تراجع أسعار الكمون يعمّق خسائر المزارعين في رأس العين
– رأس العين
تتواصل معاناة مزارعي الكمون في مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة هذا الموسم، بعد هطولات مطرية أتلفت 65% من المحصول، وصولًا إلى أسعار منخفضة لا تعوَض الضرر، إنما تعمق حجم الخسارة.
وتكمن المشكلة حاليًا بتراجع سعر كيلوغرام الكمون من 12 دولارًا أمريكيًا إلى ثلاثة دولارات، وتحكّم التجار بالسعر، وغياب آليات تسويق المحصول.
وحصلت على قائمة بأسعار الكمون في المنطقة، وبلغ سعر الكيلو من الكمون السوري المغربل، المعروف أيضًا بـ”الزيرو”، ثلاثة دولارات، والكمون السوري العادي دون غربلة بدولارين، أما الكمون التركي حديث الزراعة في المنطقة، فسعر الكيلو المغربل ثلاثة دولارات، وسعر الكمون غير المغربل، الذي ينتمي إلى نوعية مجهولة المصدر، يتراوح بين دولارين ودولارين ونصف.
وتبدأ زراعة الكمون في المنطقة من منتصف تشرين الثاني، وتمتد حتى كانون الأول، بينما تبدأ فترة الحصاد مطلع أيار من كل عام.
الأسعار يحددها التجار
تغيب “الحكومة السورية المؤقتة” عن دعم تسويق المحاصيل الزراعية في منطقتي رأس العين وتل أبيض، ويترك تحديد أسعار المحاصيل إلى التجار الذين يشترونها بأسعار لا تتجاوز حتى التكاليف التي وضعها المزارعون.
والتقت بعدد من المزارعين الذين اشتكوا من كساد محصول الكمون، وتحديد التجار أسعارًا “غير مناسبة” لا تتيح للمزارع أي فرصة للحصول على أرباح معقولة.
عبد الله السطام، مزارع من قرية علوك غربي رأس العين، قال ل، إنه زرع هذا العام مساحة تصل إلى 130 دونمًا من الكمون، على أمل تعويض الخسائر التي تكبدها في المواسم السابقة، بما في ذلك محاصيل القمح والقطن.
وأضاف أنه بعد الحصاد، ونظرًا إلى تضرر محصوله بنسبة 85%، لم يتجاوز الإنتاج 15 كيلوغرامًا للدونم الواحد، وهو إنتاج لا يغطي تكاليف الأدوية التي استخدمها لعلاج الكمون من الأمراض.
وذكر أن الأضرار التي لحقت به زادت بعد بيع الكمون في السوق، إذ لم يعرض التجار أكثر من دولارين وربع للكيلو الواحد، على الرغم من أن محصوله ينتمي إلى الصنف الأول المعروف بـ”الزيرو”، مشيرًا إلى أنه عرض بيته وجراره الخاص للبيع، من أجل تعويض الخسائر.
أما مرعي زرقان من قرية الصالحية غربي رأس العين، فقد زرع الكمون بمساحة تقدر بـ40 دونمًا، لكن الإنتاج لم يتجاوز 20 كيلوغرامًا للدونم الواحد، وهو أيضًا لم يكن كافيًا لتغطية التكاليف، حسب قوله.
وأضاف أن التجار لم يعرضوا عليه سوى دولارين للكيلو، وأبدى غضبه من الحالة التي وصل إليها المزارعون، مشيرًا إلى أنه قرر التوقف عن الزراعة نهائيًا، لأنها لم تعد تؤمن عيشًا كريمًا.
وطالب المزارعون “الحكومة المؤقتة” بإيجاد حلول لهذا الوضع “غير المقبول”، وضرورة الوفاء بالتزاماتها تجاه المزارعين.
مساحة ضيقة وتصدير صعب
تقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليهما “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، بينما تحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.
مالك النعيمي، صاحب شركة لتجارة المحاصيل الزراعية، قال ل، إن انخفاض أسعار الكمون وغيره من المحاصيل الزراعية يعود إلى ضيق المساحة الجغرافية وصعوبة التصدير.
وأوضح أن التجار كانوا سابقًا يصدرون الكمون والنباتات العطرية إلى الداخل السوري، نظرًا إلى استخداماتها الطبية والعلاجية.
وأضاف أن عملية التصدير من سوريا إلى تركيا، ثم من تركيا إلى دول مثل العراق أو غيرها، تتطلب إجراءات طويلة وأحيانًا صعبة، نظرًا إلى القوانين الخاصة بكل دولة، ما يستلزم الانتظار الطويل، ويفرض تكاليف عالية للنقل والتخليص الجمركي.
وأشار إلى أن أرباح التجار أقل بكثير مما يتوقعه الأهالي، حيث يترك هذا العمل لهم هامش ربح لا يتجاوز 5% للطن الواحد حاليًا.
وفي تصريح سابق ل، قال رئيس مكتب الزراعة في المجلس المحلي، عمر حمود، إن نسبة الضرر من الأراضي المزروعة بمحصول الكمون وصلت إلى أكثر من 65% من حجم المساحة المزروعة والبالغة نحو 60ألف دونم هذا العام.
وأضاف أن تغير المناخ وهطول كميات كبيرة من الأمطار أدى إلى تضرر هذا المحصول بشكل كبير وإصابته بعدة أمراض، أهمها الذبول الذي يصيب النبتة في البدايات، ويؤدي إلى موتها بشكل كامل، بالإضافة إلى مرض “اللفحة” الذي أصاب الكمون وهو في مراحل متقدمة من عمر النبات، والذي تسبب بموت الجذور.
وأوضح أن الكمون في عام 2023 نجح لأن الظروف المناخية كانت مناسبة له، كونه من النباتات الحساسة.
وتعد الزراعة إلى جانب تربية المواشي من المهن الأساسية التي يعمل بها أغلبية سكان منطقة رأس العين والمناطق الشمالية والشمالية الشرقية في سوريا، وهي تشكّل مصدرًا رئيسًا للدخل في هذه المناطق.
وتدير تركيا مدينتي رأس العين وتل أبيض شمالي سوريا، وتُدار المؤسسات الخدمية فيها عبر مركز ولاية أورفا التركية، ويشرف المجلس المحلي في المدينة على تنفيذ المشاريع الخدمية التي تعتبر خجولة مقارنة بتلك التي تنفذ شمالي محافظة حلب.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي