يحتفل العالم بعيد الميلاد، كل من موقعه، لكن هناك موقعاً للاحتفال العالمي بعيد ميلاد السيد المسيح، هو كنيسة المهد في بيت لحم التي شهدت مولده، والتي يصلها عدد كبير من الحجاج من كل اصقاع الأرض للحجيج والاحتفال بهذه المناسبة.
في العامين الماضيين توقفت الاحتفالات بعيد الميلاد في بيت لحم وغيرها من المدن الفلسطينية بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة التي حصدت أرواح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وتدمر البيوت والمنشآت والطرق وكل مقومات الحياة، لكن بعد أن توقفت الحرب، عادت المدينة لتضيء أشجار الميلاد، وتفتح أبوابها للحجاج والسياح والمحتفلين.
فنادق تعود للحياة
ولأنها مدينة الميلاد، فقد بني اقتصاد بيت لحم على السياحة الدينية، فأقيمت فيها عشرات الفنادق والمطاعم والصالات لاستقبال الحجاج والسياح والمحتفلين، وهو ما جعل اقتصادها يشهد ركوداً عميقاً في العامين الماضيين.
وحسب الناطق باسم وزارة السياحة جريس قمصية، كانت أعداد الحجاج والسياح، قبل الحرب، تصل إلى الملايين، لكنها تراجعت إلى أرقام متواضعة جداً، مشيراً إلى أنه “في العام 2019، على سبيل المثال، وصل عدد السياح إلى بيت لحم 3.5 مليون بينما لم يتجاوز العدد هذا العام 250 ألفاً”.
وأقيم في بيت لحم حوالي 80 فندقاً، لكن غالبيتها أغلقت أثناء الحرب وبقي 5 فقط تعمل. وجرى إعادة تشغيل عدد من هذه الفنادق قبيل العيد، حيث وصلت نسبة الإشغال فيها إلى أكثر من 90%، حسبما يقول رئيس بلدية بيت لحم ماهر قنواتي.
أسواق ميلاد وفرق كشفية
وأقيمت في بيت لحم 6 أسواق ميلاد “كريسماس ماركت”، حيث أم المدينة، خلال هذا الشهر، أعداد كبيرة من الزوار والسياح، خاصة من الفلسطينيين المسيحيين الذين قدموا من وراء الخط الأخضر من مدن مثل الناصرة وحيفا ويافا.
وعادة ما يفضل الفلسطينيون في الداخل القدوم إلى مدن الضفة الغربية في الأعياد، الأمر الذي يفسره الكثير من المراقبين بـ”البحث عن الهوية الوطنية” في مدن فلسطينية خارج دولة إسرائيل التي يحملون جنسيتها.
ويبلغ عدد الفلسطينيين داخل الخط الأخضر مليوني نسمة، ويشكلون حوالي 20% من سكان إسرائيل.
وشارك هذا العام عدد كبير من الفرق الكشفية في إحياء عيد الميلاد. وحسب رئيس البلدية، زاد عدد هذه الفرق عن العشرين فرقة محلية ودولية.
كما شارك عدد من فرق التراتيل الدينية التي قدمت من أنحاء مختلفة من العالم.
موكب البطرك
وقدم موكب بطريق اللاتين صورة مكثفة عن الواقع الاحتلالي الثقيل الجاثم على صدر المدينة. فقد قدم الموكب من مدينة القدس ليدخل المدينة المحاطة بجدران الفصل والأسيجة. وفي بعض المواقع سار الموكب بين جدارين ضيقين قبيل الدخول إلى المدينة.
وتمثل بيت لحم صورة مصغرة عن الإجراءات الإسرائيلية القاسية في الضفة الغربية، فالمدينة منفصلة تماماً عن مدينة القدس التي كانت، عبر التاريخ، مدينة توأماً لها، نظراً لوجود كنيسة المهد التي ولد فيها السيد المسيح ببيت لحم، ووجود كنيسة القيامة التي صلب فيها في القدس.
وترتبط التقاليد الدينية المسيحية ارتباطاً عضوياً بالكنيستين المنفصلتين اليوم بجدران وأسيجة.
الصحافية رنا أبو فرحة، من سكان بيت لحم، قالت إن عائلتها محرومة من الوصول إلى كنيسة القيامة في القدس. وقالت: “الأمر يتطلب تصريحاً خاصاً ومروراً عبر حواجز عسكرية وجدران”.
وأضافت: “نحن المسيحيون في فلسطين نتعرض لنفس القيود المفروضة على إخواننا المسلمين، فكما المسلم لا يمكنه الوصول من الضفة الغربية إلى القدس للصلاة في المسجد الأقصى، كذلك المسيحي لا يمكنه الوصول إلى القدس للصلاة في كنيسة القيامة”.
مستوطنات تطوق المدينة
ومدينة بيت لحم من أكثر المدن الفلسطينية التي تعرضت للمصادرة والاستيطان. وتبين الأرقام الرسمية أن 87% من أراضي محافظة بيت لحم تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، وان عدد المستوطنين على أراضي بيت لحم تجاوز المئة ألف مستوطن، وعدد المستوطنات الرسمية 13، يضاف اليها عشرات البؤر الاستيطانية.
وقالت مؤسسة “بيتسيلم” الإسرائيلية لحقوق الانسان، في تقرير لها، إن المستوطنين أقاموا، هذا العام، 4 بؤر استيطانية في المناطق “ب”، الواقعة تحت السيطرة الفلسطينية، في بيت لحم، وإنهم لم يعودوا يكتفون بالاستيطان في المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية التي تحمل الرمز “ج” وتشكل 60% من مساحة الضفة الغربية.
ومن بين الأراضي التي صادرتها السلطات الإسرائيلية أراضي “كريزمان” التابعة للكنيسة.
