تبويب الأصدقاء أول خطوات زوكربيرج لإحياء ماضي فيسبوك

أعلنت شركة ميتا عن توجه استراتيجي جديد يعيد المنصة إلى نقطة انطلاقها كمكان لتواصل الأصدقاء عبر إطلاق تبويب الأصدقاء Friends الجديد، وذلك تحت شعار “OG Facebook”، الذي أطلقه مؤسس الشركة مارك زوكربيرج مطلع العام الجاري.
منذ تأسيسه عام 2004 كشبكة اجتماعية مخصصة لطلاب الجامعات، تطوّر فيسبوك سريعاً ليصبح أحد أبرز المنصات الرقمية في العالم، لكن على مدى السنوات، توسعت وظائفه لتشمل محتوى منوعاً: من التغذية الإخبارية، إلى الصفحات العامة، والمجموعات، وخدمات الفيديو والتجارة الرقمية.
ومع هذا التحول، تراجع تدريجياً حضور المحتوى الشخصي ليحل مكانه سيل من المنشورات المقترحة والإعلانات والمحتوى العام، وهو ما أفقد المنصة كثيراً من طابعها الاجتماعي الأصلي، بحسب اعترافات من داخل الشركة.
وخلال الإعلان عن نتائج ميتا المالية للربع الأخير من عام 2024، كشف زوكربيرج عن خطة لإعادة فيسبوك إلى جذوره، من خلال مجموعة من التحديثات، تتصدرها إعادة تصميم تبويب “الأصدقاء”. ووصف زوكربيرج الخطوة بأنها بداية لاسترجاع ما سماه بـ”OG Facebook”، أي “فيسبوك الأصلي”، في إشارة إلى الأيام التي كانت فيها المنصة تدور حول تواصل الأصدقاء الحقيقيين.
وبحسب تدوينة الشركة الرسمية، فإن التبويب الجديد يأتي كمرحلة أولى من سلسلة تحديثات ستُطرح تدريجياً هذا العام، بهدف إعادة التجربة الاجتماعية التي بُني عليها فيسبوك منذ البداية.
تبويب “الأصدقاء”
يتيح التبويب الجديد للمستخدمين عرض محتوى أصدقائهم فقط – من القصص، إلى المنشورات، والفيديوهات القصيرة “ريلز”، بالإضافة إلى إشعارات أعياد الميلاد وطلبات الصداقة. ويمثل ذلك قطيعة واضحة مع المحتوى المقترح الذي يعرضه فيسبوك في صفحته الرئيسية حالياً.
ويحل التبويب الجديد محل قسم سابق كان مخصصاً لطلبات الصداقة واقتراحات الأشخاص، لكن التصميم الجديد يركز كلياً على الأنشطة الفعلية للأصدقاء.
وبحسب ميتا، ينسجم هذا التغيير مع رؤيتها في “تسهيل التفاعلات الاجتماعية ذات المعنى” بعد سنوات من التوسع في مجالات أخرى على حساب التواصل الشخصي.
وأطلقت الشركة التحديث بدايةً في الولايات المتحدة وكندا، على أن يتم تعميمه لاحقاً عالمياً، وسط توقعات بأن يلقى قبولًا واسعًا لدى المستخدمين الباحثين عن تجربة شخصية أكثر.
في تعليق له حول المبادرة الجديدة، قال مارك زوكربيرج: “أعتقد أن هناك فرصة كبيرة لأن نجعل فيسبوك أكثر تأثيراً ثقافياً مما هو عليه الآن، وذلك من خلال العودة إلى الطريقة التي استخدمها الناس في بداياته”. وأضاف: “نريد أن نبني تجارب جديدة تُعيد البهجة التي شعر بها الناس حين بدأوا باستخدام فيسبوك لأول مرة”.
وأكد زوكربيرج أن إضافة تبويب “الأصدقاء” ليست مجرد ميزة إضافية، بل بداية لتحوّل أوسع في طريقة استخدام فيسبوك، مشيراً إلى أن الشركة ستطرح مزايا مشابهة خلال العام الحالي لتعزيز هذا التوجه.
تحديات الواقع والمنافسة
ويأتي تحرّك ميتا في ظل تغيّرات متسارعة في سلوك المستخدمين، خاصةً من الأجيال الشابة، الذين باتوا يفضلون تطبيقات مثل “تيك توك”، التي تقدم محتوى ترفيهياً سريعاً ومقترحاً من غرباء، بدلاً من التواصل الاجتماعي المباشر مع معارف حقيقيين.
وسعت ميتا في السنوات الأخيرة إلى مجاراة هذا الاتجاه، من خلال تعزيز المحتوى المقترح بالذكاء الاصطناعي والتركيز على الفيديوهات القصيرة، لكن هذه الاستراتيجية، رغم نجاحها الجزئي، أثارت انتقادات واسعة من مستخدمين شعروا بأن محتوى أصدقائهم اختفى من أمامهم لصالح خوارزميات التوصية.
وفي بيان رسمي، أقرت الشركة ضمنياً بهذا التراجع، قائلة: “على مر السنوات، تطوّر فيسبوك لتلبية احتياجات مختلفة، لكن سحر التواصل مع الأصدقاء تراجع تدريجياً”. ويعكس هذا الاعتراف توجهاً جديداً لإعادة التوازن بين المحتوى العام والمحتوى الشخصي.
خطوة تصحيحية لهوية المنصة
وتأتي هذه المبادرة بعد محاولات سابقة من ميتا لاستعادة اهتمام المستخدمين الشباب، من بينها إعادة تصميم التطبيق في أكتوبر 2024، لتناسب جيل “زد” (Gen Z)، إلا أن هذه التحسينات – كما يرى مراقبون – لم تنجح في إحياء الجوهر الاجتماعي للمنصة.
وفي ضوء ذلك، يُنظر إلى “OG Facebook” كتوجه استراتيجي يهدف إلى استعادة جوهر المنصة وشخصيتها الأصلية، في وقت تتكاثر فيه البدائل وتحتدم فيه المنافسة.
ويقول محللون إن هذه الخطوة قد تساعد في تعزيز ارتباط المستخدمين بفيسبوك، خاصةً أولئك الذين يستخدمونه كأداة تواصل شخصي، إذا ما ترافقت مع مزايا إضافية تدعم هذا المسار.