في السنوات الأخيرة، ارتفعت أعداد الطلاب المحولين من الثانوية العامة إلى أنظمة مثل الدبلومة الأمريكية والهوم سكولنج، هروبًا من ضغوط الثانوية العامة التقليدية، خاصة امتحانات الصف الثالث الثانوي. هذا التحول فتح الباب أمام أكاديميات ومراكز خاصة حولت العملية التعليمية إلى تجارة مربحة على حساب تكافؤ الفرص بين الطلاب.

أكاديميات.. قيد صوري وخدمة غائبة

تسجل الأكاديميات الطلاب في مدارس دولية أو خاصة بشكل صوري فقط، مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 40 إلى 50 ألف جنيه، بينما يتلقى الطالب تعليمه الحقيقي في الأكاديمية من خلال الدروس الخصوصية.

بهذا النموذج، تجمع الأكاديميات بين دور “السمسار” الذي يقيد الطلاب في المدارس، ودور “سنتر الدروس الخصوصية”، لتصبح المستفيد الأكبر من منظومة مشوهة.

40% أعمال سنة مضمونة

وفق نظام الدبلومة الأمريكية، يحصل الطالب على 40% من المجموع كأعمال سنة، من المفترض أن تكون مرتبطة بالحضور والانتظام في المدرسة. لكن في الواقع، غالبية الطلاب لا يعرفون حتى مكان المدرسة المقيدين بها، ورغم ذلك يحصلون على هذه الدرجات كاملة.

أما 60% الباقية فتُمنح من خلال امتحانات يمكن للطالب إعادة دخولها أكثر من مرة، حتى يحصل على المجموع المطلوب للالتحاق بكليات مثل الطب والهندسة، بشرط دفع رسوم إضافية بالعملة الصعبة.

شهادات تباع بالدولار

أوضح الدكتور عادل النجدي، عميد كلية التربية بجامعة أسيوط سابقًا، أن بعض المدارس الدولية بالقاهرة والجيزة وسوهاج تقدم نظام الهوم سكولنج عبر أكاديميات متعاقدة معها، وهو أشبه بنظام المنازل في الثانوية العامة.

هذا النظام يمنح شهادات مثل EST (مصرية) وACT (أمريكية)، معتمدًا على دراسة أربع مواد أساسية (اللغة الإنجليزية MATH 1 البيولوجي MATH 2)، تمثل 75% من الدرجات، بالإضافة إلى 40% أعمال سنة تُمنح لجميع الطلاب دون حضور فعلي، مقابل مبالغ مالية تصل إلى 700800 دولار، بجانب رسوم قيد سنوية تتجاوز 50 ألف جنيه.

وأشار النجدي إلى أن الامتحانات تُعقد كل شهرين في أماكن محددة، بتكلفة تصل إلى 16 ألف جنيه للمحاولة الواحدة، وبعدد يصل إلى 6 محاولات سنويًا، يتم احتساب أعلى الدرجات للطالب، بما يشبه نظام “البكالوريا”.

تكافؤ مفقود وتهديد للبكالوريا المصرية

المثير للجدل أن هذه الشهادات تؤهل الطلاب للالتحاق ليس فقط بالجامعات الخاصة والأهلية، بل أيضًا بالجامعات الحكومية، حيث تُعامل كـ “شهادات أجنبية” وتُخصص لها نسبة سنوية في التنسيق.

وهنا تكمن الأزمة: طالب الدبلومة أو الهوم سكولنج، الذي يحصل على درجات مضمونة مقابل مبالغ مالية، يتساوى في فرص القبول الجامعي مع طالب الثانوية العامة أو مدارس STEM، الذي يخوض تجربة شاقة مليئة بالضغط النفسي.

ومع إعلان وزارة التربية والتعليم تطبيق البكالوريا المصرية، ازدادت تحركات الأكاديميات التي تخشى خسارة “سوقها المربح”، فبدأت في إقناع أولياء الأمور بتحويل أبنائهم منذ الصف الأول الثانوي، بزعم أن النظام الجديد سيكون أصعب.

دعوة للتدخل العاجل

الوضع الحالي لا يهدد فقط تكافؤ الفرص، بل يكرّس لفكرة أن التعليم أصبح سوقًا تُشترى فيه الشهادات بالمال، ولذا يبقى من الضروري أن تتحرك الوزارة سريعًا لوضع ضوابط حاسمة تنظم التحويل إلى الشهادات الأجنبية، وتحد من استغلال الأسر، وتضمن عدالة حقيقية بين الطلاب.

 

شاركها.