تحديات تواجه هيئة الدواء في حرب الأدوية المغشوشة بالأسواق

محمود فؤاد: غياب اللوائح والقوانين وراء هذه الكارثة.. ونطالب بوضع رقابة سابقة
أحمد فاروق: الصيدلى تصله المنشورات بعد بيع الأدوية.. والحل فى عودة نقابتهم
هيئة الدواء: التحذيرات إجراء احترازى على بعض التشغيلات وليس المنتج ككل
شهدت الفترة الأخيرة، زيادة في معدلات البيانات التي تنشرها هيئة الدواء الموحد، بشكل ملحوظ، والتي تحذر خلالها من تداول بعض التشغيلات لأدوية أو مستحضرات تجميلية، إما لاكتشاف أنها مغشوشة أو لعدم مطابقتها للمعايير.
وأعرب عدد من الخبراء عن القلق من زيادة معدلات هذه المنشورات والتحذيرات، مشيرين إلى أن ذلك يكشف عن أزمة خطيرة تتعلق بفقدان السيطرة على سوق الدواء في مصر، كما أنه يفتح بابًا لتساؤلات عدة حول الرقابة على الأدوية، وهل هي لاحقة أم سابقة ودور هيئة الدواء في هذا الشأن.
وأشارت البيانات، إلى أنه في أول شهرين من 2025، أصدرت هيئة الدواء، نحو 7 تحذيرات في منشوراتها الدورية من أدوية ومستحضرات، أما في شهر مارس الماضي وحده، فقد أصدرت هيئة الدواء المصرية 11 تحذيرا لمنع تداول بعض التشغيلات لأدوية ومستحضرات صيدلانية، مرجعة ذلك إلى الغش التجاري أو لعدم مطابقتها للمعايير.
وأكدت هيئة الدواء أن هذه التنبيهات خاصة بالتشغيلات الواردة في المنشورات فقط ولا تنطبق على تداول هذه المستحضرات بشكل عام.
ودعت الهيئة الصيدليات ومنافذ التوزيع إلى التوقف عن تداول التشغيلات المذكورة في المنشور.
وبحسب تصريحات لهيئة الدواء، فإن هذه التحذيرات تأتي كإجراء احترازي بناءً على التحاليل الدورية التي تجريها الهيئة للأصناف الدوائية، سواءً خلال مراحل إنتاجها بالمصانع، أو بعد طرحها في الصيدليات والمخازن.
خطأ كبير
وفي هذا السياق، قال محمود فؤاد، مدير مركز الحق في الدواء، إن هذا الأمر أصبح متعارف عليه، ففي ظل وجود بعض القوانين واللوائح غير الواضحة، يحدث أن تكون هناك بعض التشغيلات تتوفر في السوق، ويتم اكتشاف أنها غير مطابقة للمواصفات المطلوبة.
وأضاف في تصريح خاص لـ«»: «أصبح كل عام من 60 إلى 75 تحذيرا بالسحب وهذا خطأ كبير وقد طالبنا بتغييره»، مشددا: «ليس بالضرورة أن يكون رضا الشركات على حسب المواطنين والمرضى وهذا ما يحدث في العالم والذي تكون فيه الرقابة سابقة، لخطورة الأمر».
وأكد أن هيئة الدواء تصدر سنويا إشعارات بوقف تداول أدوية، بأرقام كبيرة، إذ شهد عام 2023 نشر نحو 53 تحذيرا، بينما شهد عام 2024 نشر نحو 61 تحذيرا من أدوية موجودة في السوق يجب وقف التعامل بها.
وواصل: «دائمًا ما تنتبه الهيئة إلى وجود أدوية مغشوشة أو غير مطابقة، وتصدر قرارات تحمل أرقام التشغيلات، وكثير من الصيادلة يكونون على علم بالتشغيلات المطلوب مصادرتها».
وتابع: «هذه الأزمة تدفع بالتساؤل حول هل يتم السحب للأدوية التي تصدر نشرات تحذير بشأنها بالفعل؟، ولكن الواقع يشير إلى أن هذا غير مؤكد، وأن العملية لا تتعدى حدود إصدار قرار بالسحب للصنف».
واستكمل: «في الوضع الطبيعي كان يتم إخطار نقابة الصيادلة والذي يكون ملزما بإخطار الأعضاء بكافة الفرعيات، ولكن الأزمة الحالية أنه للسنة الخامسة لا توجد نقابة صيادلة، مما يجعل هناك إشكالية في عدم وعي ومعرفة الصيادلة بالأدوية الواجب سحبها».
ولفت إلى دور الحملات التفتيشية، والتي يصعب أداء عملها في ظل وجود أزمة قلة أعدادهم.
وطالب «فؤاد» بعودة الإجراءات المتبعة عالميا، من أخذ عينات عشوائية من التشغيلات في المصانع للتأكد من مطابقتها، موضحا أن ترك هذه الأزمة دون حل خسارة لسمعة الصيادلة، ورجال الأعمال.
وتابع: «لدينا 17 ألف صنف دواء وهذا رقم غير موجود بالعالم مما يصعب السيطرة على هذه الأدوية إلا بقانون واحد وهو عدم السماح بنزول علبة دواء إلا بعد التأكد من مطابقتها للسوق، ولكن تركها دون حل يعد استهانة بصحة الناس».
ولفت إلى النشرات التي تتعلق بالأصناف غير المطابقة لا تشمل نوع معين، ولكنه يشمل كل التخصصات من مضادات حيوية وأقراص مضيفا لا تحكمها قواعد ثابتة ولا إجراءات محددة.
غياب النقابة
بدوره، قال الدكتور أحمد فاروق، عضو نقابة الصيادلة، إن الكارثة تتمثل في عدم وجود نقابة صيادلة، وبالتالي غياب الجهة التي كانت لديها القدرة على الوصول لعموم صيادلة مصر.
وأضاف في تصريح خاص لـ«» أن ذلك يتسبب في إهدار الكثير من الوقت، معقبا: «الناس على ما بيوصلها القرار بتكون التشغيلة اتباعت».
وتابع: «الأزمة تتلخص في نظام الموافقة على الأدوية في مصر فنحن نخضع لنظام who الخاص بمنظمة الصحة العالمية وذلك من بين ثلاث أنظمة متبعة في العالم»، مشيرا إلى أن هذا النظام لا يلزم عمل الـ«quality control» على كل تشغيلة، لكن يلزم الثلاث الأولى فقط، وبعدها تتم بصورة عشوائية وبالتالي نتفاجأ بأدوية غير مطابقة للمواصفات.
وأضاف أن الجهة الوحيدة التي كانت قادرة على التواصل مع الصيادلة كانت نقابتهم، ولكنها أصبحت الآن خاضعة للحراسة منذ 6 سنوات، مما يشكل كارثة كبيرة خاصة أن الصيدليات في مصر أعدادها ليست قليلة إذ تصل لنحو 80 ألف صيدلية.
وتابع: «لا توجد بلد في العالم لا يوجد بها نقابة صيادلة، الحل معروف للجميع وهو عودة النقابة ليس لحل أزمة الأدوية غير مطابقة للمواصفات لكن بجميع أزمات الأدوية».