ترامب “يستفز مصر”.. قناة السويس محور “مواجهة” وخبير يكشف رد القاهرة

في خطوة جديدة أثارت جدلاً واسعاً، طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالسماح للسفن العسكرية والتجارية الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناة السويس وقناة بنما، مبرراً طلبه بأن الولايات المتحدة “أسهمت في إنشاء هاتين القناتين” ويجب أن تحصل على امتيازات خاصة، وأوضح ترامب عبر منصته “تروث سوشال” أنه كلف وزير الخارجية ماركو روبيو بالتعامل مع القضية بشكل عاجل، فيما كشف خبير لـ”كالة ستيب الإخبارية” استحالة تحقيق مطلب الرئيس الأمريكي موضحاً الأسباب.
حماية أم مكاسب سياسية؟
لم تكن تصريحات ترامب معزولة عن المشهد العام، بل جاءت ضمن استراتيجية مدروسة لاستغلال الأزمات الإقليمية، إذ أشار إلى أن الضربات الأمريكية ضد الحوثيين تهدف لحماية الممرات المائية المهمة، وعلى رأسها قناة السويس.
الباحث السياسي محمد شعت أوضح في حديث مع وكالة “ستيپ الإخبارية” أن ترامب يحاول توظيف التوترات الإقليمية للحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية لصالح بلاده.
وأضاف “شعت” أن تسريبات لمحادثات عبر تطبيق “سيجنال” بين مسؤولين أمريكيين، من بينهم بيت هيغسث وشخص يُرمز له بـ”SM” يُعتقد أنه ستيفن ميلر، كشفت أن واشنطن لا تنوي توفير الحماية للممرات مجاناً، بل تنتظر ثمناً من مصر وأوروبا.
قناة بنما… بين التاريخ والصراع الجديد
لم يكن استهداف قناة بنما غريباً في تصريحات ترامب، فهي لطالما كانت ساحة صراع بين واشنطن ودول أمريكا اللاتينية.
ورغم أن الولايات المتحدة شيدت القناة في بداية القرن العشرين، فقد سلمت إدارتها إلى بنما عام 1999، ومع ذلك، يبدو أن ترامب يسعى لاستعادة تأثير بلاده على هذا الممر الحيوي الذي تمر عبره نحو 5% من التجارة البحرية العالمية.
قناة السويس… الشريان الحيوي وموقع الأزمة
أما قناة السويس، فهي تعتبر شريان التجارة العالمي، حيث تمر عبرها 12% من التجارة الدولية، ومع الأزمة الحالية في اليمن، تراجعت أعداد السفن العابرة بنسبة 60% نتيجة تصاعد التوترات في البحر الأحمر، ووفقًا للرئاسة المصرية، فقد خسرت القناة نحو سبع مليارات دولار من العائدات خلال الفترة الماضية.
مصر ودورها المحوري في حماية الممرات المائية
أكد “محمد شعت” أن مصر لا تعتمد على الولايات المتحدة في تأمين قناة السويس أو البحر الأحمر، بل تتحمل دورًا رئيسيًا في حماية الممرات المائية.
ويقول: “في بداية هذا الشهر، تسلمت مصر قيادة قوة المهام الدولية (CTF 153) التي تسعى لتعزيز الأمن في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن”. وشدد شعت على أن لمصر تاريخاً طويلاً في الدفاع عن مصالحها البحرية.
ويضيف: “تجسد هذا الاهتمام أيضاً في إنشاء قاعدة برنيس العسكرية عام 2020، إلى جانب تطوير الأسطول الجنوبي، الذي بات من أقوى الأساطيل البحرية في المنطقة وفق تصنيفات عالمية مثل جلوبال فاير باور”.
ويتابع: “موقف مصر الراسخ تجاه أمن البحر الأحمر وقناة السويس ليس وليد اللحظة. ففي عام 2015، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر لن تسمح لأي طرف بتهديد مضيق باب المندب. كما شدد وزير الخارجية المصري مؤخراً على أن الدول المطلة على البحر الأحمر تتحمل مسؤولية حماية الممرات، في تعاون وثيق مع الشركاء الدوليين”.
وكان قد أكد وزير الخارجية المصري على التزام الدول المطلة على البحر الأحمر بتحمل مسؤولية حمايته، مشددًا على تعاون مصر مع شركائها لضمان حرية الملاحة.
خرق للمعاهدات الدولية أم نزعة أمريكية جديدة؟
تعد قناة السويس محمية بموجب اتفاقية القسطنطينية لعام 1888، التي تنص على حرية الملاحة لجميع السفن مع إمكانية فرض رسوم مرور عادلة.
الباحث محمد شعت أشار إلى أن مطلب ترامب بمرور السفن مجاناً يمثل خرقاً صارخاً لهذه المعاهدات الدولية واعتداءً سافراً على السيادة المصرية.
وقال: “إن قواعد هيئة قناة السويس الحديثة تحدد الرسوم استناداً إلى نوع السفينة وحمولتها، دون أي تمييز على أساس الجنسية، مما يجعل من المستحيل قانونياً الاستجابة لمطالب ترامب”.
انعكاسات اقتصادية خطيرة على مصر
اقتصادياً، فإن تمرير هذا المطلب إن حصل سيكون كارثياً على إيرادات قناة السويس، خاصةً أن القناة تواجه بالفعل تراجعاً حاداً في عائداتها بسبب انخفاض حركة الملاحة.
فقد انخفض عدد السفن من 26 ألفاً في العام المالي 2022/2023 إلى 20 ألفاً فقط في 2023/2024. وأعلنت مصر مؤخرًا عن زيادة رسوم العبور بنسبة 15% لمواجهة التراجع في العائدات.
وفي المجمل، تكشف تصريحات ترامب عن نهج أمريكي جديد أكثر عدوانية تجاه الممرات البحرية الدولية، ما يفتح الباب أمام أزمات دبلوماسية مع مصر وبنما ودول أخرى، ومع تمسك مصر بسيادتها الكاملة على قناة السويس، يبدو أن هذه الأزمة قد تتطور إلى صراع أوسع بين القوانين الدولية والنزعات الانفرادية لبعض القوى الكبرى.
المصدر: وكالة ستيب الاخبارية