قبل أقل من 24 ساعة على توافد قادة الاتحاد الأوروبي إلى بروكسل لإجراء محادثات حيوية بشأن تمويل المجهود الحربي لأوكرانيا عبر الأصول الروسية المجمدة، ترى بلجيكا أن المفاوضات “تتراجع بل تسير في الاتجاه المعاكس”، حسبما ذكرت مجلة “بوليتيكو” نقلاً عن دبلوماسيين.
وصرح السفير البلجيكي لدى الاتحاد الأوروبي، بيتر مورس، لنظرائه، الأربعاء، خلال محادثات مغلقة: “نحن نعود إلى الوراء”، وفقاً لدبلوماسيين اثنين حضرا الاجتماع.
وتسابق المفوضية الأوروبية ومسؤولو الاتحاد الزمن لتبديد المخاوف البلجيكية بشأن حزمة تمويل لأوكرانيا بقيمة 210 مليارات يورو، تعتمد على استغلال الأصول الحكومية الروسية المجمدة في دول التكتل.
ويعد دعم بلجيكا أمراً حاسماً، حيث يقع النصيب الأكبر من هذه الأصول في مؤسسة “يوروكلير” المالية، ومقرها بروكسل.
ويرفض رئيس الوزراء البلجيكي، بارت دي ويفر، الموافقة على الخطة ما لم تقدم الحكومات الأوروبية الأخرى ضمانات مالية وقانونية جوهرية تحمي مؤسسة “يوروكلير” وحكومتها من أي رد فعل انتقامي روسي، سواء في الداخل أو الخارج.
معضلة الضمانات المالية
تتمثل إحدى النقاط الأكثر حساسية بالنسبة لبلجيكا في وضع سقف للضمانات المالية التي تبلغ حالياً 210 مليارات يورو، إذ تعتقد بروكسل أن الضمانات المقدمة من دول الاتحاد الأخرى يجب أن تكون بلا حدود لضمان حمايتها تحت أي سيناريو محتمل.
وكانت المحادثات تبدو وكأنها تسير في الاتجاه الصحيح، حيث أيدت بلجيكا مقترحاً للمفوضية يقضي بأن تساهم العواصم الأوروبية بأكبر قدر ممكن من الضمانات المالية لدعم حزمة أوكرانيا، إلا أن السفير البلجيكي فجر مفاجأة في نهاية الاجتماع بتراجعه عن هذا التفاؤل.
وعلق أحد الدبلوماسيين، الذي طلب عدم كشف هويته: “لم أعد أعرف ما الذي سيحدث”، فيما رفض متحدث باسم البعثة البلجيكية الدائمة التعليق.
مطالب بلجيكية ومخاوف أوروبية
من بين المطالب الرئيسية الأخرى لبلجيكا، إنهاء جميع دول الاتحاد الأوروبي لاتفاقيات الاستثمار الثنائية مع روسيا، لضمان عدم ترك بلجيكا وحيدة في مواجهة موسكو. لكن ما أثار استياء بروكسل، أبدت عدة دول تردداً في اتخاذ هذه الخطوة خوفاً من رد فعل الكرملين.
ووفقاً لدبلوماسي في الاتحاد الأوروبي، صرح “مورس” خلال الاجتماع بأن أي قرار بشأن استخدام الأصول يجب أن يتخذه رئيس الوزراء “دي ويفر” شخصياً.
بدائل التمويل والديون المشتركة
وتضغط بلجيكا على المفوضية لاستكشاف خيارات بديلة لتمويل أوكرانيا، مثل إصدار ديون مشتركة، وهو الموقف الذي بدأ يكتسب تأييداً من بلغاريا وإيطاليا ومالطا.، وفق المجلة.
وفتحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الباب بحذر أمام خيار الديون المشتركة خلال خطاب ألقته أمام البرلمان في ستراسبورج، الأربعاء، قائلة: “لقد اقترحت خيارين مختلفين للمجلس الأوروبي المقبل، أحدهما يعتمد على الأصول، والآخر على الاقتراض من التكتل، وسيتعين علينا تقرير المسار الذي نريد اتخاذه”.
ومع ذلك، يتطلب خيار الديون المشتركة إجماعاً تاماً، وهو أمر مستبعد في ظل تهديدات رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي مساعدات إضافية من الاتحاد لكييف.
واقترح “مورس” حلاً محتملاً عبر تفعيل “بند الطوارئ” (المادة 122)، وهو ما من شأنه إبطال تهديد “الفيتو”. لكن محامين في المفوضية والمجلس الأوروبي رفضوا المقترح البلجيكي في الاجتماع ذاته، مؤكدين أنه غير قابل للتطبيق قانوناً.
يُذكر أن هذه الفكرة كانت قد طرحتها لأول مرة رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، خلال عشاء لوزراء المالية الأسبوع الماضي، لكنها واجهت اعتراضات من دول شمال أوروبا.
ومن المتوقع أن يطرح “دي ويفر” هذا الخيار مجدداً خلال اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي يوم الخميس، وفقاً لـ”بوليتيكو”.
