قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، إن روسيا والولايات المتحدة لا تزالان تعملان ضمن إطار الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في قمة ألاسكا بشأن أوكرانيا، مشيراً إلى وجود تفاهم بشأن كيفية حل الصراع سلمياً، لكنه لفت إلى أن هذه القضايا “معقدة”، معرباً عن دعمه لجهود الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء حرب غزة.
وأضاف بوتين خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الطاجيكستانية دوشنبه، أن الولايات المتحدة بقيادة ترمب تسعى بصدق للتوصل إلى تسوية سلمية في أوكرانيا، مؤكداً أن نظيره الأميركي يبذل جهوداً كبيرة لحل أزمات مستمرة منذ عقود.
وتابع: “اتفقتُ أنا ودونالد (ترمب) على ضرورة بحث هذه القضية في موسكو والتحدث مع زملائنا وحلفائنا لمناقشة هذه القضية. وقد أكد لي الأمر نفسه. هذه قضايا معقدة تتطلب مزيداً من الدراسة، لكننا ملتزمون بالمناقشات التي جرت في أنكوريج بألاسكا”.
وعلّق بوتين خلال المؤتمر الصحافي على نقل صواريخ “توماهوك” إلى أوكرانيا، قائلاً: “هناك الكثير من الاستعراض هنا”، وقال رداً على سؤال بشأن جائزة “نوبل”: “لا أعلم ما إذا كان الرئيس الأميركي الحالي يستحق جائزة نوبل أم لا، لكنه في الواقع يبذل الكثير من الجهود لحل الأزمات المعقدة التي تستمر لسنوات، بل وعقود” .
وفيما يتعلق بخطة السلام في غزة، شدد بوتين على دعم روسيا لمبادرات ترمب في الشرق الأوسط، معتبراً أن نجاح هذه الجهود سيكون “حدثاً تاريخياً”.
وأوضح بوتين أن روسيا تتمتع بمستوى عالٍ من الثقة لدى الدول العربية وفلسطين، مؤكداً أن “الأمر الأساسي هو إقامة دولة فلسطينية”، وأشار إلى أن القمة الروسية العربية جرى تأجيلها بمبادرة منه، مؤكداً التزام بلاده بدعم مسار السلام الذي تقوده الولايات المتحدة في المنطقة.
تمديد “نيو ستارت”
وتطرق الرئيس الروسي إلى مبادرته لتمديد معاهدة “ستارت الجديدة”. وقال: “هل ستكون هذه الأشهر القليلة كافية لاتخاذ قرار بشأن التمديد؟ أعتقد أن هذا سيكون كافياً إذا توافرت النية الحسنة لتمديد هذه الاتفاقيات”.
وفي الوقت نفسه، أكد بوتين أن رفض الولايات المتحدة “لن يكون حاسماً بالنسبة لروسيا، مع أن مثل هذا القرار سيكون مؤسفاً”، وقال في هذا الصدد: “نحن مستعدون للتفاوض إذا كان ذلك مقبولاً ومفيداً للأميركيين وإن لم يكن كذلك، فلا. لكن سيكون ذلك مؤسفاً، لأنه لن يتبقى حينها أي شيء من حيث الردع في مجال الأسلحة الاستراتيجية الهجومية”.
وأوضح الرئيس الروسي أن بعض الدول “تستعد لإجراء تجارب نووية”، مؤكداً أن موسكو سترد بالمثل، إذا قررت بعض الدول إجراء تجارب حقيقية للأسلحة النووية.
وتمتلك روسيا والولايات المتحدة معاً، حوالي 90% من جميع الأسلحة النووية، إذ يبدو أن أحجام مخزونات الأسلحة العسكرية لكلٍّ من الدولتين (أي الرؤوس الحربية الصالحة للاستخدام) قد استقرت نسبياً في عام 2024، إلا أنهما تُنفّذان برامج تحديث واسعة النطاق من شأنها أن تزيد من حجم ترساناتهما وتنوعها مستقبلاً.
وأكد بوتين أن الحفاظ على “رابطة الدول المستقلة” وتعزيزها أمر بالغ الأهمية، مشيراً إلى أن الرابطة “لا تفقد أهميتها، بما في ذلك الإنسانية”، وقال: “من المهم لروسيا ودول آسيا الوسطى عدم الانفصال عن بعضها البعض، فموسكو والمنطقة تجمعهما الكثير من القواسم المشتركة”.
وتابع: “يجب ألا نكتفي بالعيش في ظل هذه الظروف، بل أن ننظر أيضاً في كيفية تجهيز هذه المساحة، وكيف يمكننا المضي قدماً دون فقدان المزايا التنافسية التي نشأت نتيجة إنشاء نظام لوجستي موحد وتعاون صناعي موحد في الاتحاد السوفيتي السابق، ورمز ثقافي موحد، على الرغم من تنوع ثقافات وشعوب الاتحاد السوفيتي. رابطة الدول المستقلة مدعوة للحفاظ على كل هذا”.
وأشار إلى أن “رابطة الدول المستقلة لم تفقد أهميتها. والغرض الأساسي منها، بما في ذلك على وجه الخصوص بعده الإنساني”.
“طاجيكستان شريك مهم”
وتطرق الرئيس الروسي إلى العلاقات الروسية مع طاجيكستان، قائلاً إنها “شريك مهم”، مضيفاً: “طاجيكستان شريك مهم لنا…هي بشكل عام شريك مهم في آسيا الوسطى”.
وتابع بوتين: “يكفي ذكر تعاوننا في مجال الطاقة، بما في ذلك الطاقة الكهرومائية… وهناك مجالات أخرى، منها ما يتعلق باستخراج المعادن. كل هذا ذو أهمية بالغة لاقتصادنا. ولكنه تعاون متبادل، أعني للاقتصادين الروسي والطاجيكستاني على حد سواء”، فيما وصف طاجيكستان بأنها واحدة من أقوى مجموعات الطاقة الكهرومائية.
كما تناول الرئيس بوتين العلاقات الروسية مع أذربيجان، قائلاً إن البلدين “لم يشهدا أزمة علاقات دولية، بل واجهتا أزمة مشاعر نتيجةً حادث تحطم طائرة (أزال) المأساوي”، وأضاف أن “التحقيق في حادث تحطم الطائرة الأذربيجانية تطلب عملاً مهنياً مسؤولاً”.
وقال: “التحقيق جارٍ الآن، وبشكل عام، كل شيء واضح. هناك تفاصيل وتفاصيل دقيقة أخرى يجب على المتخصصين صياغتها وفقاً لذلك. هذا ما تحدثنا عنه أمس مع رئيس أذربيجان”، معرباً عن أمله في أن تكون موسكو وباكو قد طوتا صفحةً جديدةً بعد تحطم طائرة “أزال”.
وتطرق بوتين أيضاً إلى الوضع في أفغانستان المجاورة، مشيراً إلى أن الحكومة الحالية تبذل قصارى جهدها لتطبيع الوضع في البلاد، ولكن لا تزال هناك مشاكل كثيرة، فيما شدد الرئيس الروسي على ضرورة أن يكون “كل شيء على الحدود بين طاجيكستان وأفغانستان مستقراً”.