يشهد قطاع الدبابات تحولاً جذرياً منذ نهاية الحرب الباردة، بعدما ظهر جيل جديد من دبابات القتال الرئيسية بمواصفات جديدة تجعلها قادرة على البقاء والتكامل القتالي.
من دبابة Altay التركية إلى Abrams الأميركية، تكشف تصميمات 5 دبابات جديدة عن كيفية استعداد الجيوش لتهديدات عصر الطائرات المسيرة والعمليات متعددة المجالات، وتعيد تعريف خطط الجيوش الحديثة في التعامل مع القوة النارية والحماية والقتال.
وهذه المركبات ليست مجرد ترقيات، بل إصلاحات شاملة في التصميم تهدف إلى مواجهة أسراب الطائرات المسيرة، والذخائر الجوالة، والأسلحة الدقيقة الهجومية.
وبعد إدخال تركيا دبابة Altay إلى الخدمة الفعلية، اعتبر محللون عسكريون أن هناك 5 دبابات قتال رئيسية تُمثل الآن أحدث ما توصلت إليه هندسة الدبابات المدرعة في عامي 2024 و2025، بحسب موقع Army Recognition، وتضم القائمة الدبابات التالية.
دبابة كوريا الجنوبية K3
تخضع دبابة K3 حالياً لتطوير متقدم من شركة Hanwha Aerospace ووكالة تطوير الدفاع في كوريا الجنوبية، وسط توقعات أن تكون دبابة من الجيل التالي بمواصفات جديدة كلياً لتحل محل دبابة K2 Black Panther بحلول عام 2030.
ومن المنتظر تجهيز الدبابة بمدفع رئيسي أملس عيار 130 ملم، مزود بملقم آلي عالي السرعة ونظام ذخيرة ثنائي التغذية قادر على إطلاق قذائف طاقة حركية من الجيل التالي وذخائر انفجار جوي.
وسيكون برج الدبابة آلياً بالكامل، ويدمج نظام التحكم في إطلاق النار بمساعدة الذكاء الاصطناعي مع مجموعة استشعار متعددة الطبقات، بما في ذلك رادار الموجات المليمترية، والتصوير الحراري، والاستهداف الكهروضوئي.
وسيعمل أفراد الطاقم من قلعة مدرعة داخل الهيكل، منفصلة عن الذخيرة وغطاء المدفع.
وفي ما يتعلق بالتنقل وإدارة الطاقة، من المقرر أن تتضمن K3 نظام دفع هجيناً من الهيدروجين والكهرباء، يُقلل بشكل كبير من الآثار الحرارية والصوتية.
ويدعم هذا التصميم تشغيلاً صامتاً لفترات طويلة في البيئات الحضرية والمتنازع عليها.
وسيُزود الهيكل بطلاءات عازلة للأشعة تحت الحمراء، وهندسة عاكسة للرادار، وتمويه حراري نشط، ما يُعزز القدرة على البقاء في ساحة المعركة المُشبعة بأجهزة الاستشعار.
وسيتولى نظام مُدمج لمراقبة الصحة قائم على الذكاء الاصطناعي الصيانة التنبؤية، بينما ستُتيح أنظمة المهام الرقمية تبادل البيانات في الوقت الفعلي مع الطائرات المسيرة، ومنصات الدعم الروبوتية في ظل مبادئ التعاون بين المركبات المأهولة وغير المأهولة.
دبابة KF51 Panther
تعتبر دبابة KF51 Panther، التي طورتها شركة Rheinmetall، محاولة من ألمانيا لقيادة تحديث الحرب المدرعة الأوروبية من خلال منصة قتالية معيارية قابلة للتطوير.
وتتميز الدبابة بمدفع Rh-130 L/52 أملس السبطانة (الجزء الأنبوبي من الأسلحة النارية أو المدافع)، مع زيادة في اختراق الدروع بنسبة 50% مقارنةً بأنظمة 120 ملم القديمة، وتتضمن مُلقماً آلياً مُثبتاً على منصة التحميل، يستوعب كلا من القذائف الحركية والذخائر شديدة الانفجار القابلة للبرمجة.
ويدعم البرج دمجاً اختيارياً لذخائر HERO-120 الجوالة وقاذفات الطائرات المسيرة، ما يُوسع نطاق الدبابة ليشمل مهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع التكتيكية والهجوم.
وتعتمد بنية التحكم في النيران على بنية NGVA المفتوحة، ما يُتيح استهدافا مُحدداً برمجياً ودمجاً سلساً لأجهزة الاستشعار.
وتستخدم دبابة Panther هيكل دبابة Leopard 2 المُجرب كأساس، لكنها تتضمن دروعاً مركبة سلبية من الجيل الجديد بطبقات سيراميكية وتفاعلية.
ويوفر نظام الحماية النشطة Strike Shield تغطية شاملة ضد الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات والقذائف الحركية.
ويُغذي نظام كاميرا موزع بزاوية 360 درجة صوراً آنية لساحة المعركة إلى شاشة عرض مثبتة على خوذة القائد.
ودبابة KF51 حالياً في مرحلة ما قبل الإنتاج التجريبي لصالح المجر، وتخضع لاختبارات القوة النارية والقدرة على البقاء في مراكز اختبار Rheinmetall، مع اهتمام إضافي من داعمي حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوروبا الشرقية الذين يسعون إلى تطوير بدائل لدبابة Leopard 2.
دبابة Abrams M1E3 الأميركية
يعد تعديل دبابة Abrams M1E3 من أكثر عمليات التطوير الشاملة طموحاً التي أجراها الجيش الأميركي على دبابات القتال الرئيسية منذ أكثر من 4 عقود، إذ أضيفت إليها تقنيات بالغة الأهمية جرى تطويرها من خلال برنامج Abrams X Technology Demonstrator الذي كُشف عنه عام 2022.
ورغم أنها ليست نسخة طبق الأصل، إلا أن M1E3 تستفيد من تطورات Abrams X في 3 مجالات رئيسية، هي الدفع، وبقاء الطاقم، والأنظمة الرقمية.
وستحل هذه الدبابة محل توربين الغاز AGT1500 القديم بنظام دفع كهربائي هجين، يُرجح أنه مشتق من برنامج محركات القتال المتقدمة (ACE).
وتُقلل هذه الخطوة بشكل كبير من استهلاك الوقود، وتُخفض بصمة الأشعة تحت الحمراء للمنصة، وتُلبي احتياجات الطاقة لأجهزة الاستشعار المتقدمة، وتُتيح إمكانية دمج أسلحة الطاقة الموجهة في المستقبل.
ومن المقرر إعادة تصميم البرج للسماح بالأتمتة الجزئية والتشغيل عن بُعد، مع حماية مُحسنة ضد تهديدات الهجوم العلوي من خلال دروع معيارية متعددة الطبقات ونظام حماية نشط جديد طُور بالتوازي مع مبادرة نظام الحماية النشط المعياري الأميركي.
وتحتوي M1E3 على نظام ذكاء اصطناعي مدمج لتحديد أولويات التهديدات، وأجهزة استشعار مدمجة بالأشعة تحت الحمراء طويلة الموجة وأجهزة استشعار ليدار، وهيكل رقمي مفتوح بالكامل لدعم القدرة على التكيف الفوري مع المهام.
ومن المتوقع أن تتضمن مقصورة الطاقم شاشات عرض من الجيل التالي وأدوات للوعي الظرفي مصممة على غرار واجهة التفاعل بين الإنسان والآلة من طراز Abrams X، ومن المتوقع أيضاً تسليم النماذج الأولية الأولى في السنة المالية 2026، مع مراعاة استبدال وحدات M1A2 SEPv3 على المدى الطويل.
دبابة Altay التركية
بدأت تركيا رسمياً تسليم دبابة القتال الرئيسية Altay إلى القوات البرية اعتباراً من منتصف العام الجاري، إيذانا بانتقال البلاد من الإنتاج المرخص إلى تصنيع كامل الطيف للدبابات.
وطورت شركة BMC للدفاع دبابة Altay، عبر تزويدها بمحرك ديزل BATU V12 محلي الصنع بقوة 1500 حصان، وناقل حركة أوتوماتيكي من تطوير شركة BMC Power.
وتُمكن هذه القوة، الدبابة من الوصول إلى سرعات تصل إلى 70 كيلومتراً في الساعة، وتدعم مدى تشغيلياً يتجاوز 450 كيلومتراً.
وأُعيد تصميم أنظمة التبريد وأنظمة التشخيص على متن الدبابة لتلائم الأداء في الصحراء والمرتفعات العالية، لتلبية المتطلبات التشغيلية في تضاريس تركيا المتنوعة.
ويشمل التسليح مدفعاً رئيسياً أملس السبطانة من طراز L/55 عيار 120 ملم، متوافقاً مع ذخيرة “الناتو” القياسية، ومثبتاً على جميع المحاور، ومتصلاً بنظام التحكم الرقمي في إطلاق النار VOLKAN-M من شركة Aselsan.
ويوفر النظام التعرف الآلي على الأهداف، وتحديد المدى بالليزر، والتصوير الحراري من الجيل الثالث لكل من المدفعي والقائد.
وتُعزز القدرات الدفاعية من خلال كتل دروع معيارية، ونظام تحذير ليزري للقتل الناعم، وتشويش بالأشعة تحت الحمراء.
وصُممت بنية دبابة Altay لتتلاءم مع التكامل المستقبلي لنظام الحماية النشطة AKKOR للقتل العنيف من شركة Aselsan، وتجري حالياً مفاوضات لتصدير نسخ مختلفة منها إلى باكستان وقطر، مع مناقشة خيارات الإنتاج المشترك للدول الشريكة.
دبابة Challenger 3 البريطانية
طورت شركة RBSL البريطانية برنامج Challenger 3 من خلال تغيير كامل للبرج وتجديد شامل للأنظمة.
وتحتفظ المركبة بهيكل Challenger 2، لكنها ستحصل على برج فولاذي ملحوم جديد مُجهز بمدفع L55A1 أملس السبطانة عيار 120 ملم، ما يوفر توافقاً كاملاً مع ذخيرة حلف “الناتو”، وتصنيفات ضغط أعلى للسبطانة لقذائف APFSDS من الجيل التالي.
وتُخزن الذخيرة في حجرات مدرعة مزودة بألواح تفجير، والمدفع مُدعم بنظام تحكم رقمي في النيران مزود بمناظير حرارية من الجيل الثالث من Leonadro وبصريات بانورامية من Thales Orion.
وتتميز Challenger 3 بدروع معيارية مصنوعة من مواد سيراميك ومركبة مصنفة، مصممة للبيئات متعددة التهديدات.
ويُدمج نظام الحماية النشط Trophy-MV في المنصة الأساسية، ما يوفر دفاعات قوية ضد قاذفات RPG، والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، والطائرات المسيرة الهجومية.
ويدعم الهيكل الإلكتروني الجديد للمركبة التشخيص التنبؤي، والتحديثات البرمجية، ومشاركة البيانات عبر منصات متعددة عبر شبكة برية ISTAR أوسع نطاقاً للجيش.
وتخضع نماذج الإنتاج الأولية لاختبارات التحقق من صحة إطلاق النار الحي واختبارات القدرة على الحركة في بريطانيا وألمانيا، ومن المقرر إطلاقها في أواخر عام 2026.
كما يُطرح البرنامج على شركاء “الناتو” الباحثين عن مسارات تحديث جاهزة ذات قدرة بقاء مثبتة.
ساحة المعركة متغيرة
لم يعد ما يُميز الدبابة الحديثة اليوم مجرد حجم مدفعها أو سُمك درعها، ويعكس الجيل الجديد من دبابات القتال الرئيسية، الذي ظهر عام 2025، تحولاً جذرياً نحو البقاء الشبكي، والتكامل متعدد المجالات، والتكيف الرقمي.
وكما هي الحال في برامج مثل M1E3 وK3، تتطور الدبابات إلى أنظمة قتالية واعية بالطاقة ومعززة بالذكاء الاصطناعي، مصممة للعمل في ساحات قتال كثيفة الطائرات المسيرة ومُشبعة بأجهزة الاستشعار.
ولا تزال نقاط القوة التقليدية، مثل القوة النارية والحماية، أساسية، لكن البقاء يعتمد الآن بنفس القدر على مرونة الحرب الإلكترونية، وإدارة التوقيعات، والتوافق مع الأنظمة غير المأهولة.
 
									 
					