تكثّف الولايات المتحدة جهودها لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة والانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، إذ توجهت مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي جابارد إلى إسرائيل للوقوف على “مركز التنسيق المدني العسكري”، فيما قدمت واشنطن مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو إلى إنشاء قوة أمنية دولية لمدة عامين قابلة للتمديد.

كما اعتبر مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشؤون العربية والإفريقية، في تصريحات لـ”الشرق”، الاثنين، أن المرحلة الأولى من اتفاق غزة حققت “نجاحاً نسبياw”، ما يفتح الباب للتقدم في المرحلة الثانية.

ووفقاً لما كشفه موقع “أكسيوس” الأميركي، مساء الاثنين، فقد وزّعت واشنطن مسودة مشروع قرار على أعضاء مجلس الأمن الدولي، تقترح فيه إنشاء قوة أمنية دولية تعمل لمدة لا تقل عن عامين قابلة للتمديد حتى نهاية عام 2027. ومن المقرر أن تبدأ المفاوضات بشأن المشروع خلال الأيام المقبلة بهدف التصويت عليه في غضون أسابيع، على أن تُنشر أولى وحدات القوة في غزة بحلول يناير المقبل.

وترى واشنطن أن تشكيل هذه القوة الدولية يمثل المفتاح الأساسي للمرور إلى المرحلة الثانية من الاتفاق. وتشمل هذه المرحلة من الاتفاق موضوعات الحكم والسلاح وقوات الاستقرار الدولية وإعادة الإعمار.

وقال مسؤول أميركي إن “القوة ستكون تنفيذية، وليست لحفظ السلام، ما يعني أنها ستتدخل فعلياً لفرض الأمن، وليس فقط لمراقبة الوضع”، لافتاً إلى أن “القوة ستضم جنوداً من عدة دول، وستعمل بالتنسيق مع مجلس السلام في غزة الذي أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه سيرأسه”، وفق “أكسيوس”.

وبموجب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف إطلاق النار في القطاع، يُعد نشر قوة حفظ الاستقرار الدولية شرطاً لانسحاب إسرائيل من الأراضي التي ما زالت تسيطر عليها والتي تشكل نحو 50% من غزة.

وقالت مصادر دبلوماسية غربية لـ”الشرق”، الاثنين، إن الإدارة الأميركية تعد لتشكيل قوات دولية لتحل محل الجيش الإسرائيلي وراء ما “الخط الأصفر”.

16 دولة تعمل لاستقرار غزة

وفي هذا السياق، كشفت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي غابارد، التي زارت مركز التنسيق المدني العسكري الذي تديره الولايات المتحدة ضمن الاستعدادات الميدانية لتنفيذ المرحلة التالية من اتفاق وقف النار، أن 16 دولة و20 منظمة غير حكومية تعمل حالياً جنباً إلى جنب كجزء من هذه القوة المدنية والعسكرية متعددة الجنسيات، التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار في غزة.

وقالت جابارد في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز”، إن “ما يجري مثال حي لما يمكن أن يحدث عندما تتحد الدول من أجل مصالح مشتركة، بما يحمل من إمكانات لتحقيق سلام دائم يخدم الأجيال القادمة”.

وأكدت أنه “للمرة الأولى منذ جيل، يسود شعور حقيقي بالأمل والتفاؤل في الشرق الأوسط، بفضل قيادة الرئيس ترمب والرؤية التي وضعها عبر اتفاق السلام التاريخي”.

وأوضحت أن الدور الأميركي يتمثل في القيادة والتنسيق والخدمة، وأن “الاستخبارات لا تدعم الأمن فقط، بل تساند السلام والاستقرار الدائمين لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين”.

وتُعد زيارة جابارد للمركز ولمعبر كرم أبو سالم، جزءاً من تحركات أوسع للإدارة الأميركية لضمان نجاح خطة ترمب للسلام في الشرق الأوسط، والتي حظيت بإشادات دولية واسعة عقب إعلان اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في غزة.

وسبق زيارة جابارد إلى إسرائيل، زيارات مماثلة لنائب الرئيس الأميركي جي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر، صهر ترمب ومستشاره.

ضمان سلامة الاتفاق

بدوره وصف مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية، في مقابلة خاصة مع “الشرق”، اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بأنه “اتفاق تاريخي وإنجاز كبير جداً للرئيس ترمب، مثلما عبّر عنه قادة العالم أجمع، وقد شهدنا التأييد الدولي الكبير في شرم الشيخ”.

وقال بولس إن “موضوع التطبيق الكامل، الذي عبر عنه ترمب مؤخراً، شهد نجاحاً نسبياً في المرحلة الأولى، ومن الممكن الآن الانتقال إلى المرحلة الثانية”.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، شهدت إسطنبول اجتماعاً وزارياً موسّعاً بمشاركة وزراء خارجية تركيا وقطر والسعودية والإمارات والأردن وباكستان وإندونيسيا، لبحث تثبيت وقف إطلاق النار ومتابعة تنفيذ مبادرة ترمب وما تلاها من إعلان شرم الشيخ، إضافة إلى نتائج اجتماع التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين الذي عُقد في الرياض مؤخراً.

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن العمل جارٍ على قرار أممي لإرسال قوة دولية إلى غزة من أجل تحقيق الاستقرار وضمان تنفيذ الاتفاق.

كما أوضحت وزارة الخارجية الأردنية أن الاجتماع تناول جهود إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق، وبحث الخطوات المتعلقة بمستقبل حوكمة وأمن غزة والمضي نحو سلام عادل على أساس حل الدولتين.

وقالت الوزارة الأردنية إن الاجتماع الوزاري بشأن غزة بحث أيضاً جهود تثبيت وقف إطلاق النار في القطاع والالتزام بجميع بنود الاتفاق، وإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق.

شاركها.