بوتين يمهد لعودة الشركات الغربية وسط تقارب أميركي-روسي محتمل

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حكومته بالاستعداد لعودة الشركات الغربية إلى السوق الروسية، في إشارة إلى احتمال حدوث انتعاش اقتصادي ناتج عن التقارب الجاري بين موسكو وواشنطن.
وأكد بوتين، الجمعة، رغبته في منح الشركات الروسية “امتيازات معينة” مقارنة بـ”تلك التي تعود إلى سوقنا”، في خطوة تُفسَّر على أنها رد على العقوبات الغربية، وفقاً لصحيفة “فاينانشيال تايمز”.
وتعد هذه التصريحات أول مؤشر رفيع المستوى على استعداد روسيا لاستقبال الشركات الغربية مجدداً، بعد أن دفعت الحرب في أوكرانيا قبل 3 سنوات مئات الشركات الأجنبية إلى مغادرة السوق الروسية.
ووفقاً لمعهد الاقتصاد في كييف، فقد غادرت 472 شركة أجنبية روسيا بالكامل، فيما خفضت 1360 شركة أخرى عملياتها داخل البلاد.
عودة بشروط
وجاءت تصريحات بوتين بعد مكالمته الأخيرة مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، والتي أعقبتها محادثات رفيعة المستوى بين البلدين في السعودية، وهي الأولى من نوعها منذ 3 سنوات، حيث أبدى الطرفان اهتماماً بإعادة التعاون الاقتصادي.
وقال كيريل دميترييف، رئيس صندوق الثروة السيادي الروسي، الذي ساهم في ترتيب المحادثات، إن الشركات الأميركية تكبدت خسائر بقيمة 324 مليار دولار جراء انسحابها من السوق الروسية، وتوقع أن يبدأ بعضها في العودة هذا العام.
ومع ذلك، تشير تقديرات معهد كييف إلى أن الشركات الأميركية لم تكن تمتلك سوى أصول بقيمة 52 مليار دولار في روسيا، بينما لم يتجاوز إجمالي إيراداتها هناك 36 مليار دولار بين عامي 2021 و2023.
ورغم أن بعض الشركات الأميركية أبدت اهتماماً حذراً باستئناف أنشطتها في روسيا، إلا أن أيّاً منها لم يتخذ خطوات فعلية للعودة بعد، وفقاً لما نقلته “فاينانشيال تايمز” عن أشخاص مطلعين على الأمر.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن بلاده لن تسمح بعودة الشركات الغربية “إلا في القطاعات التي لا تشكل خطراً على الاقتصاد الروسي في حال تراجعت هذه الشركات مجدداً عن التزاماتها”.
وفي ظل الجدل الدائر بين كبار المسؤولين الروس حول عودة الشركات الغربية، أشار البعض إلى إمكانية عودة شركات مثل “فيزا” و”ماستركارد” وبعض العلامات التجارية الفاخرة.
صعوبات عديدة
وصرّح مانتوروف بأن روسيا مستعدة لمناقشة استئناف التعاون مع شركة بوينج، التي كانت سابقاً واحدة من أكبر مشتري التيتانيوم الروسي، لكنه أقر بأن الحكومة لم تُجر أي محادثات مع شركة تصنيع الطائرات الأميركية حتى الآن.
وأشار مسؤولون آخرون إلى أن الشركات الغربية ستواجه صعوبة كبيرة في استعادة موقعها في السوق الروسية، بعدما حلّت محلها شركات محلية، يتمتع العديد منها بصلات قوية مع كبار المسؤولين في الكرملين.
وقال عمدة موسكو، سيرجي سوبيانين، الجمعة، إن شركة رينو الفرنسية “لن تكون لها فرصة تُذكر” للعودة إلى السوق الروسية، بعدما رفض رئيسها التنفيذي استبعاد هذا الاحتمال.
وكانت رينو قد باعت حصتها المسيطرة في شركة أفتوفاز الروسية في عام 2022، لكنها لا تزال تحتفظ بخيار إعادة الشراء لمدة 6 سنوات.
من جانبها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن الشركات الغربية “ليست كيانات اقتصادية، بل أدوات تستخدمها الأنظمة المعادية في حرب هجينة ضد روسيا، ووافقت على المشاركة فيها”.
وهددت زاخاروفا بفرض “عواقب على الشركات التي تنتمي لدول لا تُظهر احتراماً كافياً للجيشين الروسي والسوفيتي”.