يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترمب في خطابه المرتقب، الثلاثاء المقبل، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الترويج لما يصفه بـ”نفوذ الولايات المتحدة الأحادي على الساحة الدولية”، في وقت ترى فيه إدارته أن واشنطن قادرة على تعزيز نفوذها العالمي خارج الأطر التقليدية للأمم المتحدة، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.
ولفتت الصحيفة في تقرير، السبت، إلى أن الولايات المتحدة خفضت مساهمتها في ميزانية الأمم المتحدة، ووضعت نفسها في مواجهة حلفائها القدامى في مجلس الأمن الدولي، في حين بقي منصب المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة شاغراً لثمانية أشهر، قبل أن يصادق مجلس الشيوخ، الجمعة، على تعيين مايك والتز، مستشار ترمب السابق للأمن القومي، في هذا المنصب.
ونبهت أن الولايات المتحدة انحازت في أكثر من مناسبة إلى جانب روسيا داخل مجلس الأمن، بما في ذلك في فبراير الماضي، عندما صوّت الطرفان ضد مشروع قرار يدين غزو موسكو لأوكرانيا.
رفض الاعتراف بفلسطين
وأوضحت الصحيفة الأميركية، أن من بين أبرز أهداف ترمب وكبار مساعديه خلال زيارتهم المقبلة إلى نيويورك، “إفشال المساعي الدولية الرامية إلى الاعتراف بدولة فلسطينية”.
وأشارت الصحيفة إلى اعتزام فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا الإعلان بشكل مشترك، الاثنين، عن الاعتراف بدولة فلسطينية، خلال الجلسة الافتتاحية السنوية للجمعية العامة، باعتباره “مؤشراً واضحاً على تراجع النفوذ الأميركي”، قائلة إن خطوة الدول الأربع “تتحدى رغبات ترمب وحليفته الأقرب في الشرق الأوسط، إسرائيل”.
لقاءات مرتقبة
ووفقاً لمصادر مطلعة على الترتيبات، يعمل البيت الأبيض على تنسيق لقاءات ثنائية لترمب مع عدد من قادة العالم، من بينهم الرئيس السوري أحمد الشرع، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
كما يُحتمل أن يعقد ترمب أول لقاء له في ولايته الرئاسية الثانية مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش.
كما ذكرت أن مسؤولي إدارة ترمب يعتزمون ممارسة ضغوط على دول أخرى هذا الأسبوع من أجل فرض قيود على حقوق اللجوء، وذلك استناداً إلى مسودة خطاب الرئيس التي اطّلع عليها عدد من المحللين من داخل الإدارة.
“نهج مدمر”
ولفتت الصحيفة إلى أن الأمم المتحدة لطالما كانت هدفاً مفضلاً لانتقادات الجمهوريين، في حين يرى المدافعون عنها أن تعامل إدارة ترمب معها كان ضاراً، في ظل تصاعد التوترات الدولية، واستمرار النزاعات الدامية في غزة وأوكرانيا.
ونقلت الصحيفة عن ريتشارد جوان، مدير برنامج الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، قوله إن “نهج إدارة ترمب تجاه الأمم المتحدة كان مدمراً، وأحياناً انتقامياً”، مضيفاً، أن “هذه الإدارة تبدو غير مبالية بالمخاوف المتعلقة بتضرر سُمعة الولايات المتحدة”.
وتُبرر الإدارة الأميركية موقفها بأن الأمم المتحدة تعاني من “سوء إدارة مالية”، فضلاً عن برامج لحفظ السلام والتنمية توصف بأنها “غير فعالة”، ولا ينبغي، بحسب مسؤولين، أن تُمول من أموال دافعي الضرائب الأميركيين.
وأضاف المسؤولون الأميركيون، أن الولايات المتحدة قادرة على ممارسة نفوذها العالمي من خارج الأطر التقليدية للأمم المتحدة، التي “تبدو عاجزة عن معالجة الأزمات، وأصبحت معادية بشكل متزايد لإسرائيل”، وفق تعبيرهم.
وقال متحدث باسم البيت الأبيض ديفيس إنجل، إن ترمب “سيعرض رؤيته لأميركا وعالم آمنين ومزدهرين ومستقرين”، خلال كلمته أمام الجمعية العامة.
وأشار إلى أنه “تحت قيادة الرئيس ترمب، أصبحت بلادنا قوية من جديد، مما جعل العالم بأسره أكثر استقراراً”.
ولفتت الصحيفة، إلى أن عودة ترمب إلى المكتب البيضاوي أثارت قلقاً متزايداً بين دبلوماسيي الأمم المتحدة، وسط مخاوف من تخفيضات حادة جديدة في التمويل الأميركي للمنظمة.
ويعد هذا الموقف تناقضاً مع ولاية ترمب الأولى، التي كان يتواصل فيها بانتظام مع جوتيريش، بحسب الصحيفة التي أشارت إلى أنه رغم انتقاداته المتكررة للأمم المتحدة، فقد اعتمد الرئيس الأميركي عليها بشكل كبير لدفع أولويات سياسته الخارجية.
ويرى السفير الأميركي السابق روبرت أنطوني وود، الذي شغل مناصب رفيعة في بعثة واشنطن لدى الأمم المتحدة، أن “الأمم المتحدة أداة فعَّالة في السياسة الخارجية… ولا شيء يُجسد شعار (أميركا أولاً) أكثر من استخدام أداة صنعناها بأنفسنا لخدمة مصالحنا”.