قالت مصادر مقربة من الكرملين، السبت، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلص إلى أن التصعيد العسكري أفضل الطرق لإجبار أوكرانيا على التفاوض وفق شروطه، وأن نظيره الأميركي دونالد ترمب “من غير المرجح” أن يعزز دفاعات كييف، حسبما ذكرت “بلومبرغ”.
وأوضحت المصادر أن بوتين “ينوي مواصلة استهداف شبكة الطاقة في كييف وغيرها من البنى التحتية”، وأضافت أن المحادثات التي عقدت في ألاسكا مع ترمب، الشهر الماضي، جعلت بوتين “مقتنعاً بأن الرئيس الأميركي لا مصلحة له في التدخل في الصراع”.
وأشارت إلى أن بوتين “يراقب أيضاً الحرب الإسرائيلية على غزة”، ويرى أن التوغل الإسرائيلي في القطاع الفلسطيني “أشد وطأة” من حرب روسيا في أوكرانيا، ولكنها “لاقت قبولاً واسعاً من الحكومات الغربية، ما قلل من انتقاداتها لموسكو”.
وشددت المصادر على أن الرئيس الروسي سيظل منخرطاً في أي حوار مستمر مع الولايات المتحدة، لكنه سيواصل القيام بما يراه في مصلحة موسكو.
وتُبرز تكتيكات موسكو الأخيرة مدى جرأة الكرملين في ظل مؤشرات ضبط النفس الصادرة عن واشنطن، وهو يواصل حرب استنزاف تهدف إلى إجبار أوكرانيا على تقديم تنازلات، إذ يرى المسؤولون الروس أن هذه الاستراتيجية قد تُضعف دفاعات كييف، وتُمهّد الطريق لمفاوضات مستقبلية.
وبعد أكثر من أسبوعين بقليل من قمة ألاسكا، التي عقدت الشهر الماضي، قال بوتين إنه رأى “نوراً في نهاية النفق”، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أنه لا يزال مستعداً “لإنجاز المهام بالوسائل العسكرية”، بعد تعثر القمة في التوصل إلى اتفاق بشأن الحرب في أوكرانيا.
في أنكوريج، كبرى مدن ألاسكا، عرض بوتين وقف القتال وتجميد خط التماس في جنوب أوكرانيا، إذا وافقت كييف على التنازل عن أراضٍ غير محتلة في منطقتين شرقيتين.
وكان الرئيس الروسي طالب أوكرانيا سابقاً بتقييد حجم قواتها المسلحة والتخلي عن هدفها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكن مصادر مقربة من الكرملين، أكدت رفض أوكرانيا هذه الشروط، ويعتقد بوتين أن ذلك يبرر تصعيده.
انتصارات الشتاء الروسية
وصعّدت القوات الروسية هجماتها على الأهداف العسكرية والمدنية في أوكرانيا منذ لقاء ترمب وبوتين في أنكوريج الشهر الماضي، فيما رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي طلب بوتين بالتخلي عن المزيد من الأراضي في شرق أوكرانيا.
وانخفضت هجمات روسيا بعيدة المدى على المناطق الحضرية في أوكرانيا خلال الفترة التي سبقت القمة، لكنها تزايدت منذ ذلك الحين، وفق الوكالة.
وبحسب بيانات رصدتها “بلومبرغ” من قيادة القوات الجوية الأوكرانية، فقد زادت هجمات المسيرات الروسية والصواريخ بنحو 46% في الشهر الذي تلا المحادثات.
ولكن مع ازدياد شدة الضربات الجوية، تباطأت وتيرة التقدم الإقليمي الروسي، رغم الجهود المبذولة لزيادة الضغط على طول خط المواجهة، إذ أعادت روسيا نشر 100 ألف جندي لمهاجمة مدينة بوكروفسك، المعقل الأوكراني في منطقة دونيتسك، وفق الوكالة.
من جانبه، كثّف الجيش الأوكراني هجماته بالطائرات المسيرة على البنية التحتية للطاقة الروسية، بهدف تقليص إمدادات الوقود إلى خطوط المواجهة، وقد استهدف الجيش الأوكراني منشآت معالجة النفط التي تُمثل حوالي نصف إجمالي طاقة التكرير الروسية، رغم أن حجم انقطاع إمدادات الوقود الفعلي أقل بكثير من ذلك.
وأعرب ترمب هذا الأسبوع عن إحباطه من نهج بوتين، وطرح فكرة فرض عقوبات أشد على موسكو وحلفائها لقطع عائدات النفط الروسية، لكنه في الوقت نفسه، يُصر على أن يتخذ حلفاء كييف الأوروبيين إجراءات صارمة قبل أن تُقدم الولايات المتحدة على أي خطوة.
ودعا ترمب دول مجموعة السبع إلى فرض رسوم جمركية على الصين والهند، عقاباً على شراء الغاز الروسي، في وقت يناقش فيه المسؤولون إجراءات إضافية ضد الكرملين، كما يدرس الاتحاد الأوروبي حزمة عقوبات أخرى ويخطط لتسريع التخلص التدريجي من الغاز الطبيعي المسال الروسي.