تدرس ألمانيا تعديل قانون التجارة الخارجية، لقطع الطريق على الاستحواذ على الشركة المشغّلة لخط أنابيب “نورد ستريم 2” من قبل جهات أخرى، وذلك ضمن جهود برلين لمنع أي استئناف لواردات الغاز الروسي، حسبما نقلت “فاينانشيال تايمز”.

وبحسب مراسلات من وزارة الاقتصاد الألمانية، فإن برلين تدرس تشديد قوانين مراجعة الاستثمارات لضمان منع أي تغييرات في الملكية قد تمكن من إعادة تشغيل خطوط الأنابيب.

وفي رد مكتوب على أسئلة من نواب حزب الخضر بشأن خطوط الأنابيب، اطلعت عليه “فايننشال تايمز”، قالت الوزارة إنها “تُناقش حالياً ما إذا كان سيجرى تعديل قانوني ضروري على نظام مراجعة الاستثمارات”.

وعلى مدى عقود، اعتمدت ألمانيا على الغاز الروسي الرخيص، لكنها منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022، بدأت في البحث عن بدائل.

وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، إنه سيضمن عدم تشغيل خط “نورد ستريم 2″، رغم أن ألمانيا كانت قد دعمت المشروع في وقت سابق.

لكن في الوقت الحالي، لا تملك برلين أي وسائل قانونية لمنع بيع أصول المشروع، التي تعود ملكيتها لشركة جازبروم الروسية العملاقة (GAZP.MM).

قلق ألماني

ويتكوّن نظام خطوط أنابيب “نورد ستريم” من خطين مزدوجين يعبران بحر البلطيق وصولًا إلى ألمانيا، وكان يمثل أكبر مسار لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا، بقدرة تصل إلى 110 مليارات متر مكعب سنوياً.

أما الخط الثاني، “نورد ستريم 2″، فقد اكتمل بناؤه في عام 2021، لكنه لم يدخل حيز التشغيل بسبب تدهور العلاقات بين روسيا والغرب، كما تعرض لانفجارات غامضة في عام 2022 أدّت إلى تدمير أحد الخطين، بينما بقي الآخر سليماً.

وتخضع شركة “نورد ستريم 2″، ومقرها في سويسرا، حالياً لإجراءات إفلاس، قد تؤدي إلى بيع أصول المشروع.

وأثارت تقارير نشرتها “فاينانشيال تايمز” في مارس الماضي قلق الحكومة الألمانية، إذ أفادت بأن رجال أعمال روساً وأميركيين مرتبطين بالكرملين يسعون لإعادة تشغيل خطوط الأنابيب، ما دفع ميرتس إلى بدء مناقشات مع مسؤولين في برلين وبروكسل لإبقائها مغلقة.

ولا تملك برلين سيطرة حكومية على أي من خطوط أنابيب نورد ستريم، وبموجب التشريعات الحالية، لا يمكنها فعل الكثير لمنع أي تغييرات في ملكية الكيان السويسري المالك لها، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

وإذا جرت محاولة لإعادة تشغيل الخطوط، فستلزم برلين قانونياً بمنح شهادة تقنية، لكنها تفتقر فعلياً إلى السلطة لمنع ذلك ما لم يتم تغيير القوانين.

حظر خطوط الأنابيب

ودفعت المستشارية الألمانية، باتجاه حظر خطوط الأنابيب كجزء من جولة عقوبات الاتحاد الأوروبي المقبلة ضد روسيا بسبب حربها على أوكرانيا.

ومع ذلك، فشل قادة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع، في الموافقة على حزمة العقوبات الجديدة، بسبب معارضة سلوفاكيا.

ووفقاً لشخص مطلع على المحادثات، دُعي المستثمر الأميركي، ستيفن لينش، أحد الساعين لإعادة تشغيل خطوط الأنابيب، إلى اجتماع في وزارة الاقتصاد الألمانية لمناقشة خططه في 6 مايو الماضي. وكانت صحيفة “دي تسايت” أول من أورد خبر الاجتماع.

وعندما سأل نواب حزب الخضر وزارة الاقتصاد عن اجتماع لينش، قالت الوزارة إنه لم يُعقد أي اجتماع على مستوى رفيع، لكن المسؤولين غالباً ما يتبادلون المعلومات مع المؤسسات والأفراد فيما يتعلق بمجالات خبرتهم.

ويعتقد لينش أن أوروبا ستكون مستعدة يوماً ما لشراء الغاز الروسي مجدداً، وفقاً لشخص مطلع على تفكيره. ولا يعتقد المستثمر الأميركي أنه سيكون من الضروري القيام بالعمل المكلف لإصلاح خطوط الأنابيب المتضررة، مجادلاً بأن خطاً واحداً سيكون كافياً لتلبية الطلب الأوروبي.

ماذا يقول القانون الألماني؟

وبموجب القانون الألماني، يحق لبرلين منع تغييرات الملكية المتعلقة بالمستثمرين من خارج الاتحاد الأوروبي في البنية التحتية الحيوية إذا اعتُبرت الصفقة “تهديداً للنظام العام أو الأمن في ألمانيا”.

وبما أن الشركة المشغلة لخطوط أنابيب “نورد ستريم” تتخذ من سويسرا مقراًو لها، وهي عضو في رابطة التجارة الحرة الأوروبية، فإن أي استحواذ لن يخضع لمراجعة الاستثمار بموجب القواعد الحالية، على حد قولها.

وأطلق المستشار الألبماني السابق، جيرهارد شرودر، الذي تربطه علاقات وثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشروع نورد ستريم.

وحتى قبل أن تبدأ موسكو غزوها لأوكرانيا في عام 2022، كانت خطوط الأنابيب مصدر خلاف بين برلين وواشنطن، حيث ضغطت إدارة ترمب الأولى على المستشارة أنجيلا ميركل آنذاك، لتقليص اعتماد بلادها على روسيا.

وقال متحدث باسم وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، الخميس، إن جهود منع استئناف خطوط الأنابيب تُظهر “استياء” أوروبا من سياسة روسيا المستقلة، التي قال إنها ستواصلها “مهما كان الثمن”.

وأعادت خطط التنشيط الأخيرة، إشعال الجدل في ألمانيا حول الغاز الروسي الرخيص.

ويريد حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، إعادة تشغيل خطوط الأنابيب، بينما أيد بعض السياسيين البارزين من حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي (حزب المستشار ميرتس)، والديمقراطي الاشتراكي الديمقراطي (حزب المستشار السابق شولتز)، هذه الدعوات لتخفيف ارتفاع أسعار الطاقة ودعم الصناعة الألمانية المتعثرة.

مع ذلك، أبلغت الحكومة الألمانية، نواب الخضر، بدعمها لجهود مفوضية الاتحاد الأوروبي الرامية إلى “الوقف التدريجي لواردات الطاقة من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي”.

شاركها.