اخر الاخبار

بعد دمج الفصائل.. الجيش السوري بانتظار هيكلية جديدة

– بيسان خلف | لمى دياب

بعد أربعة أشهر من الاتفاق على حل جميع الفصائل العسكرية في سوريا ودمجها تحت مظلة وزارة الدفاع السورية، أعلنت وزارة الدفاع، في 17 من أيار الحالي، عن الانتهاء من دمج جميع الوحدات العسكرية ضمن الوزارة.

وأعطى وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، مهلة أقصاها عشرة أيام لالتحاق ما تبقى من المجموعات العسكرية الصغيرة بوزارة الدفاع، معتبرًا أن أي تأخير في هذا الصدد سيستلزم اتخاذ الإجراءات المناسبة وفق القوانين المعمول بها.

دمج الفصائل ذات الولاءات والتوجهات المختلفة ضمن جيش موحد في سوريا، ملف يشغل حيزًا واسعًا من الاهتمام لما يحمله من تطورات لتحقيق الاستقرار وتعزيز الوحدة الوطنية.

أفاد قيادي في الفرقة “76”، تحفظ على ذكر اسمه، ل، أن تركيا تدفع بفصائل “الجيش الوطني” الذي تدعمه عسكريًا ولوجستيًا للاندماج في وزارة الدفاع السورية قبل 1 من تموز المقبل، وهو الموعد المتوقع للإعلان عن هيكلية الجيش السوري.

بدوره، مصدر في “الجبهة الشامية”، فضل عدم ذكر اسمه، قال ل، إن فصائل “الجيش الوطني” بشمال غربي سوريا اندمجت ضمن فرق وألوية بوزارة الدفاع، بحسب حجم الفصيل.
وتابع أن هناك لجانًا من وزارة الدفاع تقوم بإحصاء ملاك الفصائل وتضمينها في الهيكلية، مشيرًا إلى أن “الجبهة الشامية” حلت نفسها وأصبحت لواء ضمن ملاك وزارة الدفاع، وما زالت بعض المقار والعناصر بانتظار أمر الوزارة.

دمج الفصائل يثير التساؤلات

دمج الفصائل العسكرية تحت مظلة وزارة الدفاع أثار الكثير من النقاشات والتساؤلات حول كفاءات الجيش الجديد، وغياب دور الضباط المنشقين عن نظام الأسد، إضافة إلى مدى قوة الجيش المبني على توحيد فصائل مختلفة الأيديولوجيا.

المحلل العسكري أحمد حمادي، يرى أن تشكيل الجيش الجديد سيكون نتاج خبرات متراكمة من الفصائل التي انضوت تحت مظلة وزارة الدفاع، إذ يتم تنظيم هذه القوى لتكون نواة جيش وطني.

وتابع حمادي، خلال حديث إلى، أن الجيش السوري الجديد لا يمتلك المقومات الكبيرة لمناهضة إسرائيل مثلًا، لكن لديه قدرات وخبرات وهو في طور التأهيل والتشكيل.

أما بالنسبة للضباط المنشقين فقال حمادي، إن منهم من كان ضمن الفصائل وهم كثر بقوا في الفصيل الذي أصبح مسماه “فرقة، لواء، كتيبة…”، كما يتم رفد قيادة الجيش بالضباط المنشقين وعاد قسم منهم وخاصة القوى الجوية.

ويتوقع حمادي أن السياسات والأيديولوجيات لن يكون لها مستقبل في الجيش السوري الجديد، إذ تم توقيع اتفاق مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وسيتم حل مشكلة الجنوب السوري بإطار وطني.

مراحل تشكيل الجيش

الباحث في الشؤون السياسية والعسكرية رشيد حوراني، خلال حديث إلى، أوضح أن دمج الفصائل تم على عدة مراحل، منها إحصاء السلاح وفرزه بحسب نوعيته (ثقيل أو خفيف أو متوسط)، ثم إحصاء العناصر، ثم دمج تلك العناصر في وحدات عسكرية كما في كل الجيوش العالمية.

وحافظت معظم التشكيلات على بعض السمات التي كانت تغلب عليها كالمناطقية أو العشائرية، لكن هذه السمات ليست هي الغالبة على المستوى الأعلى، فقد نجد مثلًا كتيبة ما تنتمي لمنطقة ما، لكن هذه السمة لا توجد على مستوى تشكيل بقوام لواء أو فرقة، وفق حوراني.

وتابع أن وزارة الدفاع دعت للتطوع بإعلان موجه للجميع ليس لمكون دون غيره، وتم تعيين 9 ضباط من محافظة السويداء في هيئة التدريب، وهي إحدى الهيئات القيادية في الجيش.

وحول الاستفادة من الكفاءات العسكرية المنشقة عن نظام بشار الأسد، بيّن حوراني أنه يجب التعامل معهم وفق القوانين المعمول بها في كل الجيوش، ويتم تشكيل الجيش السوري الجديد وفق آليات وأساليب تدريب، فعلى سبيل المثال، نسبة كبيرة من المنشقين أصبحوا خارج سن الخدمة، وبناء على تعريف العلم بأنه مجموعة التجارب في مجال معين، فإن أساليب القتال التي تم اتباعها في إسقاط النظام تختلف عما هو لدى المنشقين من علم عسكري أكاديمي.

وفيما يتعلق بالخلفية الجهادية للفصائل، عمدت إلى مراجعات عميقة ظهرت واضحة بعد وصولها إلى دمشق وتسلمها السلطة، وفق حوراني.

أشار حوراني إلى أنه لا يمكن الإفصاح عن تجهيز الجيش، ولكن بشكل عام الجيش السوري يبنى من الناحية المعنوية والجسدية والوطنية بما يرغب كل سوري أن يراه في جيش بلاده، بعد أن شوه نظام بشار الأسد المؤسسة العسكرية بالفساد والطائفية و”التفييش” و”التعفيش”.

وحول “الجيش الوطني”، ذكر حوراني أن الفصائل شاركت في معركة التحرير واستجابت لعملية الدمج منذ أعلن عنها وزير الدفاع.

سوريا ليست الأولى

مع سقوط نظام بشار الأسد، انحل جيشه تلقائيًا، وفرت بعض القيادات التي تلطخت أيديها بدماء الشعب السوري خارج سوريا، ما خلّف فراغًا بمؤسسة الجيش في سوريا، وجرى حل الفصائل العسكرية التي حاربت ضد نظام الأسد لدمجها في هيكلية واحدة تحت وزارة الدفاع.

تجربة سوريا في إعادة تشكيل جيش جديد ليست الأولى، إذ نشر مركز “حرمون  للدراسات  المعاصرة” بحثًا عن إعادة هيكلة الجيش التي تضمنت تجارب عدة دول في إعادة هيكلة جيشها بعد سيطرة الحكم العسكري الخاضع لسيطرة سلطة دكتاتورية.

ومن ضمن التجارب تجربة إسبانيا التي عانت من جيش الجنرال فرانكو، الذي استمد سلطته من سطوة الجيش على النواحي السياسية ومحاربة معارضيه، كما كان الجيش الإسباني في عهده يحتوي على قطاعات منفصلة لا تجمعها قيادة تخضع للأوامر المباشرة.

ومع تنصيب خوان كارلوس ملكًا لإسبانيا، عمل على إصلاح الجيش كخطوة أولى للإصلاح الديمقراطي، إذ بدأت مهمة الإصلاح بعدة خطوات أهمها:

  • الهيكل الدستوري القانوني: إنشاء وزارة دفاع لأول مرة لتجمع قطاعات الجيش وأسلحته بقيادة موحدة تعمل تحت الحكومة المدنية المنتخبة.
  • إقصاء الجيش شيئًا فشيئًا من الحياة السياسية، عبر تحجيم دوره الدستوري والقانوني، وتقييد القضاء العسكري وسلطته على المدنيين.
  • رفع كفاءات القوات المسلحة وجعلها محترفة، ومنع العسكريين من العمل في الوظائف المدنية.
  • تقليل عدد القوات، واعتماد معيار الكفاءة في الترقيات بدلًا من الأقدمية.
  • تحويل اهتمام القوات المسلحة إلى الوضع الإقليمي، والدخول في تحالفات عسكرية بدلًا من الوضع الداخلي.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *