اخر الاخبار

تأخر صيانة مياه ريف دمشق يرهق السكان ويكشف ضعف التمويل

– مارينا مرهج

يشتكي المقيمون في محافظة ريف دمشق من طول الفترة التي تستغرقها عمليات الإصلاح لمعدات الشبكة المائية المغذية لمناطقهم، ما يدفعهم للاعتماد على المجتمع المحلي لجمع تكاليف الإصلاح، خاصة المناطق التي يعتمد قاطنوها بشكل كبير على الآبار المحلية للحصول على حاجتهم من مياه الشرب.

ورصدت عددًا من شكاوى المواطنين في مناطق مختلفة من ريف دمشق، وتواصلت مع لجان الأحياء وعدد من رؤساء الوحدات المائية، للوقوف على المشكلات التي يعانيها القطاع في عمليات تأهيل وصيانة الشبكات المائية، والآلية التي يتم اتباعها خلال عملية الإصلاح.

وتنقسم مناطق ريف دمشق من حيث التغذية بمياه الشرب إلى:

المناطق المحيطة والقريبة من محافظة دمشق، وتجري تغذيتها من خلال ضخ جزء من مياه دمشق، بالإضافة إلى الآبار المحلية في كل منطقة.
المناطق البعيدة من دمشق مثل: النبك، قارة، النشابية، حران العواميد، الزبداني، سعسع، قطنا، وغيرها، وتجري تغذيتها عبر مشاريع الآبار الخاصة بكل منطقة، بالإضافة إلى الآبار ذات التراخيص الزراعية أو المنزلية.

معدات متهالكة وتعديات على الشبكة

توجهت إلى المؤسسة العامة لمياه الشرب في محافظة دمشق وريفها، في 30 من نيسان الماضي، والتقت المدير العام للمؤسسة، أحمد درويش، للبحث في الإشكاليات التي يعاني منها الأهالي.

وأوضح درويش أن واقع الشبكة المائية في محافظة ريف دمشق يعاني من تحديات كبيرة، أهمها عدد المضخات المائية المتوقفة عن العمل وتحتاج إلى صيانة، والتي تقدر بحوالي 1500 مضخة مائية بدافعة أفقية من أصل 4000 مضخة.

وتعجز المؤسسة عبر ورشاتها عن إصلاح هذا العدد دفعة واحدة، ما يستلزم ترتيب أولويات الصيانة حسب أهمية المضخة ضمن المنطقة الموجودة فيها، بحسب درويش، وعادة ما يتم الإصلاح عن طريق عقود النفقة، أو العقود الاستثمارية.

وحول الفترة الزمنية الطويلة التي تجري فيها عمليات الإصلاح والصيانة، قال المدير العام للمؤسسة العامة لمياه الشرب في محافظة دمشق وريفها، إن هناك الكثير من الإجراءات الورقية التي تحتاج إلى ما بين أسبوع وعشرة أيام، والتي يترتب على مدير الوحدة المائية القيام بها من لحظة كشف الخلل لغاية إصلاحه، وهي إجراءات روتينية لا يمكن الخروج عنها، إلا أن الاهتمام من قبل مدير الوحدة المائية ومتابعته للطلب مع المعنيين قد تسرع من وتيرة الإصلاح، مؤكدًا عدم رفض أي طلب إصلاح يصل إليه بشكل تراتبي.

وتتكرر أعطال المضخات المائية التي تقوم بضخ مياه الشرب من الآبار إلى المشتركين، نتيجة قدمها وتهالكها، وانتهاء عمرها التصنيعي، بالإضافة إلى تكرار عمليات الإصلاح والصيانة نتيجة تغير التوتر الكهربائي.

كما تتعرض الشبكات المائية في محافظة ريف دمشق لتعديات كبيرة من نهب وسرقة وتخريب، وتصل يوميًا إلى المؤسسة تقارير عن سرقات لمحولات كهربائية تقوم بتشغيل المضخات في أوقات انقطاع التيار الكهربائي، ولوحات كهربائية خاصة بالبئر، وكوابل تصل المضخات بالشبكة الكهربائية الرئيسة، وقامت بعض المجتمعات المحلية بتعيين حراس من قبلها، لحماية الممتلكات التي تعود بالنفع عليهم بشكل أساسي.

ولا تقتصر التعديات على الشبكة المائية على السرقات فقط، بل هناك من يقوم بحفر آبار خاصة بطرق غير شرعية ودون الحصول على التراخيص اللازمة من قبل هيئة الموارد المائية.

ميزانية غير كافية ونقص في الكوادر

لا تكفي الميزانية المخصصة للمؤسسة العامة لمياه الشرب في محافظة دمشق وريفها، ففي حين تبلغ تكلفة أولويات المشاريع الاستثمارية للمؤسسة حوالي 44 مليون دولار أمريكي، حتى تتمكن من إيصال مياه الشرب إلى جميع مناطق دمشق وريفها، تبلغ الميزانية المخصصة للمؤسسة 7 ملايين دولار، بحسب المدير العام للمؤسسة، أحمد درويش.

وتعتمد المؤسسة على الجهات الداعمة من المنظمات المحلية والدولية، والمتعهدين، والمجتمع المحلي، كركيزة مساعدة لإصلاح الخلل الناجم عن نقص الميزانية، وكثيرًا ما تحصل تشاركية في العمل بين المؤسسة والمجتمع المحلي، فتقوم جهة بتقديم المواد وجهة أخرى بالتنفيذ.

وتعاني المؤسسة من ندرة وضعف في كوادرها الفنية والإدارية، إذ يبلغ عددهم اليوم حوالي 1700 عامل وعاملة، في حين تحتاج إلى ضعف هذا العدد ممن يملكون الخبرات، حتى تتمكن من إنجاز عملها بالجودة المطلوبة، ودون تأخير.

وأشار درويش إلى أن زيادة عدد الكوادر البشرية يعطي الفرصة للمؤسسة بتعيين حراس ضمن الوحدات المائية لمراقبة الآبار، والحد من عمليات السرقة والتخريب التي تتعرض لها الشبكات.

ويوجد في محافظة ريف دمشق 43 وحدة مائية موزعة على مناطق، وكل وحدة مائية مسؤولة عن مجموعة من البلدات.

 لتعزيز ثقافة الشكوى

يتعرض الأهالي في بعض أحياء ريف دمشق لعملية استغلال من قبل بعض المتنفذين في أحيائهم، الذين يجمعون الأموال في حال حصول عطل بالشبكة المائية ومعداتها، بحجة التسريع بعملية الإصلاح، بدل الانتظار لأشهر وربما سنوات حتى تتمكن الجهات الرسمية من إصلاح العطل.

ويخضع الأهالي لهذا الاستغلال، بعد مقارنة سريعة بين المبلغ المطلوب وتكلفة تعبئة المياه من الصهاريج المتنقلة غير موثوقة المصدر، دون الرجوع إلى المعنيين للتأكد من صحة الطلب أو قيمة المبلغ المترتب عليهم دفعه في حال سيتم الاعتماد بشكل فعلي على المجتمع المحلي واستنفاد وحدة المياه المسؤولة ضمن المنطقة فرص إيجاد حلول أخرى.

حول هذه الإشكالية، قال المدير العام للمؤسسة، إن على المواطن مراجعة وحدة المياه المسؤولة بشكل مباشر عن منطقته، والتأكد من المعلومات، وفي حال عدم الاستجابة، أكد أن جميع قنوات المؤسسة الإلكترونية، ومكاتب المؤسسة مفتوحة، ويتم معالجة الكثير من الشكاوى بشكل يومي.

وأكد أهمية تعزيز ثقافة الشكوى لدى المواطن، لمنع استغلاله من قبل ضعاف النفوس، فالمسؤولون لا يمكنهم الوصول إلى كل المناطق والأحياء لمعرفة ما يحصل، وهنا يبرز دور المواطن في المطالبة بحقوقه، ويتم التعامل مع الشكاوى حسب خصوصيتها، منها ما يتطلب تشكيل لجنة للتحقيق بعملية الاحتيال، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

وشهدت محافظة ريف دمشق خلال سنوات الحرب في سوريا تدميرًا للبنى التحتية الأساسية ومنها شبكات مياه الشرب، وتبقى معوقات صيانة وإعادة تأهيل هذه الشبكات عثرة أمام وصول المياه إلى المقيمين في مناطق المحافظة، وسط شح الموارد المائية لهذا العام، وانخفاض الهطولات المطرية‏، وارتفاع الطلب ‏على المياه.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *