اخر الاخبار

ترشيحات ترامب للأمن القومي تواجه التأخير مع تصاعد التهديدات

تواجه إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تحديات متعددة من الممكن أن تعيق تصديق مجلس الشيوخ على ترشيحات فريقه للأمن القومي، وسط تحذيرات من تأثير خطورة التأخير على جاهزية الإدارة المقبلة في التعامل مع التهديدات الأمنية.

وتتمثل التحديات في استكمال الفحوص الأمنية لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، والنماذج الأخلاقية المطلوبة من المرشحين، وهو ما يثير قلق الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.

ودعا قبل أسبوع ترمب الجمهوريين إلى التحلي بـ”الذكاء والحزم” لمواجهة ما وصفها بـ”محاولات الديمقراطيين لتعطيل تأكيد مرشحيه”.

وقال ترمب عبر “تروث سوشيال”: “حققنا انتصاراً تاريخياً وتفويضاً شعبياً، لكن الديمقراطيون يسعون لتأخير عملية التأكيد، لا يجب أن يسمح الجمهوريون بذلك”.

واتهم ترمب مجدداً الرئيس جو بايدن بـ”بذل كل ما في وسعه لتعقيد عملية الانتقال”، ووصفها بـ”الحروب القانونية غير المسبوقة” و”الأوامر التنفيذية المكلفة والسخيفة” المتعلقة بـ”الخدعة الخضراء الجديدة”، و”غيرها من الأكاذيب التي تهدر الأموال”، مؤكداً أنه سينهي هذه الأوامر “قريباً”.

دعوات للتسريع وسط تهديدات أمنية 

وفي أعقاب عملية الدهس التي شهدتها مدينة نيو أورلينز ليلة رأس السنة، والتي أودت بحياة 14 شخصاً، دعا الجمهوريون في مجلس الشيوخ، بقيادة زعيم الأغلبية جون ثون، إلى تسريع عملية تأكيد مرشحي ترمب للأمن القومي.

وقال ثون: “التهديد الذي يشكله تنظيم داعش سيتجاوز هذه الإدارة، وهذا مثال واضح على سبب ضرورة تعيين فريق الرئيس ترمب للأمن القومي في أسرع وقت ممكن”.

ومع ذلك، تواجه هذه الدعوات تعقيدات إجرائية في مجلس الشيوخ، حيث تحتاج إجراءات روتينية، مثل مراجعة الأوراق واعتماد الترشيحات في اللجان، إلى أيام أو حتى أسابيع.

وقال ثون: “التهديد الإرهابي لا ينتظر، ويجب أن نضمن أن فريق الأمن القومي للرئيس المنتخب مستعد لتولي مسؤولياته فور التنصيب”.

أبرز الترشيحات والجلسات المؤكدة

وسيخضع بيت هيجسيث، المرشح لقيادة وزارة الدفاع، لجلسة تأكيد أولى في 14 يناير المقبل، إذ تعد هذه الجلسة الوحيدة المؤكدة حتى الآن.

ونقلت شبكة CBS عن مصادر، أن زعيم الأغلبية الجمهورية ثون أبلغ ترمب باعتقاده أن هيجسيث سيحصل على الأصوات اللازمة لتأكيد تعيينه وزيراً للدفاع.

ولكن في مقابلة على الشبكة نفسها، الأحد الماضي، أكد ثون التزامه بضمان عملية عادلة لتقييم المرشحين، مشيراً إلى بعض التحفظات على بعضهم.

وقال ثون: “هؤلاء المرشحون لا يزالون جدداً نسبياً، وقد عقدوا اجتماعاتهم، التي أعتقد أنها كانت ناجحة للغاية، ولكن لا يزال يتعين عليهم عرض قضيتهم أمام اللجنة، كما أننا لا نمتلك كل المعلومات المتعلقة ببعض هؤلاء المرشحين”.

كما تواجه تولسي جابارد، المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، اعتراضات واسعة من أعضاء مجلس الشيوخ، نظراً لمواقفها السابقة المثيرة للجدل، خاصة تجاه السياسة الخارجية الأميركية.

وتبذل جابارد جهوداً واسعة لمحاولة إقناع أعضاء مجلس الشيوخ، إذ من المقرر أن تلتقي، الاثنين، بالسيناتور مارك وارنر، كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات، على الرغم من لقائها مع معظم الجمهوريين في اللجنة، إلا أن دعم الديمقراطيين يبقى غير مؤكد. وإذا انشق أي من الجمهوريين، فقد تواجه جابارد صعوبات كبيرة.

دعم واسع لكاش باتيل

في المقابل يتمتع كاش باتيل، المرشح لمنصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، بدعم كافٍ للحصول على التأكيد، لكن عملية النظر في ترشيحه تأخرت بسبب الحاجة لمعالجة ترشيحات أخرى، بما في ذلك بام بوندي لوزارة العدل.

وبحسب مراقبين، من غير المؤكد أن جلسات الاستماع المقررة لهيجسيث وجابارد ستفضي إلى تأكيد سريع، حيث من المحتمل أن تسلط الضوء على نقاط ضعف جديدة تؤثر سلباً على فرص ترشيحهما، مما يضيف مزيداً من التأخير إلى العملية.

ويُدرك الجمهوريون أن أي تأخير إضافي قد يجعل الإدارة الجديدة أكثر عرضة للمخاطر خلال الأيام الأولى بعد التنصيب، ما يعزز من الحاجة إلى الإسراع في استكمال الإجراءات.

وفي ظل هيمنة الجمهوريين بأغلبية 53 مقابل 47 في مجلس الشيوخ المقبل، وسيطرة ترمب الواضحة على الحزب الجمهوري، فمن المتوقع أن يحظى معظم مرشحيه بالدعم من الأعضاء الجمهوريين، في وقتٍ يُرجح أن يعارضهم غالبية الديمقراطيين.

ويتمتع الجمهوريون بمرونة تمكنهم من تحمل ثلاثة انشقاقات داخل صفوفهم، مع القدرة على حسم الأصوات عبر تصويت نائب الرئيس المنتخب جي دي فانس، لكسر التعادل إذا لزم الأمر.

 إلغاء قاعدة التعطيل

وفي عام 2013، ومع بداية الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما، أقدم الديمقراطيون في مجلس الشيوخ على إلغاء قاعدة التعطيل filibuster لترشيحات المناصب الوزارية، ما سمح بتمرير الترشيحات بأغلبية بسيطة بدلاً من 60 صوتاً.

وجاءت الخطوة آنذاك استجابة للصعوبات التي واجهها أوباما في تأمين الموافقة على مرشحيه، رغم أن الديمقراطيون يتمتعون بأغلبية في المجلس، لكنها لم تكن كافية لتجاوز التعطيل، قبل إلغاء هذه القاعدة.

وكان يتطلب تجاوز التعطيل تصويتاً خاصاً يُسمى “الإغلاق” cloture، للسماح للمجلس بالمضي نحو تصويت نهائي.

وبدا تأثير هذا القرار واضحاً، في ذلك الوقت، بعد حصول قرابة سدس مرشحي أوباما الذين خضعوا لتصويت مسجل roll call vote خلال ولايته الثانية، على أقل من 60 صوتاً، وتمت الموافقة عليهم لاحقاً، وهو ذات الإجراء الذي استفاد منه ترمب خلال فترة ولايته الأولى، حيث حصل نحو نصف مرشحيه على التأكيد دون أن يحققوا 60 صوتاً.

عقبات إجرائية وتنظيمية 

وتخضع عملية الترشيح لمناصب حكومية رفيعة لإجراءات تنظيمية دقيقة لضمان أهلية المرشحين وقدرتهم على أداء المهام الموكلة إليهم، إذ تبدأ هذه الخطوات بتوقيع مذكرات تفاهم بين فريق الإدارة الانتقالية ووزارة العدل.

ويعتبر هذا الإجراء ضرورياً لتمكين مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI من إجراء فحوصات الخلفية الأمنية للمرشحين، بالإضافة إلى ذلك، يتعين على المرشحين استكمال نموذج 278، وهو استمارة يطلبها مكتب الأخلاقيات الحكومي OGE لتقييم الوضع المالي والأخلاقي للمرشحين، بما يضمن عدم وجود تضارب في المصالح.

كما يجب توقيع اتفاقيات مع إدارة الخدمات العامة GSA التي تتيح للفريق الانتقالي الوصول إلى الموارد الحكومية، مثل المساحات المكتبية الرسمية، وحسابات البريد الإلكتروني، وأجهزة الكمبيوتر والهاتف.

وتعتبر هذه الخطوات أساسية لضمان سير عملية الانتقال بسلاسة، إلا أن أي تأخير في استكمالها ينعكس سلباً على قدرة الإدارة الجديدة على مباشرة أعمالها فور التنصيب.




وذكرت مصادر من الحزب الجمهوري لصحيفة The Hill أن فريق ترمب الانتقالي تأخر في توقيع مذكرات تفاهم مع وزارة العدل، كما تأخر الفريق في توقيع اتفاقيات مع إدارة الخدمات العامة GSA، ما حال دون وصولهم للبنية التحتية الحكومية، مثل الحسابات البريدية وأجهزة الكمبيوتر اللازمة لتسريع الانتقال.

وأشار أحد المساعدين في مجلس الشيوخ إلى أن استكمال نموذج 278 الخاص بمكتب الأخلاقيات الحكومي واجه تأخيرات ملحوظة، مما زاد من التعقيدات الإدارية.

تباين في المواقف  

ويسعى زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون إلى تسريع الإجراءات من أجل تأكيد المرشحين الأمنيين.

وشدد ثون على أهمية تشكيل فريق الأمن القومي فور تنصيب ترمب، مضيفاً: “لا يمكننا تحمل التأخير في وقت تتزايد فيه التهديدات الإرهابية”.

وأفصح مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، بمن فيهم السيناتور سوزان كولينز، العضو البارز في لجنة الاستخبارات عن رغبتهم في أن يكمل مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI عمليات التحقق الخلفية الشاملة من مرشحي المناصب العليا، لا سيما أولئك الذين سيتولون مناصب الأمن القومي الرئيسية، قبل أن يتم التصويت عليهم في اللجان وعلى أرضية المجلس.

على الجانب الديمقراطي، أعرب زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، عن استعداد الديمقراطيين للعمل بطريقة ثنائية لمعالجة الترشيحات، مشدداً على ضرورة خضوع المرشحين لفحوصات دقيقة وشاملة. 

وأضاف في بيان: “الأمن القومي لا يحتمل التساهل، وعلينا التأكد من كفاءة كل مرشح قبل منحه الثقة”.

وفي ظل هذا التأخير، والضغوط التي تفرضها التهديدات الأمنية، تبقى الأسئلة قائمة حول قدرة الإدارة الجديدة على تجاوز العقبات الإجرائية وتشكيل فريق الأمن القومي قبل يوم التنصيب في 20 يناير المقبل، لاسيما وأن فريق ترمب الانتقالي يواصل العمل مع مكتب الأخلاقيات الحكومي ومكتب التحقيقات الفيدرالي لتحقيق ذلك في الوقت المناسب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *