اخر الاخبار

بعد‭ ‬شهرين‭ ‬على‭ ‬تشكيلها..‬ لجنة‭ ‬تحقيق‭ ‬الساحل‭ ‬بلا‭ ‬نتائج‭ ‬وتواجه‭ ‬اتهامات‭ ‬بـ”المماطلة‭”‬

– خالد الجرعتلي

لم تعلن اللجنة المكلفة بالتحقيق في أحداث الساحل السوري عن نتائج عملها حتى اليوم، في وقت تواجه فيه اتهامات بالمماطلة، وتشكيكًا بفاعلية عملها، إذ كان قرار تمديد مهمتها الصادر عن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في 10 من نيسان الماضي، أحدث الأخبار الواردة عن نشاطها.

اللجنة التي شُكّلت بمرسوم رئاسي في آذار الماضي، واجهت تساؤلات عديدة حول فاعلية نشاطها، والعقبات التي تعترض طريقها، وما إذا كان استمرار التحقيق لعدة أشهر يعكس تعثّرًا إداريًا أم ضرورة موضوعية لفهم ما جرى وتحديد المسؤوليات بدقة.

قرار الرئيس السوري تمديد عمل اللجنة لثلاثة أشهر إضافية، بعد انقضاء المهلة الأولى دون إعلان نتائج رسمية أثار تفاعلات متباينة، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبره البعض شكلًا من أشكال “المماطلة” السياسية، في وقت يرى فيه خبراء أن ربط التحقيق بمدة زمنية محددة قد لا يكون دقيقًا في ظل تعقيد الظروف والسياق الأمني والإداري الذي تعمل فيه اللجنة.

تحديات أمام اللجنة

بحسب بيان رئاسة الجمهورية حول تشكيل اللجنة الصادر في 9 من آذار الماضي، يناط باللجنة:

  • الكشف عن الأسباب والظروف والملابسات التي أدت إلى وقوع أحداث الساحل.
  • التحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون وتحديد المسؤولين عنها.
  • التحقيق في الاعتداءات على المؤسسات العامة ورجال الأمن والجيش وتحديد المسؤولين عنها.
  • إحالة من يثبت تورطهم بارتكاب الجرائم والانتهاكات إلى القضاء.

ويتعين على جميع الجهات الحكومية المعنية التعاون مع اللجنة بما يلزم لإنجاز مهامها، كما يحق للجنة الاستعانة بمن تراه مناسبًا لأداء مهامها، وترفع تقريرها إلى رئاسة الجمهورية في مدة أقصاها 30 يومًا من تاريخ صدور القرار.

الباحث في مركز “الحوار السوري” أحمد قربي، يرى أن “التحقيقات من هذا النوع تتطلب بطبيعتها وقتًا، ولا يمكن إخضاعها لمعيار زمني صارم”، مضيفًا أن تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في 5 من أيار الحالي، أوصى بشكل صريح بضرورة منح اللجنة الوقت الكافي لإتمام مهامها، بما في ذلك الاستقصاء الميداني وجمع الأدلة وتحليل الشهادات.

وأضاف قربي ل أنه في بعض الحالات، قد تستغرق لجان التحقيق شهرًا واحدًا، وفي أخرى قد تمتد لعدة أشهر، لافتًا إلى أن المسألة الأساسية تكمن في مدى الشفافية والعدالة في النتائج، ومدى إعلانها على الملأ، لا في مدة التحقيق بحد ذاتها”.

واعتبر الباحث أن اللجنة التي تشكلت على خلفية أحداث دامية وقعت في الساحل السوري خلال فترة امتدت لعدة أيام، تواجه عددًا من التحديات، بعضها مرتبط بالبنية المؤسسية، وأخرى بسياق العمل الميداني.

وقال قربي، “لا تزال هياكل بعض المؤسسات السيادية، كوزارتي الدفاع والداخلية، غير مكتملة، وهذا يعني غياب قواعد بيانات متكاملة أو أدوات تحقيق جاهزة، ما يعرقل الوصول السريع إلى نتائج حاسمة”.

وأضاف أن ما جرى في الساحل على مدى ثلاثة أو أربعة أيام، تخللته انتهاكات، لكن “ما مدى هذه الانتهاكات؟ وما حجمها الحقيقي؟ وهل كانت ممنهجة؟”، ولفت إلى أن السلطة نفسها أقرت بوقوع تجاوزات، والدليل هو تشكيل اللجنة، لكن هذه الأسئلة لا تزال من دون إجابات واضحة حتى الآن، في ظل استئناف عمل لجنة التحقيق.

واعتبر الباحث أن طبيعة الفصائل الموجودة في المنطقة تُعد من “التحديات البارزة”، إذ إن بعض الفصائل لم تُدمج ضمن وزارة الدفاع، وقد يشكل ذلك عائقًا أمام أعمال اللجنة، خاصة إذا أدى التحقيق إلى احتمالية محاسبة أطراف من هذه الفصائل.

وحذر قربي من وجود “تيار ضمن فلول النظام السابق” يحاول تضخيم القضية وتسييسها، مستغلًا التفاوت في أرقام الضحايا الصادرة عن جهات مثل “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، ومنظمة العفو الدولية، والأمم المتحدة.

الشفافية عامل أساسي

رغم أن قرار تشكيل اللجنة، أعطى الأعضاء الحق وصلاحية “الاستعانة بمن تراه مناسبًا لأداء مهامها”، قالت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” الحقوقية، إنها لم تحصل على أي معطيات توحي برغبة اللجنة في التعاون مع المنظمات الحقوقية السورية والدولية والأممية.

واعتبر تقرير صادر عن المنظمة السورية التي تتخذ من فرنسا مقرًا لها، أن غياب التعاون مع الجهات المذكورة قد يبعث رسائل بأن اللجنة “تعمل بمعزل عن أي مراقبة من جهات مستقلة، ما يضعف مصداقيتها”.

ولفت تقرير المنظمة إلى ضرورة أن تعتمد اللجنة في تحقيقاتها على أدلة مادية موثوقة تشمل مقابلة ذوي الضحايا وتوثيق شهاداتهم ومعاينة الأدلة التي يقدمونها، لكشف أي أنماط ممنهجة في عمليات القتل الجماعي، وتحليل الأدلة البصرية بطريقة لا تقبل الشك، مثل التسجيلات المصورة والصور التي توثق المجازر، باستخدام تقنيات التحقق الرقمي لضمان دقة البيانات، كما أوصى التقرير، اللجنة، بإشراك المنظمات الحقوقية السورية والاستعانة بخبرات الاختصاصيين في هذا المجال.

الباحث أحمد قربي قال ل، إن الاستعانة بالمنظمات الأممية أو الدولية ليست غاية بحد ذاتها، وإنما وسيلة لدعم اللجنة فنيًا وتقنيًا إذا استدعى الأمر ذلك.

وأضاف أن اللجنة تمتلك خبرات حقوقية واجتماعية وطبية، تؤهلها للوصول إلى نتائج أقرب للواقع، لكن الشفافية تظل العامل الأساسي في كسب ثقة الرأي العام.

وفي وقت سابق، دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى “إشراك أطراف دولية محايدة للمساعدة في مراقبة سير التحقيقات بالمناطق التي شهدت اضطرابات واسعة، خصوصًا في ظل غياب آليات محاسبة وطنية فعالة”.

وأشار قربي في ختام حديثه إلى أن ما تحتاج إليه اللجنة ليس تحديد زمن مثالي للتحقيق، بل “ضمان آلية عمل واضحة وشفافة”.

وانتقد ما وصفه بـ”غياب قنوات التواصل الواضح مع الرأي العام”، مؤكدًا أن اللجنة لم تعقد حتى الآن مؤتمرات صحفية تشرح ما أُنجز، وما تبقى، وكم من الوقت تحتاج.

ولفت إلى أن من المبكر الحكم على نتائج اللجنة قبل صدورها، لكن من حق المجتمع أن يطلع على المسار العام لهذه التحقيقات، لضمان المصداقية وانسجامها مع ما صدر من تقارير محلية ودولية.

ما آلية عمل اللجنة

بعد مرور يومين على تأسيسها، أوضحت اللجنة المكلفة من الشرع، للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري، آلية عملها، خلال مؤتمر صحفي عقد في دمشق.

وأوضح المتحدث باسم اللجنة، المحامي ياسر الفرحان، أن اللجنة ستضع برنامجًا لمقابلة الشهود وكل من يمكنه المساعدة في التحقيق، وتحديد المواقع التي يجب زيارتها، ووضع آليات للتواصل مع اللجنة، والتي سيتم الإعلان عنها قريبًا.

وقال الفرحان، إن اللجنة ستكون موجودة على الأرض، وستستمع إلى شهود عيان، ولن تكتفي بما ينشر على وسائل التواصل من مقاطع مسجلة.

وأضاف أن اللجنة ستفصح عن نتائج تحقيقات اللجنة، وستلتزم بالحفاظ على خصوصية الشهود وستقدم هذه النتائج إلى القضاء والمحاكم المختصة.

وفي 7 من نيسان الماضي، قال ياسر الفرحان، في تصريحات لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، إن اللجنة “لن تعلن نتائجها إلا إذا توصلت إلى قناعات مدعومة بالحجج والأدلة في ترجيح الحقائق وتوصيف الانتهاكات وتحديد هوية المشتبه بهم، وهذا يحتاج أولًا إلى تحليل كل الشهادات وفحصها، واستنتاج التكييف القانوني للأفعال والوصول إلى نتائج محددة وتوصيات”.

الفرحان لفت إلى أن اللجنة تلتقي وجهاء وقيادات مجتمعية في الساحل بكل مكوناته، وتستمع إليهم بكل اهتمام وتناقشهم من أجل فهم السياقات التي يطرحونها للوقائع.

ولم يصدر عن اللجنة حتى لحظة تحرير هذا التقرير أي نتائج حول أحداث الساحل السوري.

مئات القتلى خلال أيام

وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 803 أشخاص في الفترة ما بين 6 و8 من آذار الماضي، في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة.

وقالت “الشبكة”، إن الانتهاكات وقعت بعد هجوم ما أسمته “المجموعات المسلحة الخارجة عن إطار الدولة والمرتبطة بنظام الأسد”، التي نفذت هجمات منسقة استهدفت مواقع أمنية وعسكرية تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية.

الهجمات دفعت الحكومة إلى شن عمليات واسعة، وشاركت فيها فصائل وتنظيمات إسلامية أجنبية منضوية “شكلًا” في وزارة الدفاع، بالإضافة إلى مجموعات محلية من المدنيين المسلحين، وسرعان ما تحولت إلى مواجهات عنيفة ارتُكبت خلالها انتهاكات جسيمة واسعة النطاق.

ووفق “الشبكة”، كان للفصائل المحلية والتنظيمات الإسلامية الأجنبية التابعة “شكليًا” لوزارة الدفاع، الدور الأبرز في ارتكاب الانتهاكات، التي اتسم معظمها بطابع انتقامي وطائفي.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *