حث الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على قبول الشروط الروسية لإنهاء الحرب الدائرة منذ عام 2022، محذراً من أن الرئيس فلاديمير بوتين هدد بـ”تدمير أوكرانيا” في حال رفضت ذلك، بحسب ما نقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز” عن مصادر مطلعة.

وقالت مصادر مطلعة إن اللقاء بين الرئيسين الأميركي والأوكراني في البيت الأبيض، الجمعة، تحوّل عدة مرات إلى “مشادة كلامية حادة”، مشيرةً إلى أن ترمب “أطلق عدة شتائم”.

وأوضحت المصادر أن الرئيس الأميركي تجاهل خرائط الجبهات العسكرية التي قدّمها الوفد الأوكراني، وأصرّ على أن يتنازل زيلينسكي عن كامل إقليم دونباس لصالح روسيا، مردداً النقاط التي طرحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مكالمة هاتفية بينهما أُجريت قبل يوم واحد فقط من الاجتماع.

ورغم أن الوفد الأوكراني تمكن في نهاية المطاف من إقناع ترمب بتأييد تجميد خطوط القتال الحالية كحل مؤقت، كشفت مجريات اللقاء، بحسب الصحيفة، عن تذبذب موقف الرئيس الأميركي تجاه الحرب، واستعداده لتبنّي مطالب بوتين.

وأشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أن اللقاء جاء في إطار جهود جديدة يبذلها ترمب لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، وذلك في أعقاب الهدنة الأخيرة التي تم التوصل إليها بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.

وكان زيلينسكي وفريقه يأملون في الحصول على دعم أميركي لتزويدهم بصواريخ “توماهوك” بعيدة المدى، غير أن ترمب رفض الاستجابة لهذا الطلب. 

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الاجتماع يعيد إلى الأذهان لقاءً سابقاً عُقد في البيت الأبيض خلال شهر فبراير، حين وجّه ترمب ونائبه جي دي فانس انتقادات لاذعة لزيلينسكي، متهمين إياه بعدم إظهار “الامتنان الكافي” للدعم الذي قدمته الولايات المتحدة لبلاده. 

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أوروبيين مطلعين على الاجتماع الأخير قولهم إن ترمب بدا كأنه يكرر كلام بوتين حرفياً، حتى في المواضع التي تتعارض مع تصريحاته السابقة التي تحدث فيها عن ضعف روسيا العسكري.

وذكر أحد هؤلاء المسؤولين أن ترمب خاطب زيلينسكي قائلاً إن “عليه التوصل إلى اتفاق مع موسكو، وإلا فإن بلاده ستواجه الدمار”، مضيفاً أن الرئيس الأميركي أكد بوضوح: “إذا أراد بوتين ذلك، فسيدمر أوكرانيا”.

بحسب ثلاثة مسؤولين أوروبيين اطّلعوا على تفاصيل اللقاء، قضى ترمب معظم الوقت في توبيخ زيلينسكي، مردداً خطاب بوتين، ومُصرّاً على حثّه على قبول العرض الروسي.

وقال أحد هؤلاء المسؤولين إن “زيلينسكي خرج من الاجتماع محبطاً للغاية”، مضيفاً أن القادة الأوروبيين “لم يعودوا متفائلين، بل يتعاملون بواقعية مع التخطيط للخطوات التالية”.

ترمب: بوتين ربح بعض الأراضي

وفي مقابلة أجراها مع شبكة Fox News، الأحد، أعرب ترمب عن ثقته بقدرته على إنهاء النزاع، مشيراً إلى أن بوتين “سيحصل على شيء ما، لقد كسب بعض الأراضي”.

وكان الرئيس الروسي عرض على ترمب، خلال مكالمتهما الأخيرة التي جرت الخميس، خطة جديدة تقضي بتنازل أوكرانيا عن المناطق الشرقية من إقليم دونباس التي لا تزال تحت سيطرتها، مقابل حصولها على أجزاء صغيرة من منطقتي خيرسون وزابوريجيا في الجنوب.

واعتبرت الصحيفة أن هذا العرض يمثل تراجعاً طفيفاً مقارنة بعرض بوتين السابق خلال لقائه مع ترمب في ألاسكا في أغسطس، حين عرض تجميد خطوط القتال على امتداد الجبهة مقابل تنازل أوكرانيا عن كامل إقليم دونباس لصالح موسكو.

غير أن ذلك اللقاء انتهى أيضاً بخلاف، بعد أن رفض الرئيس الروسي دعوة نظيره الأميركي إلى وقف فوري لإطلاق النار، وانحرف إلى حديث مطوّل عن التاريخ الأوكراني في العصور الوسطى، ما دفع واشنطن إلى التفكير في زيادة دعمها لكييف، بما في ذلك إمكانية تزويدها بصواريخ “توماهوك” بعيدة المدى.

وأكدت الصحيفة أن التنازل عن ما تبقى من دونباس يُعد أمراً غير مقبول بالنسبة لأوكرانيا، إذ يمنح روسيا أراضي لم تنجح في فرض سيطرتها الكاملة عليها رغم مرور أكثر من عقد على احتلالها جزئياً، ورغم الجهود المتواصلة منذ الغزو الروسي في عام 2022.

ونقلت الصحيفة عن أولكسندر ميريجكو، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوكراني، قوله إن “التنازل عن دونباس لروسيا دون قتال غير مقبول، وبوتين يعلم ذلك جيداً”، مشيراً إلى أن الرئيس الروسي ربما يطرح هذا العرض المثير للجدل بهدف “إثارة الانقسام الداخلي في أوكرانيا وتقويض وحدتنا”.

وأضاف ميريجكو: “المسألة لا تتعلق بالحصول على مزيد من الأراضي لصالح روسيا، بل بكيفية تدمير أوكرانيا من الداخل”. 

زيلينسكي مستعد لحضور قمة ترمب وبوتين

وفي تصريح أدلى به الأحد، شدد الرئيس الأوكراني على أن “هناك حاجة إلى خطوات حاسمة من الولايات المتحدة، وأوروبا، ودول مجموعة العشرين ومجموعة السبع من أجل إنهاء الحرب”. 

وكان الرئيس الأوكراني حث نظيره الأميركي على أن يتخذ موقفاً أكثر صرامة تجاه الرئيس الروسي، قائلاً إنه مستعدّ للانضمام إلى قمّتهما المقبلة في بودابست.

وأكد زيلينسكي في مقابلة مع برنامج Meet the Press شبكة NBC News أجريت الجمعة، أنه لا يزال متفائلاً رغم مغادرته الولايات المتحدة دون الحصول على الأسلحة التي كان يسعى إليها.

وأشار إلى أن على ترمب أن يمارس ضغطاً أكبر على بوتين مما مارسه على حركة حماس خلال نجاحه الأخير في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة الفلسطيني.
 
وأضاف زيلينسكي: “بوتين يشبه حماس لكنه أقوى منها”، موضحاً أن الحرب في أوكرانيا أكبر، وأن الجيش الروسي هو ثاني أكبر جيش في العالم، “ولذلك نحتاج إلى مزيد من الضغط”.

شاركها.