اخر الاخبار

تركيا.. هل يترشح أردوغان لولاية ثالثة؟

تثار التساؤلات في تركيا بشأن إمكانية ترشح الرئيس رجب طيب أردوغان لولاية رئاسية ثالثة، خلال الانتخابات المقررة في عام 2028، خصوصاً بعد تصريحاته الأخيرة التي أثارت ردود فعل كبيرة.

ففي أجواء لا تخلو من الطرافة، صعد أردوغان على مسرح ليغني بجوار الفنان التركي الشهير إبراهيم تاتلس، أمام حشد من مؤيدي حزب “العدالة والتنمية” خلال هذا الأسبوع في ولاية شانلي أورفا جنوبي تركيا. وطرح تاتلس على أردوغان السؤال الذي يشغل ملايين الأتراك: “هل ستترشح لولاية رئاسية جديدة؟”، فأجاب أردوغان بدبلوماسية: “إذا أنت مع ذلك فأنا مع ذلك أيضاً”.

كلمات أردوغان أثارت جدلاً واسعاً في تركيا بين مؤيد للسياسي التركي المخضرم، وبين من منتقد، خصوصاً أن دستور البلاد يمنع الترشح لأكثر من ولايتين، وأردوغان حالياً في منتصف ولايته الثانية. 

“قرار الشعب”

وقالت القيادية في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا آليكون تكين، لـ”الشرق”، إن قرار ترشح الرئيس أردوغان لولاية رئاسية جديدة في انتخابات 2028 “يعود للشعب”، مضيفة أن “كلام رئيسنا كان واضحاً، إذا أراد الشعب ذلك بالطبع سيكون”.

ويرى مدير مركز الدراسات العالمية والإقليمية في جامعة نجم الدين أربكان، الدكتور جوكهان تشينكارا، أن “أردوغان هو الشخصية الأقوى حالياً على الساحة السياسية في تركيا، لذلك نعم أعتقد أنه سيترشح لولاية رئاسية ثالثة”. 

وقال أربكان لـ”الشرق” إن ترشح أردوغان حالياً غير متاح دستورياً، “لذلك إذا أراد الترشح يجب أن يكون هناك تعديل دستوري، والتعديل الدستوري أيضاً يحتاج إلى توافق واسع، ولا يمكن لحزب العدالة والتنمية لوحده فرض هذا التعديل، وانطلاقاً من هنا سيسعى الحزب إلى إجراء تحالفات جديدة، فيحتاج لدعم أكثر من الأحزاب القومية الأخرى والأحزاب المحافظة والكردية التي كانت تعارضه في الآونة الأخيرة”. 

ويضيف تشينكارا أن “الفرصة الأهم التي يمتلكها أردوغان هي عدم وجود شخصية تمتلك قوته لا داخل حزب العدالة والتنمية ولا خارجه، لذلك إذا تمت إتاحة ترشحه فإن حظوظ فوزه مرتفعة للغاية”.

انتقادات حادة

في الانتخابات الرئاسية الماضية، فاز أردوغان بالانتخابات بنسبة 52.15% من إجمالي عدد الأصوات، وهذا يعني أن ما يقارب نصف الشعب التركي يطالب ببديل للزعيم الذي يحكم البلاد منذ نحو 23 عاماً. 

كما أن انتخابات البلدية في مارس 2024، ألحقت هزيمة تاريخية بحزب العدالة والتنمية، ليصبح الحزب الثاني في البلاد بعد حزب الشعب الجمهوري.

ونظراً لتصاعد قضايا اللاجئين، ظهرت أصوات جديدة تدعم بعض الأحزاب القومية المتطرفة مثل “حزب الظفر” الذي يتزعمه السياسي المناهض للاجئين أوميت أوزداغ.

وفي هذا السياق قال النائب في الحزب أحمد بيرات لـ”الشرق”، إن “القول بأن أردوغان هو الشخصية الأقوى ولا مثيل له في تركيا هذا غير صحيح، حيث أن تركيا ليست عقيمة عن ولادة مثل أردوغان بل وأفضل منه، هناك شخصيات كثيرة وقادة كثر، حزب العدالة والتنمية أوصل البلاد إلى حافة الهاوية، الاقتصاد ينهار والبطالة تنتشر واللاجئون يغزون البلاد، عن أي إنجازات نتحدث؟”.

وأضاف بيرات: “شاهدتم مؤخراً كيف يزعم أردوغان أن تركيا انتصرت بانتصار الثورة السورية، ها قد سقط نظام الأسد، فماذا يفعل ملايين اللاجئين في تركيا، لماذا لم يعودوا، كان أردوغان يسمح لهم بالتواجد بحجة وجود حكومة مجرمة في دمشق، لقد زال المسبب لهجرتهم، لماذا يبقيهم أردوغان هنا؟ هل هذه السياسية ناجحة؟ هل هذا هو الرئيس الذي يمثل الشعب التركي”.

وتابع: “أما بالنسبة للدستور، دستور البلاد هو مسألة مقدسة، ولا يمكن العبث به كيفما نشاء، القانون والدستور لا يسمحان لأردوغان بالترشح، وإن تم تعديل الدستور أو إجراء انتخابات مبكرة فقد يجد أردوغان مخرجاً قانونياً، لكنه بالتأكيد لن يفوز”.




في 17 أبريل 2017، أُجري استفتاء شعبي لتعديل الدستور التركي بما يسمح بتغيير نظام الحكم في البلاد من نظام برلماني إلى رئاسي.

ومنحت التعديلات صلاحيات جديدة لمنصب الرئيس، وينص القانون التركي على أن “أي دستور جديد يجُب ما قبله”، بمعنى آخر فإن الدستور يسمح بالرئيس بالترشح لولايتين رئاسيتين مدة كل ولاية 5 سنوات، وفي حال تم إجراء التعديل سيبدأ عد الولايات من جديد، ولا تُحسب الولايات السابقة.

وعلى هذا الأساس يمكن أن يبني أردوغان قانونية ترشحه لولاية ثالثة في 2028 في حال تم تعديل الدستور، أما الحالة الثانية التي لا تحتاج لتعديل الدستور، فهي إجراء انتخابات مبكرة في 2027، حينها تعتبر ولاية أردوغان الحالية “غير كاملة” ويُسمح له بالترشح مجدداً.

سيناريو الانتخابات المبكرة

تدعو المعارضة التركية منذ الصيف الماضي لانتخابات مبكرة، لكن على أن تجري في هذا العام أو العام المقبل، فيما ترفض المعارضة إجراؤها في 2027 قبيل عام واحد من نهاية الولاية الحالية لأردوغان. 

في المقابل، لم يدع حزب العدالة والتنمية لانتخابات مبكرة حتى الآن، وعلى ما يبدو يتجه الحزب لدعم تعديل الدستور بدلاً من الانتخابات. 

وقال الصحافي التركي رسول طوسون، وهو نائب سابق في البرلمان التركي عن حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، إنه “من المستبعد جداً التوجه لانتخابات مبكرة، إذ أن الظروف اللازمة لإجراء انتخابات مبكرة غير متوفرة حالياً”.

وأضاف طوسون لـ”الشرق”: “أعتقد أن الحديث عن الانتخابات الذي طرحته المعارضة غير واقعي، ولا تتجاوز كونها أنشطة عقيمة، تحاول المعارضة تعزيز قاعدتها من خلال حديثها عن الانتخابات وإظهار أنها قادرة على قيادة البلاد في حال فازت بالانتخابات، لكن هذا حديث عقيم”.

ولا يتفق مع طوسون عضو هيئة التدريس في قسم العلاقات الدولية بجامعة أبانت، الدكتور عزت بايسال، الذي يرى أن الظروف الحالية في تركيا “مهيئة لإجراء انتخابات مبكرة، لأسباب متعددة أهمها الأسباب الاقتصادية”.

وأشار إلى أن “هناك ملايين الأتراك يعيشون تحت خط الفقر، كما أن التضخم ما يزال مرتفعاً رغم مرور أكثر من سنة ونصف السنة على تشكيل فريق اقتصادي جديد، وهناك أيضاً أسباب أخرى اجتماعية وثقافية وغيرها، لذلك إجراء انتخابات مبكرة أمر منطقي ومقبول، وسيتيح لأردوغان الترشح لولاية ثالثة لكن من المستبعد أن يفوز”.

صوت الأكراد الحاسم

في حال تعذر إجراء انتخابات مبكرة، فإن الحل الثاني لأردوغان كي يترشح ولاية رئاسية جديدة، هو إجراء تعديل دستوري، وأي تعديل دستوري يحتاج لموافقة 400 عضو في البرلمان من أصل 600 قبيل عرضه للاستفتاء الشعبي، ولكن يمتلك “تحالف الشعب” الذي يشمل حزبي “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية” 323 عضواً، وهذا يعني أنه لا يمكنهم فرض التعديل إلا إذا تحالفوا مع أحزاب أخرى. 

وتجري حالياً مفاوضات مع زعيم “حزب العمال الكردستاني” عبد الله أوجلان، المسجون في جزيرة أمرلي في إسطنبول، وفي حال نجحت المفاوضات سيعلن أوجلان حل “حزب العمال الكردستاني”.

وقد يفتح هذا المجال أمام مصالحة بين “العدالة والتنمية” وباقي الأحزاب الكردية، الأمر الذي من شأنه إن حصل أن يساهم في دعم التعديل الدستوري الذي يتيح لأردوغان الترشح، وكذلك كسب الصوت الكردي الذي يعد “بيضة قبان”، مما قد يساهم بالفعل بفوز أردوغان بالانتخابات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *