تحذير إيراني قبل اجتماع ثلاثي في بكين بشأن الملف النووي

تستضيف بكين، الجمعة، اجتماعاً ثلاثياً بمشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من إيران وروسيا والصين لمناقشة الملف النووي الإيراني، وسط تقارير عن اتصالات أميركية بغرض التفاوض مع طهران التي تشكك في نوايا واشنطن.
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن بكين ستستضيف اجتماعاً، الجمعة، مع روسيا وإيران بشأن “القضية النووية” الإيرانية.
وقال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فو كونج للصحفيين: “ما زلنا نأمل أن نتمكن من اغتنام الوقت المحدود الذي لدينا قبل تاريخ انتهاء الاتفاق في أكتوبر من هذا العام، من أجل التوصل إلى اتفاق، اتفاق جديد حتى يمكن الحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة”.
وقال إن “ممارسة أقصى الضغوط على دولة معينة لن يحقق الهدف”.
وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الخميس، “مواصلة المفاوضات غير المباشرة وقنوات الاتصال مع الترويكا الأوروبية”.
وقال عراقجي، في تصريحات صحفية، إنه “إذا تفاوضت إيران تحت الضغوط القصوى فستكون قد تفاوضت من موقع ضعف ولن تحقق أي مكاسب”، مشدداً على ضرورة إثبات أن “سياسة الضغوط القصوى ليست فعالة مع إيران ويمكنها التفاوض من موقع متكافئ”.
وأضاف وزير الخارجية الإيراني أن “صبرنا ليس سلبياً ونقرّ بالمبادرة”، مؤكداً أن لدى بلاده استراتيجية واضحة لأي مفاوضات نووية محتملة.
وأكد عراقجي أن “طهران تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهناك مقترح لحل القضايا العالقة”، داعياً واشنطن إلى رفع العقوبات، وتابع: “التفاوض غير المباشر ممكن، والأهم توفر الإرادة للتفاوض والتوصل لاتفاق عادل في ظروف متكافئة”، مضيفاً: “لن ندخل بمفاوضات مباشرة إلا من موقع متكافئ دون ضغوط وتهديدات”.
تحذير إيراني
وتأتي تصريحات عراقجي بعد ساعات من اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي عن “منع الانتشار النووي”، مساء الأربعاء، نددت فيه طهران بانعقاد الاجتماع الذي قالت إنه دار حول “أمور فنية بحتة” تقع ضمن اختصاص الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقط، “وتمت مناقشة هذه القضايا الأسبوع الماضي في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا”.
واتهمت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة الولايات المتحدة بالسعي إلى استخدام مجلس الأمن الدولي سلاحاً “لتصعيد الحرب الاقتصادية على إيران”. وأضافت في منشور على منصة إكس: “يتعين رفض هذا الانتهاك الخطير لحماية مصداقية المجلس”.
وعقد الاجتماع المغلق بناء على دعوة 6 من الدول الأعضاء الخمسة عشر في المجلس وهي: الولايات المتحدة وفرنسا واليونان وبنما وكوريا الجنوبية وبريطانيا.
وحذر مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني من أن أي محاولة لإجبار طهران على التوصل إلى اتفاق نووي غير عادل مع الولايات المتحدة سيكون “مصيرها الفشل”.
واعتبر إيرواني اجتماع مجلس الأمن الدولي “تدخلاً غير مبرر في التعامل البناء الجاري بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية”، وأنه يهدف إلى “مواصلة سياسة الضغط الأقصى الفاشلة وغير القانونية” ضد إيران، بحسب تعبيره.
ونقلت وكالة “فارس” عن إيرواني قوله: “إيران لن تتفاوض تحت الضغط.. ولن ترضخ للتهديدات ولن تقبل أي إملاءات”.
وأضاف إيرواني: “أي محاولة لفرض اتفاق غير عادل على إيران، بشأن الاتفاق النووي، محكوم عليها بالفشل.. يجب أن تقوم الدبلوماسية على الاحترام المتبادل، لا على الابتزاز”.
تحذير بريطاني
وحذرت بريطانيا من أنها ستثير قضية إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران إذا لزم الأمر لمنعها من الحصول على سلاح نووي، فيما دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب طهران إلى عقد مفاوضات للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن الملف النووي الإيراني.
وتنفي إيران رغبتها في تطوير سلاح نووي. لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية حذرت من أن إيران تسرع “بشدة” تخصيب اليورانيوم إلى نسبة نقاء تصل إلى 60%، وهو ما يقترب من المستوى اللازم لانتاج أسلحة والبالغ نحو 90%.
وتقول دول غربية إنه لا حاجة لمثل هذا المستوى المرتفع من تخصيب اليورانيوم في أي برنامج مدني، وإنه لم يسبق لأي دولة أخرى فعلت ذلك دون الرغبة في إنتاج قنابل نووية، فيما تزعم إيران أن برنامجها النووي “سلمي”.
وقال جيمس كاريوكي، نائب السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة للصحفيين، قبل الاجتماع: “نحن واضحون في أننا سنتخذ أي إجراءات دبلوماسية لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وهذا يشمل استخدام آلية إعادة فرض العقوبات، إذا لزم الأمر”.
اتهامات أميركية
وقالت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، في بيان بعد اجتماع المجلس، إن إيران هي “الدولة الوحيدة في العالم التي لا تملك أسلحة نووية وتنتج يورانيوم عالي التخصيب ليس له غرض سلمي يمكن التحقق منه”.
كما اتهمت واشنطن إيران بتحدي مجلس الأمن وانتهاك التزاماتها تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ودعت المجلس إلى “أن يكون واضحاً وموحداً في معالجة هذا السلوك الوقح وإدانته”، بحسب البيان.
وجاء في ختام البيان الأميركي: “ستواصل الولايات المتحدة التنفيذ الكامل لاستراتيجية الضغط الأقصى للرئيس ترمب – حرمان إيران من سلاح نووي وحرمان النظام من الموارد التي يستخدمها لتعزيز أنشطته المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء العالم”.
ويأتي هذا في الوقت الذي بعثت فيه واشنطن برسالة، عبر الإمارات، إلى طهران تقترح فيها إجراء محادثات بشأن اتفاق نووي، محذرة من تبعات عدم الاستجابة لذلك.
وسلم أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات الرسالة لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأربعاء.
وبالتزامن مع اجتماع عراقجي وقرقاش، ذكرت وسائل إعلام رسمية أن المرشد الإيراني علي خامنئي قال لمجموعة من طلاب الجامعات إن عرض ترمب لإجراء محادثات “خداع يهدف إلى تضليل الرأي العام”.
واعتبر خامنئي، الأربعاء، أن التفاوض مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي قال إن مطالبها مبالغ فيها، “سيؤدي إلى استمرار العقوبات وزيادة الضغوط على إيران”، حسب ما نقلت عنه وسائل إعلام إيرانية.
وأضاف: “عندما نعلم أنهم لن يلتزموا، فما جدوى التفاوض؟ وبالتالي، فإن الدعوة للتفاوض هي خداع للرأي العام”.
واستأنف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي حملة “أقصى الضغوط” على إيران، سعياً لمنعها من تطوير سلاح نووي، لكنه عبر أيضاً عن استعداده للتوصل إلى اتفاق، وللتحدث مع الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان.
ضغوط متزايدة
وتوصلت إيران إلى اتفاق في عام 2015 مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والصين، فيما عرف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، جرى بموجبه رفع العقوبات عن طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وانسحبت واشنطن من الاتفاق في عام 2018 أثناء الولاية الأولى في رئاسة ترمب. وبدأت إيران في المقابل في التخلي عن التزاماتها المتعلقة بالبرنامج النووي.
ولن تستطيع بريطانيا وفرنسا وألمانيا تفعيل ما يُسمى بإعادة فرض جميع العقوبات الدولية على إيران في 18 أكتوبر، مع انتهاء صلاحية قرار الأمم المتحدة لعام 2015 بشأن الاتفاق.
وطلب ترمب من الدبلوماسيين الأميركيين بالأمم المتحدة العمل مع الحلفاء لإعادة فرض العقوبات والقيود الدولية على إيران.
وبموجب الآلية المعقدة لحل النزاعات في الاتفاق النووي التي تستغرق شهرين، فإن أمام الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق حتى أوائل أغسطس لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران.