انهار الائتلاف الحاكم في اليابان، الجمعة، في ضربة قوية لزعيمة الحزب الليبرالي الديمقراطي الجديدة، ساناي تاكايشي، وأحدث هزة في الأسواق، بعد أن تفكك التحالف الذي وفر استقراراً سياسياً استمر لأكثر من ربع قرن.
وجاء الانفصال بعد فشل المحادثات بين زعيمة الحزب الليبرالي الديمقراطي تاكايشي، ورئيس حزب “كوميتو” الشريك الأصغر في الائتلاف، تيتسو سايتو، في التوصل إلى اتفاق. وتمثل هذه الانتكاسة أول أزمة سياسية لتاكايشي قبل أن تتولى رسمياً منصب رئيسة الوزراء.
ورغم محاولة تاكايشي إبقاء الباب مفتوحاً أمام المفاوضات، معبرةً عن رغبتها في عقد لقاء جديد الأسبوع المقبل، إلا أن سايتو أغلق الباب بشكل قاطع قائلاً إن حزبه “لن يدعم مرشحي الحزب الليبرالي الديمقراطي في الانتخابات، ولن يصوت لصالح ساناي تاكايشي لتصبح رئيسة للوزراء”، لكنه ترك احتمال التعاون في بعض السياسات قائماً.
وقالت تاكايشي في بيان: “بالنظر إلى علاقتنا التي امتدت 26 عاماً، بما في ذلك فترة وجودنا في صفوف المعارضة، فإننا نأسف بشدة على هذا القرار. لقد أُبلغنا بانسحابهم من الائتلاف بشكل أحادي”.
ويضع هذا التطور تاكايشي في موقف صعب، إذ تسعى لتشكيل حكومة أقلية تواجه صعوبة في تمرير الموازنة أو أي تشريعات جوهرية. ويأتي الانهيار في وقت تستعد فيه اليابان لجدول دبلوماسي مزدحم يشمل قمماً إقليمية وزيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ويتمحور الخلاف الأساسي حول قضية تمويل الأحزاب، إذ طالب سايتو بفرض قواعد أكثر صرامة لضمان الشفافية بعد فضيحة تبرعات سياسية هزت الحزب الحاكم وأثارت غضب الرأي العام.
وقال سايتو: “الرد الذي تلقيناه من الحزب الليبرالي الديمقراطي كان غير كاف، واقتصر على وعد بدراسة الأمر لاحقاً. لذا نُنهي علاقاتنا”.
من جانبها، قالت تاكايشي إنها فوجئت بإنذارٍ من “كوميتو” منحها يوماً واحداً فقط للموافقة على مقترحات الحزب بشأن تمويل الأحزاب، بينما كانت تحتاج إلى 3 أيام للتشاور مع قادة حزبها.
ومن المرجح أن تسعى تاكايشي سريعاً لإيجاد حلفاء بين أحزاب المعارضة، لكنها تواجه سباقاً مع الزمن قبل تصويت البرلمان على اختيار رئيس الوزراء. وقد بعثت بالفعل بإشارات إيجابية إلى “الحزب الديمقراطي الشعبي” و”حزب الابتكار الياباني” في أوساكا، اللذين تعاونا سابقاً مع الحزب الحاكم.
مع ذلك، تبرز إمكانية أن تتوحد أحزاب المعارضة خلف مرشح بديل لرئاسة الحكومة. وأكد زعيم الحزب الديمقراطي الشعبي، يويتشيرو تاماكي، أنه تواصل مع سايتو عقب الإعلان.
اضطراب الأسواق المالية
وشهدت الأسواق المالية اضطراباً فور انتشار الخبر؛ إذ ارتفع الين إلى 152.39 أمام الدولار قبل أن يتراجع مجدداً، ليستقر قرب 152.68 في نهاية تعاملات الجمعة. ويُتوقع أن تؤثر حالة عدم اليقين السياسي على قرارات بنك اليابان بشأن رفع أسعار الفائدة، خاصة مع احتمالات استمرار ضعف الين.
وقال كازوو مومّا، المدير التنفيذي السابق لبنك اليابان والمسؤول عن السياسة النقدية، إن “انخفاض الين إلى مستوى 155 أو 160 قد يدفع البنك إلى رفع الفائدة بنهاية الشهر”، مضيفاً أن ضعف الين “قد يشكل ضربة كبيرة لتاكايشي في ظل تصاعد التضخم”.
وفي حين أُغلقت الأسواق اليابانية قبل إعلان الانهيار، توقّع محللون أن يشهد مؤشر “نيكاي” تراجعاً عند استئناف التداول بعد عطلة نهاية الأسبوع الطويلة، إذ قال جمبي تاناكا، رئيس استراتيجية الاستثمار في شركة “بيكتيه لإدارة الأصول” في اليابان: “إذا بقيت الأوضاع على حالها، فسيتراجع المؤشر بعد العطلة، بينما قد يتجه المستثمرون الأجانب إلى بيع العقود الآجلة خلال فترة الإجازة”.
ويرى هيرويُكي أوينو، كبير الاستراتيجيين في شركة “سوميتومو ميتسو تراست”، أن “الحكومة المقبلة ستكون هشة للغاية، وقد يؤدي الوضع الحالي إلى انتخابات عامة جديدة قريباً”.
وفازت ساناي تاكايتشي بزعامة الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في اليابان، بعدما حصلت على 185 صوتاً في جولة الإعادة أمام منافسها شينجيرو كويزومي الذي حصل على 156 صوتاً، لتقترب من أن تصبح أول رئيسة وزراء في اليابان، بعد أن تحل محل شيجيرو إيشيبا المنتهية ولايته، في انتظار تصويت البرلمان والمصادقة على تعيينها في رئاسة الحكومة.
ولايزال الحزب الليبرالي الديمقراطي هو صاحب أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، لكن مع ذلك، وبعد الانتخابات الأخيرة، لم يعد الائتلاف الذي يقوده يتمتع بالأغلبية في أي من المجلسين، وسيحتاج إلى دعم من نواب المعارضة ليتمكن من الحكم بفعالية.
وتغلبت تاكايتشي على كويزومي في جولة الإعادة، إذ لم يفز أي من المرشحين الخمسة بالأغلبية في الجولة الأولى من التصويت. ومن المتوقع إجراء تصويت في البرلمان لاختيار رئيس الوزراء المقبل في 15 أكتوبر الجاري.
كما تغلبت المرأة الوحيدة بين مرشحي الحزب الليبرالي الديمقراطي الخمسة، على شينجيرو كويزومي، الأكثر اعتدالاً، والبالغ من العمر 44 عاماً، والذي كان يسعى لأن يصبح أصغر زعيم للبلاد في العصر الحديث.