تحقيقات “مكافحة الفساد” تقلص دور العسكريين في برلمان الصين

يشهد حجم المشرعين العسكريين في برلمان الصين، تراجعاً ملحوظاً وقد ينكمش أكثر في ظل حملة “تطهير من الفساد” يقودها الرئيس شي جين بينج، ما يلقي بظلاله على الاجتماع السنوي للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، أكبر حدث سياسي في بكين، حسبما أفادت صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
وسيشهد الاجتماع السنوي للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، الذي ينطلق الأربعاء المقبل، مشاركة 267 مندوباً عسكرياً، مقارنة بـ281 مندوباً تم تعيينهم في عام 2023، حيث جرى إقصاء 14 منهم بسبب تحقيقات في قضايا تتعلق بـ”الفساد”.
ومن بين 2997 مندوباً تم تعيينهم في المجلس الوطني في عام 2023، لا يزال 2942 في مناصبهم، إذ يعد الوفد العسكري، الذي يضم ممثلين عن الجيش الصيني والشرطة الشعبية (منظمة شبه عسكرية مسؤولة عن الأمن الداخلي)، الأكثر تضرراً من حيث تقليص عدد الأعضاء مقارنة بأي وفد إقليمي أو قطاع حكومي أو صناعي آخر ممثل في المجلس الوطني، أو في المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني.
وتؤكد البيانات الرسمية، أن الحملة التي يقودها الرئيس الصيني ضد ما يسميه الحزب الشيوعي الصيني بـ”انتهاكات الانضباط” تلقي بعبء أكبر على القوات المسلحة مقارنة ببقية فئات المجتمع.
الاقتصاد في المقدمة
وبحسب “فاينانشيال تايمز”، تأتي حملات “التطهير من الفساد”، في وقت من المتوقع أن يعطي قادة الحزب الشيوعي، الأولوية للاقتصاد هذا العام خلال اجتماعات الدورتين السنوية، التي تشمل “المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني” و”المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني”.
وتواجه بكين مخاوف متزايدة من تأثير الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة على صادراتها المزدهرة، التي ساهمت خلال العامين الماضيين في تعويض الركود العميق في قطاع العقارات المحلي.
ومن المتوقع أن يعلن القادة الصينيون، هدفاً طموحاً آخر لنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5% هذا العام، معتمدين على إجراءات تحفيزية أوسع لدعم الاقتصاد.
وتمثل إزاحة العسكريين من المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني بسبب “تحقيقات الفساد”، تذكيراً طويل الأمد للرئيس الصيني على تحسين كفاءة الجيش، في ظل تنافس بلاده مع الولايات المتحدة على النفوذ في محيط تايوان وبحر الصين الجنوبي.
وتعد الزيادة المتوقعة في الإنفاق العسكري الرسمي، التي يُنتظر الإعلان عنها ضمن الميزانية، بالإضافة إلى خطاب شي أمام المندوبين العسكريين، المقررين هذا الأسبوع، أبرز المحطات العسكرية خلال هذا العام.
قدرات الجيش
وعلى الرغم من تأثير الحملة على المستويات العليا للجيش، إلا أنها لم تؤثر بشكل ملموس على قدراته أو وتيرة عملياته، حيث يواصل الجيش الصيني تصعيد الضغط على تايوان ونشر قواته في مواقع تمتد لمسافات أبعد عن حدود الصين.
وأقدمت بكين على إقالة 10 مندوبين عسكريين من المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني قبل انعقاد الدورتين العام الماضي، وذلك بعد أن بدأ شي جين بينج حملة تطهير داخل “قوة الصواريخ” في الجيش المسؤولة عن الترسانة الصاروخية، بما في ذلك الصواريخ النووية، إضافة إلى جهاز مشتريات الأسلحة.
ومنذ مارس الماضي، فقد 4 مسؤولين عسكريين كبار مناصبهم كمندوبين في المجلس الوطني، لتورطهم في تحقيقات الفساد المتصاعدة.
ومن المرجح أن يكون تمثيل الجيش الصيني في الدورة العامة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني العام المقبل، أقل من السابق، بعد أن طالت حملة التطهير مياو هوا، المفوض السياسي الأعلى في الجيش الصيني، إذ تم تعليق مهامه كعضو في اللجنة العسكرية المركزية، التي يرأسها شي وتمثل القيادة العليا للقوات المسلحة، وكذلك كرئيس لدائرة العمل السياسي في اللجنة.
ويراقب المحللون، مصير 3 مندوبين عسكريين آخرين اختفوا مؤخراً، فقد غاب كل من لي تشياو مينج، قائد جيش التحرير الشعبي، ووانج تشون نينج، قائد الشرطة المسلحة الصينية، ويون هوا تشي، المفوض السياسي للقوات البحرية، عن اجتماعات رئيسية عقدت في ديسمبر ويناير الماضيين.