اخر الاخبار

“بولاريس داون”..مهمة ترصد تأثير رحلات الفضاء على صحة الإنسان

أفاد أفراد طاقم مهمة “بولاريس داون” التابعة لـ “سبيس إكس”، بعد رحلة استمرت 4 أيام في سبتمبر الماضي، بمواجهة مشكلات جسدية مختلفة أثناء رحلتهم التاريخية، والتي أرسلت رواد الفضاء الخاصين إلى مدار أعلى حول الأرض، لم يسبق لأي إنسان أن وصل إليه منذ عقود.

ووفقاً لشبكة CNN، فقد طار جاريد إسحاقمان وطاقمه المكون من 3 أفراد وهم سكوت بوتيت، وسارة جيليس، وآنا مينون، في مدار إهليلجي أخذهم إلى مسافة 1400 كيلومتر بعيداً عن الأرض، وهي أبعد مسافة يقطعها.

ويخلف السفر إلى الفضاء مع قوى الجاذبية المزعجة وانعدام الوزن المربك، مجموعة متنوعة من التأثيرات على جسم الإنسان، تتراوح من غير المريحة إلى الخطيرة تماماً.

وفي هذا لإطار سعت مهمة “بولاريس داون”، وهي رحلة مدتها 5 أيام إلى المدار نفذها القطاع الخاص وليس “ناسا”، إلى المضي قدماً في هذا البحث، على أمل كشف بعض أكثر جوانب رحلات الفضاء إزعاجاً.

وخلال المهمة، أجرى الطاقم مجموعة متنوعة من التجارب التي تركز على الصحة، بما في ذلك ارتداء عدسات لاصقة خاصة تقيس ضغط أعينهم والخضوع لفحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لتتبع التغيرات في تشريح أدمغتهم.

كما سعى فريق المهمة إلى إيجاد إجابات للمشكلات الصحية، لأنها تهدف إلى تمهيد الطريق أمام المغامرين لخوض تجربة في الفضاء، إذ عرفت “ناسا” هذه الأمراض منذ فترة طويلة ودرستها، بعد أن أبلغ رواد الفضاء في الوكالة عن مثل هذه الأعراض لعقود من الزمن.

تجربة “سايبورغ”

وقال سكوت بوتيت، وهو طيار سابق في القوات الجوية الأميركية، للدكتور سانجاي جوبتا من شبكة CNN في مقابلة أجريت معه مؤخراً: “بدأت حدة بصري تتدهور في تلك الأيام القليلة الأولى”.

ومع ذلك، قال بوتيت إن رؤيته كانت أقل حدة بشكل ملحوظ خلال الأيام القليلة الأولى في الفضاء، وهو ما قد يشير إلى حالة تسمى “متلازمة العين العصبية” المرتبطة بالرحلات الفضائية، أو SANS.

وأفاد بوتيت بأن بصره عاد بسرعة إلى طبيعته على الأرض، وبينما عانى من فقدان البصر المؤسف أثناء الرحلة، قال بوتيت إنه “سعيد بالإبلاغ عن أنه لم يشعر بالغثيان المرتبط عادة بمتلازمة التكيف مع الفضاء، والتي وصفها بأنها “مثيرة للسخرية إلى حد ما”.

وقال: “يفترض الناس أن هناك علاقة بين دوار الحركة (على الأرض) ومتلازمة التكيف مع الفضاء. لدي ميل للإصابة بدوار الحركة في الجزء الخلفي من سيارة أوبر، لكنني في الواقع لم أشعر بأي من هذه الأعراض في الفضاء”.

وتقدر “ناسا” أن ما يصل إلى 70% من رواد الفضاء يعانون هذه الحالة، والتي قد تكون ناجمة عن تحول السوائل الجسدية، ما يؤدي إلى تغيرات في ضغط العينين.

وربما ظهرت تغيرات الرؤية لدى بوتيت في البيانات التي تم جمعها بواسطة العدسات اللاصقة الخاصة التي يرتديها الطاقم، والتي أطلقوا عليها اسم “تجربة سايبورج”. 

وقالت الدكتورة أليسون هايمان، الباحثة والأستاذة المساعدة في جامعة كولورادو بولدر، التي قادت تجربة “سايبورج”، إن الباحثين “لم يتلقوا بعد بيانات أولية من المهمة”.

التكيف مع الفضاء

بدورها، أفادت زميلته في الطاقم آنا مينون، وهي مهندسة في “سبيس إكس” كانت مسؤولة طبية عن مهمة “بولاريس داون”، إنها أصيبت بمتلازمة “التكيف مع الفضاء”. 

وتؤثر هذه الظاهرة على ما يقرب من 60 إلى 80% من الأشخاص الذين يسافرون إلى المدار، رغم أن رواد الفضاء نادراً ما يناقشون المرض علانية.

وقالت مينون: “يمكن أن يشعر الرائد بطيف كامل من الدوار والغثيان وصولاً إلى القيء. لقد عانيت حقاً من مجموعة كاملة من تلك المشاكل”.

وتابعت: “منحني ذلك تقديراً كبيراً لكيفية تأثيره على قدرتك على العمل وإنجاز الأمور، خاصة في تلك الأيام المبكرة من التكيف”.

من جانبه، قال جاريد إسحاقمان، المؤسس الملياردير لشركة Shift4 لتكنولوجيا الدفع، والذي ساهم في تمويل المهمة غير المسبوقة وكان قائدها: “لقد ذهب حوالي 600 شخص إلى المدار في السنوات الـ60 الماضية، أكثر من نصفهم أصيبوا بمتلازمة التكيف مع الفضاء”. 

وأضاف: “إذا كنت تفكر في المستقبل، حيث يعيش الآلاف من الناس في الفضاء وفي النهاية، بعد أشهر من الرحلة الفضائية يعود الناس ونسبة كبيرة منهم يعانون تغيرات في الرؤية تجعلهم غير قادرين على القيام بعملهم، فهذه مشكلة كبيرة”.

وقبل الإقلاع، قال إسحاقمان، العضو الوحيد في الطاقم الذي لديه خبرة سابقة في السفر إلى الفضاء، إن الأدوية التي يتم إعطاؤها لعلاج أعراض متلازمة التكيف مع الفضاء “يمكن أن تجعل الناس ينامون لمدة 8 ساعات”.

كما أشارت سارة جيليس، مهندسة عمليات “سبيس إكس”، والتي كانت أخصائية مهمة على متن “بولاريس داون”، إلى أن أعضاء الطاقم خضعوا لفحوصات الدم قبل وبعد المهمة، لتقييم كيفية تجاوب أجسامهم للأدوية في المدار مقابل الأرض.

حزم إشعاعية وتجاويف الدماغ 

وخلال مهمة سبتمبر، أجرى طاقم “بولاريس داون” أول سير تجاري في الفضاء، بالإضافة إلى المغامرة في النطاق السفلي من أحزمة فان ألين الإشعاعية للأرض (مناطق داخل المجال المغناطيسي للأرض حيث توجد برك من الإشعاع من الشمس).

ولم تكشف التقارير الأولية من طاقم “بولاريس داون” عن أي آثار صحية محددة من التعرض للإشعاع، على الرغم من أن إسحاقمان قال إنه رأى “شرارات أو أضواء” عندما أغمض عينيه، تماماً كما أفاد رواد فضاء “ناسا” الآخرون الذين خاضوا مغامرة عبر بيئات عالية الإشعاع، إذ لا تزال هذه الظاهرة “مبهمة وغير واضحة”، بحسب CNN.

وتضمنت تجربة أخرى خضع لها الطاقم لفهم الأمراض في الفضاء سلسلة من عمليات مسح التصوير بالرنين المغناطيسي قبل الإقلاع مباشرة وبعد العودة إلى الأرض مباشرة.

وقال إسحاقمان إن الطاقم كان لديه جهاز تصوير محمول خارج منشأة الحجر الصحي الخاصة بهم.

ووفقاً للدكتورة دونا روبرتس، نائبة كبير العلماء في المختبر الوطني لمحطة الفضاء الدولية والتي أمضت سنوات في البحث في تأثيرات الرحلات الفضائية على بنية الدماغ، فقد تضمنت التغييرات تحول الأدمغة إلى أعلى في جماجم رواد الفضاء. 

وأشارت إلى أن المراجعات الأولية لبيانات التصوير بالرنين المغناطيسي “لم تظهر أي نتائج سريرية مثيرة للقلق”، لكنها أشارت إلى أن الرحلات الفضائية يمكن أن تؤدي إلى توسيع التجاويف المملوءة بالسوائل في وسط الدماغ، والتي تسمى البطينات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *