تحقيقات مكافحة الفساد تطال نجل نائب رئيس وزراء الصين السابق

تُجري السلطات الصينية تحقيقاً مع نجل ليو هي، نائب رئيس الوزراء السابق والمقرب من الرئيس شي جين بينج، الذي تفاوض على صفقة تجارية في عهد الإدارة الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترمب، حسبما ذكرت مصادر مطلعة لصحيفة “فاينانشيال تايمز”.
ونقلت الصحيفة البريطانية، الأحد، عن 7 أشخاص مطلعين على التحقيق، قولهم إن ليو تيانران، وهو خبير مالي، شغل والده منصب “القيصر الاقتصادي” للصين، يخضع لتحقيق يتعلق بشبهة “فساد مالي”.
ويُعد ليو تيانران، أحد أبناء كبار مسؤولي الحزب الشيوعي الصيني الذين يُطلق عليهم لقب “أمراء”، وأسس شركة استثمارية اسمها “سكايكوس كابيتال” Skycus Capital في عام 2016، وكان أول رئيس لها.
ويوصف “الأمراء” أيضاً بأنهم “ولاة عهد الحزب” الشيوعي، وهم أبناء كبار المسؤولين البارزين والمؤثرين في الصين، وهو تصنيف غير رسمي، للإشارة إلى من يُعتقد أنهم يستفيدون من المحسوبية والمحاباة.
وقال زميل سابق لتيانران، إنه “كان يخضع للتحقيق لفترة من الوقت”، و”ربما يكون فقد حريته”، ما يعني أنه ربما يكون قد اعتقل. وقال شخص ثانٍ إنه مُحتجز بالفعل، فيما قال شخصان آخران إنه يخضع للتحقيق منذ 6 أشهر على الأقل.
وأضاف أحد الأشخاص، الذين قالوا إن التحقيق يتعلق بشبهة فساد، إن السلطات الصينية حققت أولاً مع ليو تيانران، فيما يتعلق بالطرح العام الأولي المُخطط له لمجموعة “آنت” Ant Group بقيمة 37 مليار دولار، الذي كان من المقرر أن يُصبح أكبر طرح عام أولي في العالم، إلى أن أوقفته بكين.
وخلال التحقيق، كشفت السلطات عن حالات فساد غير ذات صلة، وفقاً للشخص الذي أضاف أن الرئيس الصيني شي جين بينج، تلقى تقريراً بشأن هذه الاتهامات.
حملة مكافحة الفساد
ووفق الصحيفة، يأتي التحقيق في الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصينية، إجراءات صارمة ضد قطاع التمويل الصيني، بما في ذلك خفض رواتب مصرفيين، والتدقيق في جمع أموال، وإبرام صفقات للعديد من صناديق الاستثمار الكبرى.
وأشارت إلى أن بعض كبار المستثمرين الصينيين، خضعوا لاستجواب واحتجزوا، بسبب جمعهم للأموال، بمن فيهم تشين داتونج، وهو أحد كبار المستثمرين في قطاع أشباه الموصلات.
ونقلت الصحيفة عن كريستوفر جونسون، المحلل السابق لشؤون الصين في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، الذي يرأس حالياً China Strategies Group، وهي شركة استشارية لتقييم المخاطر مقرها كاليفورنيا: “إذا كانت هذه القضية صحيحة، فإنها تتوافق مع شكل جديد من التحقيقات التي سمح بها شي في السنوات الأخيرة”.
وأضاف: “هذه التحقيقات، التي تركز على المكاسب غير المشروعة التي يحققها شركاء كبار القادة الصينيين، تضع أهدافها في منطقة محايدة بين السجل النظيف والاحتجاز الرسمي”.
وتابع: “يمكن لهؤلاء المسؤولين بشكل عام، تجنب الاعتقال إذا أعادوا مكاسبهم غير المشروعة إلى الدولة، لكن حجم مخالفات ليو المزعومة قد يختبر حدود هذا الترتيب”.
بدوره، قال دينيس وايلدر، الرئيس السابق لقسم تحليلات الصين في الاستخبارات المركزية الأميركية، إن التحقيق يشير إلى أن رئيس الوزراء السابق ليو هي، ربما يواجه مشكلات، لافتاً إلى أنه كان يلتقي بانتظام مع أجانب بعد تقاعده في عام 2023، بينهم وزيرة الخزانة الأميركية آنذاك جانيت يلين في أبريل 2024؛ لكن اجتماعاته تقلصت بشدة خلال العام الماضي.
وقال أحد الأشخاص المطلعين على الأمر: “ليو كان يخضع لرقابة شديدة”، مضيفاً أن بعض الأشخاص الذين كانوا على دراية بالتحقيق مع نجله، افترضوا أن تراجع مكانته مرتبط بالتحقيق.
خلافات مع الرئيس الصيني
ورجح وايلدر وهو أستاذ في جامعة “جورج تاون” والمسؤول السابق في البيت الأبيض لشؤون آسيا، أن ليو ربما اختلف مع الرئيس شي جين بينج، وهو أحد معارف طفولته، مضيفاً: “بالنظر إلى المشكلات السياسية التي يواجهها ليو هي، وعدم قدرته على التواصل مع شي جين بينج، فلم يعد لديه النفوذ السياسي الكافي لحماية نجله”.
في المقابل، رفض أحد المقربين من ليو تيانران، صحة الاتهامات التي نشرتها صحيفة “فاينانشيال تايمز”، ووصفها بأنها “لا تستند إلى حقائق وغير صحيحة على الإطلاق”.
وأظهرت سجلات للشركة اطلعت عليها “فاينانشيال تايمز”، أن ليو تيانران، استقال رسمياً من منصب رئيس شركة “سكايكوس كابيتال” في أبريل 2017، قبل 6 أشهر من ترقية والده للانضمام إلى المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني المكون من 25 عضواً.
وعُيّن ليو هي لاحقاً نائباً لرئيس الوزراء، وأُسندت إليه مسؤولية الإشراف على القطاع المالي. وتمنع قواعد الحكومة الصينية أبناء الكوادر العليا من إدارة الشركات في القطاعات التي تنظمها إحدى الشركات الأم.
وفي عام 2021، صرّح مقربون من عمليات شركة “سكايكوس” لصحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن ليو تيانران، الذي يستخدم أيضاً الاسم الإنجليزي آندي، واصل العمل على صفقات الشركة بعد تنحيه عن رئاسة مجلس الإدارة ونقل أسهمه.
وتُظهر سجلات تجارية أن صناديق “سكايكوس” جمعت أموالاً من العديد من المؤسسات الحكومية، بما في ذلك بنك التنمية الصيني، أكبر مُقرض يدعم سياسات البلاد، ومجموعة الاتصالات تشاينا موبايل، وبنك إندستريال كو.
وبالإضافة إلى تلقي أموال من شركات التكنولوجيا العملاقة مثل Tencent، وJD.com، استثمرت “سكايكوس” أيضاً في خطوط أعمالها الفرعية.
بدأ ليو تيانران، مسيرته المهنية كصحفي في صحيفة “إيكونوميك أوبزرفر”، وهي صحيفة أعمال صينية، ثم عمل لاحقاً في بنك “سي سي بي الدولي”، وهو فرع لبنك حكومي كبير، قبل أن ينضم إلى صندوق مدعوم من حكومة شنغهاي. وفي عام 2016، أسس شركة “سكايكوس” لإدارة الأصول.