدامغة ودرجات التقاضي التي أشارت إليها فوجان، تصبح محل شك أمام مذكرة وزارة العدل، التي قالت إن الحكومة الفيدرالية ستتابع قضايا نزع الجنسية من خلال التقاضي المدني، وهي خطوة مثيرة للقلق، حسبما اعتبرت كاساندرا روبرتسون.

أوضحت روبرتسون، أنه في الإجراءات المدنية، لا يحق لأي فرد خاضع لسحب الجنسية الحصول على محام، وتتحمل الحكومة “عبئاً أقل في الإثبات” حيث يكفي أن تقدم أدلة قوية ومقنعة فقط، فيكون من الأسهل والأسرع بكثير سحب الجنسية، “أيضاً، لا يوجد وقت محدد يُمنع بعده فتح القضية، أي يمكن للحكومة إعادة فتحها حتى لو مرت سنوات طويلة”. 

أحدث حالة لنزع الجنسية

في 13 يونيو الماضي، وبعد يومين فقط من إصدار المذكرة، تم تجريد شخص واحد من جنسيته، إذ أمر قاضٍ بسحب جنسية إليوت ديوك، وهو جندي أميركي من أصل بريطاني، أُدين بتهمة توزيع مواد جنسية على قُصّر، وهو ما اعترف لاحقاً بأنه كان يفعله قبل حصوله على الجنسية الأميركية. 

حصل ديوك على الجنسية الأميركية في 18 يناير 2013، وبعد 4 أشهر فقط، ألقت شرطة ولاية لويزيانا القبض عليه واتهمته باستلام وتوزيع مواد إباحية للأطفال.

قالت محامية الهجرة روزانا بيراردي، إنه يمكن للمواطنين المتجنسين فقدان جنسيتهم إذا حصلوا عليها عن طريق الاحتيال أو الخداع، “والكذب بشأن حقائق جوهرية أو إخفاؤها أثناء عملية التجنيس”.

وذكرت بيراردي في تصريحات لـ”الشرق”، أن المواطنين المولودين في الولايات المتحدة “لا يمكن تجريدهم من جنسيتهم قسراً”.

وتستهدف مذكرة وزارة العدل المواطنين الأميركيين الذين لم يولدوا في الولايات المتحدة، بل هاجروا إليها ثم حصلوا على الجنسية لاحقاً، وبحسب بيانات وزارة الأمن الداخلي في عام 2023، يبلغ عدد هؤلاء حوالي 25 مليون شخص، وهو ما يمثل 7% من إجمالي السكان. 

معايير غامضة

تنص مذكرة يونيو على 10 فئات ذات أولوية، تتراوح بين تهديدات الأمن القومي، وأنواع متعددة من الاحتيال. وما يثير القلق، على حد قول روبرتسون، أن المذكرة لا تكتفي بالملاحقة في الحالات الواضحة فقط، بل تطلب “الملاحقة القصوى” لكل حالة يمكن إثباتها، موضحة أنه قد يعني تجاوز الحالات الواضحة لجرائم خطيرة، وصولاً إلى ملاحقة أي حالة يمكن أن تدعمها الأدلة لإسقاط الجنسية. 

وقالت أستاذة القانون ومدير مركز الأخلاقيات المهنية، كاساندرا روبرتسون، إن اتساع هذه الفئات ومنح المدعين العامين حرية تقدير واسعة، يثير تساؤلات بشأن احتمال تطبيق القانون بشكل اعتباطي أو استهداف أشخاص على أساس اعتبارات سياسية.

من جانبه، وصف أستاذ التاريخ السياسي، دونالد نيمان، المعايير التي تطبقها وزارة العدل بأنها  تحتوي على “قدر كبير من الغموض”، متسائلاً ما الذي يُعدّ احتيالًا أو تحريفاً في طلب الحصول على الجنسية “يمكن أن يكون أمراً ملتبساً”.  

وأضاف نيمان في تصريحاته لـ”الشرق”، “هل تُعتبر مخالفات المرور أو التوقيفات البسيطة في بلد المنشأ جرائم جنائية أو مواجهات مع سلطات إنفاذ القانون؟”، مؤكداً أنه في الماضي، كانت هناك قناعة قانونية وأخلاقية بأن مثل هذه الأمور البسيطة لا تكفي لسحب الجنسية، إلا إذا كان الشخص ارتكب جريمة خطيرة فعلاً، مثل جرائم الحرب أو الإرهاب “لكن وزارة العدل في عهد ترمب تبدو مستعدة لاستخدام هذا الغموض كأداة لاستهداف أشخاص لا تروق لها آراؤهم السياسية”.

وتشارك محامية الهجرة بيراردي، المخاوف مع سابقيها، قائلة إن وزارة العدل، عملياً، تُعطي الأولوية في سحب الجنسية للأفراد الذين يُشكلون تهديداً لـ”السلامة العامة” أو “الأمن القومي”، “نظرياً، لا ينبغي أن يشمل هذا النشطاء السياسيين أو المعارضين”.  

وأضافت بيراردي، “لكن جماعات الحريات المدنية أثارت مخاوف من أن مصطلح الاحتيال قد توسّع على مر السنين ليستهدف المعارضين السياسيين”.  

المخاوف التي تحدث عنها الخبراء، لا تنكر فوجان، مديرة مركز السياسات المناهض للهجرة، احتمالية وقوعها، قائلة إن نزع الجنسية قد يشمل النشطاء أو المعارضين “إذا ثبت أن سلوكهم عنيف أو عدائي أو يُشكل مشكلة كبيرة لبلدنا، أو كان مُشكلاً أو غير قانوني في بلد آخر، كما هو الحال مع مجرمي الحرب أو مرتكبي الإبادة الجماعية”. 

ممداني وماسك

أثار فوز زهران ممداني، في الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي لمنصب عمدة مدينة نيويورك، الأسبوع الماضي، جدلاً سياسياً. 

وانتقد الرئيس ترمب ممداني، الذي حصل على الجنسية الأميركية في عام 2018، واصفاً إياه على منصته “تروث سوشيال” بأنه: “شيوعي مهووس”. في الوقت نفسه دعا نادي الشباب الجمهوري في نيويورك الحكومة الفيدرالية إلى تجريد ممداني من جنسيته وترحيله من البلاد.

وطالب النائب الجمهوري، آندي أوجلز، من ولاية تينيسي، وزارة العدل، بالتحقيق في إمكانية سحب جنسية ممداني، بدعوى أنه قد يكون حصل عليها من خلال “التضليل أو إخفاء الدعم المادي للإرهاب”.  

نشر أوجلز نسخة من الرسالة الموجهة إلى المدعية العامة، بام بوندي، على منصة “إكس”، وكتب: “زهران ممداني معادٍ للسامية، اشتراكي، شيوعي، سيدمر مدينة نيويورك العظيمة. يجب ترحيله. ولهذا السبب أطالب بإجراءات تجريد من جنسيته”.  

حتى ترمب نفسه، حين سُئل في مؤتمر صحافي الثلاثاء الماضي، عن تعهد ممداني بمنع عناصر هيئة الهجرة والجمارك ICE، من “ترحيل جيراننا”، قال ترمب “سنضطر حينها إلى اعتقاله”. وأضاف “نحن لسنا بحاجة إلى شيوعي في هذا البلد، ولكن إذا كان لدينا واحد، فسأراقبه عن كثب نيابة عن الأمة”.

وبالتزامن مع الجدل الذي أثاره فوز ممداني في سباق الحزب الديمقراطي، تسبب مشروع قانون ترمب “الكبير الجميل”، الذي ينهي الإعفاءات الضريبية على السيارات الكهربائية بدءاً من 30 سبتمبر، في توتر حاد بين ترمب ومستشاره السابق إيلون ماسك.  

وأدان ماسك القانون وأعلن تأسيس حزب سياسي جديد. وفي ردّ ساخر على “تروث سوشيال”، قال ترمب إن ماسك “كان سيُغلق مصنعه ويعود إلى جنوب إفريقيا” لولا دعمه السابق. 

المحلل السياسي الجمهوري سكوت أولنجر، هاجم ممداني ووصفه بـ”الشيوعي” الذي سيُدمّر مدينة نيويورك بسبب آرائه السياسية.  

وقال أولنجر في تصريحات لـ”الشرق”، إن إجراء نزع الجنسية “وضِع خصيصاً لمثل ممداني”. واتهم أولنجر ممداني بأنه “أخفى انتماءه لجماعات مثل الإخوان المسلمين في طلب الجنسية”، مضيفاً أن “إخفاء المعلومات والكذب والتضليل أثناء التقدم لطلب الجنسية يؤدي إلى نزعها حتى ولو بعد 10 سنوات”. 

وأضاف أولينجر أن “الأميركيين سئموا من انعدام المساءلة”، “الناس يفعلون أشياء ولا يتحملون أي عواقب، ونحن سئمنا من ذلك. وإذا كذب في طلبه، فيجب طرده لأن الجنسية الأميركية ليست من حقك مدى الحياة”.

وقارن أولينجر ممداني بإيلون ماسك، معتبراً أن ماسك لا يُشكّل تهديداً، لأنه يشارك فقط في العمل السياسي العادي، بينما يرى أن ممداني يروّج لأفكار تتعارض مع النظام الديمقراطي والرأسمالي الأميركي، وأشار إلى أنه يمكن سحب جنسيته إذا ثبت أنه كذب في طلب التجنيس، “تماماً كما يمكن طرد شخص من وظيفة إذا قدّم معلومات خاطئة في طلب التوظيف”. 

برنامج “جانوس”

بدأ ترمب ولايته الثانية، بإعادة هيكلة نظام الهجرة وشن حملة ترحيل واسعة النطاق. وسعى الرئيس إلى إنهاء حق المواطنة بالولادة وتقليص برامج اللاجئين. ويعد “نزع الجنسية” أحدث خطوة تتخذها إدارة ترمب فيما يتعلق بتلك المنظومة. وهي جهود يتهمها الخبراء بأنها غير دستورية.

دونالد نيمان، أستاذ التاريخ السياسي في جامعة بينجامتون، اعتبر في تصريحاته لـ”الشرق”، أن ترمب بدأ نهجاً عدوانياً مشابهاً تجاه نزع الجنسية في عام 2018، “وما يحدث في ولايته الثانية يُعدّ استمرار لذلك. إن توسيع نطاقه وزيادة عدائيته يتماشى مع إدارة ثانية أكثر عدوانية وأقل اهتماماً بالمعايير الدستورية من إدارته الأولى”. 

نزع الجنسية، الذي استُخدم كثيراً كأداة سياسية خلال حقبة مكارثي، أصبح قليلاً للغاية، ففي الفترة من 1990 إلى 2017، رفعت وزارة العدل 305 قضايا تجريد من الجنسية، أي ما يقرب من 11 قضية سنوياً. ومع ذلك، لاحظت أستاذة القانون ومدير مركز الأخلاقيات المهنية، كاساندرا روبرتسون، أن “نزع الجنسية عن شخص ما، لم يعد أمر نادراً جداً”. 

وقالت روبرتسون في تصريحاتها لـ”الشرق”، إن الإرتفاع بدأ في عهد الرئيس السابق باراك أوباما في عام 2016، من خلال برنامج أطلق عليه اسم “جانوس”. وربطت إدارة أوباما سحب الجنسية بقضايا الأمن القومي، مستهدفة الأفراد الذين “حصلوا على الجنسية باستخدام هويات مزيفة لإخفاء ماضيهم الإجرامي”. 

في ذلك الوقت، كانت الحكومة قادرة حديثاً على رقمنة ملايين سجلات الهجرة التي يعود تاريخها إلى عقود مضت واستخدام أدوات البيانات الضخمة لتحليلها.  

تابعت روبرتسون، أن إدارة أوباما كانت تبحث عن أفراد على صلة بالإرهاب “ربما دخلوا الولايات المتحدة بحجج كاذبة، وكانت تُحلل سجلات قديمة جداً كانت في السابق ورقية فقط للعثور على مثل هذه الحالات”.  

وسعت إدارة ترمب الأولى، بدءاً من عام 2016 إلى استخدام برنامج “جانوس”. وقالت روبرتسون إن إدارة ترمب استخدمت نفس الأدوات السابقة “لكن لملاحقة مجموعة أوسع بكثير من الأشخاص الذين كانوا في عهد أوباما”. كانت وزارة العدل في عام 2018 أعلنت نيتها رفع دعاوى لسحب الجنسية من حوالي 1600 شخص.

صعوبات قانونية

روبرتسون أشارت أيضاً، إلى أن جهود نزع الجنسية خلال إدارة ترمب الثانية، مع حملتها الشاملة على الهجرة، “ترفع عملية تجريد الأشخاص من جنسيتهم إلى مستويات جديدة”.

ورجحت روبرتسون، أن تواجه هذه السياسة تحديات قانونية كبيرة لأسباب دستورية. قائلة إن “الاختلافات الإجرائية بين التقاضي المدني والجنائي يثير مخاوف بشأن الخطوات القانونية الواجبة عندما تكون الحقوق الأساسية، مثل الجنسية، على المحك”، “عندما تلجأ الحكومة إلى إجراءات مدنية لسحب الجنسية، تكون هذه الإجراءات أضعف من الناحية القانونية مقارنة بالإجراءات الجنائية، فلا يُطلب نفس مستوى الأدلة، ولا يحق للمدعى عليه الحصول على محامٍ معين من المحكمة”.

وأضافت روبرتسون، أن عدم وجود قانون يحدد مدة التقادم، يعني أن الحكومة قد تعتمد على أدلة قديمة جداً، وربما غير دقيقة أو ناقصة، “حتى لو كسبت الحكومة بعض القضايا، فإن كثيراً منها سيتحول إلى معارك قضائية طويلة، وقد تتدخل المحكمة العليا في النهاية، وتقرر أن هذه السياسة تنتهك الحقوق الدستورية، لأنها تحرم المواطنين من جنسيتهم دون حماية قانونية كافية”. 

لكن أكثر ما يثير قلق روبرتسون هو التمييز بين المجنسين وبين المواطنيين الأميركيين، قائلة إن هذه السياسة قد تُنشئ نظام جنسية مزدوج المستوى، حيث يواجه الأميركيون المُجنسون ضعفاً مستمراً، لا يُواجهه المواطنون الأصليون أبداً، مما قد يُقوّض الأمن والاستقرار اللذين يُفترض أن توفرهما الجنسية. 

شاركها.