اخر الاخبار

ترحيل ترمب للمهاجرين يهدد أميركا اللاتينية بضغوط اقتصادية

قبل عدة أيام وفي لقاء مع الصحافة وصفت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم المهاجرين المكسيكيين بـ”الأبطال”، مؤكدةً على الدور الحيوي الذي يلعبونه في تحويل الأموال ودعم عائلاتهم والاقتصاد المكسيكي. 

تصريحات الرئيسة للصحافيين جاءت في ظل تنفيذ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لسياسات ترحيل جماعي تستهدف ملايين المهاجرين من دول أميركا اللاتينية، بما في ذلك المكسيك.

وأثارت هذه السياسات مخاوف الكثيرين بسبب الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على عمليات الترحيل، خاصة في ظل الاعتماد الكبير للعديد من دول المنطقة على التحويلات المالية التي يرسلها المهاجرون من الخارج. 

الحوالات المالية

وفقاً للبنك الدولي، بلغت التحويلات المالية التي قام بها المهاجرون في الولايات المتحدة إلى أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي ما يقارب 160.2 مليار دولار في عام 2024، وهي تمثل جزءا كبيراً من الناتج المحلي الإجمالي لبعض الدول، مثل السلفادور التي تلقت 6.1 مليار دولار (24% من الناتج المحلي الإجمالي)، وجواتيمالا 12.2 مليار دولار (14% من الناتج المحلي الإجمالي). 

وتأتي المكسيك في مقدمة الدول المتلقية لهذه التحويلات، إذ وصلت قيمة الحوالات إلى 66.2 مليار دولار في عام 2024، وهو ما يعادل 3.8% من ناتجها المحلي الإجمالي.

وهذه الأموال لا تدعم الأسر الفقيرة فحسب، بل تساهم أيضاً في تحسين القوة الشرائية وتعزيز النمو الاقتصادي.

وتشير تقديرات إلى أن 6 ملايين مكسيكي يعيشون بلا أوراق ثبوتية في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى 12 مليون مكسيكي مقيمين بشكل قانوني، 

وقالت ديانيرا موران، الصحافية والمتخصصة في قضايا المهاجرين، “إن المهاجرين المكسيكيين هم أشخاص يعملون بجد، وقد أسسوا أسرهم هنا في المكسيك، وساهموا في دعم اقتصاد بلادهم”. 

وأضافت موران لـ”الشرق”: “بلا شك، لا يمكننا أن نغض الطرف عن أن هذه القضية تمثل مشكلة اقتصادية، حيث أن العديد من العائلات ستتأثر بعدم وصول هذه الأموال كما في السابق”. 

وأوضحت أن “دول أميركا الوسطى والمكسيك تحديداً هم أكثر المتضررين من بقية دول أميركا اللاتينية”، مشيرة إلى أنه من الواضح أن الولايات المتحدة لن تقدم أي دعم اقتصادي للدول المتضررة من تلك العمليات، فقد أظهر دونالد ترمب أن إدارته لا تبد أي اهتمام حيال هذا الموضوع، فخلال الأسبوع الأول من تولي منصب الرئاسة، أمر بوقف المساعدات الخارجية الأميركية لمدة 90 يوماً، ما أوقف عشرات البرامج الإنسانية والأمنية التي تمولها الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية، وأجبر منظمات الإغاثة والشركاء الأميركيين على الأرض على خفض مئات العاملين في المجال الإنساني.

ووفق رامون فرنانديز، أستاذ الاقتصاد في جامعة UFABC البرازيلية والمتخصص بالاقتصاد اللاتيني، فإن المهاجرين غير النظاميين يمثلون أقل من 20% من إجمالي التحويلات، فمن غير المرجح أن يتمكن ترمب، من خلال خطته للترحيل، من طرد عدد كبير من هؤلاء الأشخاص. حتى لو حاول ذلك خلال السنوات الأربع من رئاسته، فسيكون التأثير الاقتصادي محدوداً نسبياً، إذ سيواصل المهاجرون العمل وإيجاد طرق لإرسال الأموال. 

وأضاف أنه “من هذا المنطلق، فإن سياسات الترحيل ستؤدي إلى معاناة إنسانية أكبر بكثير من أي تأثيرات اقتصادية حقيقية”.

الأضرار الاجتماعية والإنسانية

على الرغم من أن عودة المهاجرين إلى المكسيك لا تثير قلقاً كبيراً من حيث زيادة معدلات الجريمة، إلا أنها قد تؤدي إلى تفاقم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية القائمة.

وبحسب منظمة العمل الدولية، تقدر معدلات البطالة في أميركا اللاتينية بـ11% في عام 2023، وهي الأعلى منذ عقدين. وقد يؤدي عودة المهاجرين إلى زيادة المنافسة على الوظائف ذات الأجور المنخفضة، ما يزيد من تفاقم الفقر وعدم المساواة.




 

وقالت ديانيرا موران إن الاستراتيجيات التي ستتبناها المكسيك لتعويض الخسائر الاقتصادية الناتجة عن انخفاض التحويلات المالية التي يرسلها المهاجرون، لا تزال قيد التحليل. 

وأكدت أن هذه التحويلات تساهم في تقليل الفقر في البلاد، وتحسين أوضاع العديد من الأسر وزيادة القوة الشرائية للعائلات، ومع عودة المزيد من المهاجرين، سيؤثر ذلك على حجم هذه التحويلات، لذلك يجب الاستمرار في تنفيذ السياسات العامة التي وضعتها الحكومة، والتي تم التحدث عنها بشكل أكبر بعد قرارات الحكومة الأميركية بترحيل المهاجرين. 

وأضافت أنه سيتعين على الحكومة تدريب مزيد من الأشخاص، ووضع سياسات اجتماعية جديدة، وربما توفير فرص عمل إضافية في المكسيك، و”لكن بلا شك، لا يمكننا أن نغض الطرف عن أن هذه القضية تمثل مشكلة اقتصادية، إذ أن العديد من العائلات ستتأثر بعدم وصول هذه الأموال كما في السابق”.

خطط المكسيك لاستقبال المرحلين

وفي ما يتعلق بخطط المكسيك لاستقبال المرحلين من جنسيات غير مكسيكية، أوضخ خوسيه جارسيا، وهو مدير تحالف المهاجرين في تيخوانا، “إن العديد من عمليات الترحيل التي تتم في عهد ترمب ستكون غير قانونية، وأن هذا من شأنه أن يؤدي إلى صراع أكبر في منطقة الحدود، من شأنه أن يؤدي أيضاً إلى خلق حالة من الفوضى”. 

وأضاف: “نعمل سوياً مع الحكومة للتصدي إلى ذلك، حيث يجري الآن العمل على بناء نحو 10 مراكز إيواء على الحدود مع الولايات المتحدة والتي تمتد على طول 3100 كيلو متر، ونتوقع أن تستقبل هذه المراكز يوماً ما بين 250 الى 300 مُرحل”.

 

وبناء هذه المراكز يعد جزءاً من البرنامج الحكومي “المكسيك تحتضنكم”، والذي تم إطلاقه خلال الشهر الماضي، ومن المتوقع أن تشارك كل وزارات الحكومة تقريباً بالإضافة الى 34 وكالة فيدرالية و16 حكومة ولاية، كما سيتم نقل المبعدين بالحافلات إلى مدنهم الأصلية، وتنظيم الخدمات اللوجستية، وتوفير مطابخ متنقلة ورعاية الطبية، وتسجيلهم في البرامج الاجتماعية في المكسيك، بالإضافة إلى توزيع بطاقات تبلغ قيمتها نحو 100 دولار لكل فرد. 

كما يشمل هذا البرنامج المبعدين الأجانب الإجراءات حيث يتم استقبالهم وتقديم الدعم اللازم لهم، فمعظمهم يقررون العودة إلى بلدانهم الأصلية، لذلك يتم توفير متابعة ودعم لهم لتسهيل عودتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *