اخر الاخبار

بعد دعوة أوجلان لإلقاء السلاح.. ما هو حزب العمال الكردستاني؟

بعد قرابة 4 عقود على تأسيس حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة “منظمة إرهابية”، دعا عبد الله أوجلان المسجون في تركيا، الحزب لـ”حل نفسه”، و”إلقاء السلاح”، وشدد على ضرورة إفساح المجال لـ”الحلول السلمية”، و”النضال المدني”.

وقال أوجلان، الزعيم التاريخي ومؤسس الحزب، في رسالة جرى الكشف عنها خلال مؤتمر صحافي، الخميس: “اعقدوا مؤتمركم واتخذوا قراراً.. يجب على جميع المجموعات إلقاء أسلحتها، ويجب على حزب العمال الكردستاني حل نفسه”، داعياً الحزب لعقد مؤتمر، وإعلان الموافقة رسمياً على حل نفسه.

وجاءت دعوة أوجلان، التي أعلنها حزب “المساواة والديمقراطية للشعوب” التركي المؤيد للأكراد عقب إجرائه 3 اجتماعات مع زعيم حزب العمال في سجنه في جزيرة إمرالي، بعد 4 أشهر من طرح الفكرة لأول مرة من قبل حزب “الحركة القومية” بزعامة دولت بهشلي، في أكتوبر الماضي، وبتأييد من شريكه في الائتلاف الحكومي، حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان.

ونقلت وكالة “الأناضول” التركية عن نائب رئيس حزب العدالة والتنمية أفكان آلا قوله، إن “جوهر النداء هو إلقاء السلاح، وحل التنظيم الإرهابي، ونحن ننظر إلى النتيجة”.

أُحيطت تفاصيل رسالة أوجلان بسرية كبيرة خلال الأسابيع الماضية، ويعود ذلك جزئياً لفشل المفاوضات السابقة بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني التي جرت بين عامي 2009 و2015، مما أدى إلى تصاعد العنف، بحسب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى. 

وبينما يصف أردوغان تمرد الحزب بأنه “إحدى العقبات التي تعوق تحقيق هدف تركيا العظيمة والقوية”، اعتبرت وكالة “رويترز”، أن حل الحزب سيكون “إنجازاً كبيراً” للرئيس التركي بعد سنوات من فشل الحلول السياسية لحل الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص منذ عام 1984، لكن ما هي منطلقات أوجلان في تأسيس هذا الحزب الذي سيعزز إعلان حله آفاق أردوغان السياسية؟

نشأة حزب العمال الكردستاني

بعد سقوط الدولة العثمانية عقب الحرب العالمية الأولى، فشلت الجهود الرامية إلى إنشاء دولة كردية مستقلة، وتحول الأكراد حينها إلى أقليات في تركيا، وإيران، والعراق، وسوريا.

ووسط رفض مطالبتهم بتقرير المصير، تعرض الأكراد في تركيا الذين يشكلون قرابة 15% من السكان، حينها لحملات “قمع” لدرجة “إنكار” الدولة لوجود هذه الجماعة خلال عقود طويلة، بحسب صحيفة “الجارديان”.

وساهمت هذه الإجراءات والتغييرات الاجتماعية في اختيار بعض الجماعات الكردية لمسار التمرد خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ومن بينهم حزب العمال الكردستاني، وفقاً للموسوعة البريطانية britanica.

وأسس عبد الله أوجلان، وهو تركي ينتمي إلى القومية الكردية ومولود في أورفا (جنوب شرق) عام 1948، حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا عام 1978، وترتكز على أيديولوجيا مستقاة من “الماركسية اللينينية”، مع إظهار استعداد الحزب لاستخدام القوة ضد الأكراد الذين يتعاونون مع الحكومة التركية.

وفي أعقاب الانقلاب الذي حدث في تركيا عام 1980، انقسم حزب العمال الكردستاني، وانتشرت قواته في عدة دول مجاورة، فيما سمحت العلاقات مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” العراقي بنقل مقاتلي حزب العمال إلى معسكرات في شمال العراق.

وبدأ حزب العمال الكردستاني تمرداً ضد الدولة التركية عام 1984، وكانت أهدافه في بداية الأمر إنشاء دولة كردية مستقلة، ثم تراجعت إلى زيادة الحقوق الكردية، والحكم الذاتي المحدود في جنوبي شرق تركيا.

وهاجمت القوات التركية في تسعينيات القرن الماضي، بعض قواعد حزب العمال الكردستاني، والتي تسميها أنقرة حينها بـ”الملاذات الآمنة” في إقليم كردستان العراق.

ونشط حزب العمال الكردستاني كذلك في سوريا حتى عام 1998، حين اضطر أوجلان إلى الفرار وسط ضغوط تركية متزايدة.

وحصد الصراع بين قوات “العمال الكردستاني” وتركيا أرواح أكثر من 40 ألفاً معظمهم من المسلحين، وتركز غالبية القتال في الماضي بالمناطق الريفية جنوبي شرق تركيا الذي تسكنه أغلبية كردية، لكن الحزب شن هجمات أيضاً في المناطق الحضرية.

القبض على أوجلان

وألقت القوات الخاصة التركية القبض على أوجلان بعد عدة أشهر في العاصمة الكينية نيروبي، وقضت محكمة تركية عليه بالإعدام في 1999، ثم تم تخفيف الحكم إلى السجن مدى الحياة في أكتوبر 2002، بعد أن ألغت أنقرة عقوبة الإعدام.

وبعد القبض عليه خفتت حدة القتال، ما أدى أيضاً إلى عدد من موجات وقف إطلاق النار من جانب حزب العمال الكردستاني وحده، وانسحاب المقاتلين المتمردين من تركيا.

وفي أكتوبر 2007، وافق البرلمان التركي على العمل العسكري لمدة عام واحد ضد أهداف لحزب العمال الكردستاني في العراق، إذ نفذ الجيش التركي سلسلة من الضربات في ديسمبر من ذات العام، كما بدأ عملية برية في فبراير 2008، ولكن بعد قرابة عام، عقد مسؤولون أتراك مع قادة الحزب محادثات سرية من أجل إفساح المجال للحلول السلمية، لكنها تعثرت.

وعاد الجانبان خلال عامي 2011، و2012 لعقد عدة جولات تفاوضية أثمرت في عام 2013 عن طلب حزب العمال الكردستاني من أعضائه بالانسحاب إلى شمال العراق، وإطلاق سراح 8 رهائن أتراك، ووقف إطلاق النار، الذي انهار في يوليو 2015، ما أدى إلى إطلاق العنان لأكثر الفترات دموية في الصراع بين الطرفين، وطال دمار واسع النطاق بعض المناطق الحضرية جنوبي شرق تركيا.

أين يتركز الصراع الآن؟

في السنوات القليلة الماضية، انتقل الصراع بشكل كبير إلى شمال العراق المجاور، حيث يوجد لحزب العمال الكردستاني قواعد في مناطق جبلية، ولدى تركيا عشرات المواقع العسكرية.

وشنت أنقرة عمليات ضد المسلحين هناك، تضمنت ضربات جوية بطائرات حربية وبطائرات مسيرة قتالية، وقالت بغداد إن العمليات تنتهك سيادة العراق، ولكن العراق وتركيا اتفقا على تعزيز التعاون في مواجهة حزب العمال الكردستاني الذي صنفته بغداد “تنظيماً محظوراً” لأول مرة.

وتستهدف تركيا أيضاً تنظيم “وحدات حماية الشعب” الكردي في سوريا، وتعتبره تابعاً لحزب العمال الكردستاني، ونفذت عمليات عبر الحدود إلى جانب القوات السورية المتحالفة معها لإبعاد التنظيم عن حدودها.

لكن “وحدات حماية الشعب” تقود قوات سوريا الديمقراطية “قسد” المدعومة من الولايات المتحدة، والشريك الأساسي في التحالف ضد تنظيم “داعش”، ويشكل دعم واشنطن لـ”قسد” مصدراً للتوتر بين واشنطن وأنقرة منذ سنوات.

وتعزز موقف تركيا وتأثيرها في سوريا بعد الإطاحة في ديسمبر الماضي، بالرئيس السوري السابق بشار الأسد، حيث طالبت بحل “وحدات حماية الشعب”، وطرد قادة التنظيم من سوريا، وهددت بعملية عسكرية تركية “لسحق” الجماعة حال عدم تلبية مطالبها، على حد تعبيرها.

وسعى مسؤولون أتراك، وأميركيون، وسوريون، وأكراد إلى التوصل إلى اتفاق بشأن مستقبل المقاتلين الأكراد السوريين.

قادة حزب العمال الكردستاني

رغم أن أوجلان لم يكن القائد الفعلي للحزب منذ عقود، إلا أنه لا يزال يُحظى باحترام واسع داخله، ويُنظر إليه على أنه زعيمها التاريخي، وشغل منصب “الرئيس الفخري” أثناء وجوده في السجن، أما القيادة الفعلية للحزب، فتتوزع بين القادة المتمركزين في مقره الرئيسي بجبال قنديل، وهي منطقة وعرة شديدة التحصين على الحدود الإيرانية- العراقية.

ومن بين هؤلاء القادة، المعروفين باسم “جماعة قنديل”، مراد كارايلان، وجميل بايك، ودوران كالكان، وغيرهم من الشخصيات البارزة، وغالبيتهم ينتمون إلى نفس الجيل الأيديولوجي لأوجلان، فهم أكراد وُلدوا في تركيا، وتركوا جامعاتهم المرموقة في فترة السبعينيات لتأسيس حزب العمال الكردستاني، بحسب معهد واشنطن.

وقضى أوجلان إلى الآن قرابة 26 عاماً في الحبس الانفرادي في جزيرة إمرالي، وهي جزيرة صغيرة في بحر مرمرة.

ومن خلال وسطاء من حزب “المساواة وديمقراطية الشعوب” المؤيد للأكراد، يبدو أن أردوغان قد وعد الزعيم البالغ من العمر 75 عاماً، بإمكانية مغادرة الجزيرة إلى الإقامة الجبرية في البر الرئيسي، ولكن بشرط أن يعلن عن حل حزب العمال الكردستاني، ويضمن امتثال أعضائه، بحسب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *