يبحث البيت الأبيض إمكانية عقد لقاء بين المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، فيما يستعد الرئيس دونالد ترمب لتقديم مقترح “الفرصة الأخيرة” لإيران، بشأن برنامجها النووي، وسط تصاعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي تدخل يومها الخامس، بينما قال مسؤول أميركي، إن الرئيس ترمب، أصدر الثلاثاء، توجيهات إلى فريقه بمحاولة عقد اجتماع مع المسؤولين الإيرانيين “في أسرع وقت ممكن”.

وأفاد موقع “أكسيوس” الأميركي، نقلاً عن 4 مصادر مطلعة، الثلاثاء، بأن فريق الرئيس ترمب اقترح إجراء محادثات مع إيران هذا الأسبوع بشأن التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران، ووقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.

وأوضحت المصادر، أن “الهدف سيكون مناقشة مبادرة دبلوماسية تتضمن اتفاقاً نووياً، وإنهاء الحرب بين إسرائيل وإيران”.

نقطة تحول

وقال مسؤول أميركي لـ”أكسيوس”، إن “الاجتماع مع الإيرانيين هذا الأسبوع قيد الدراسة، وربما يكون بمثابة لحظة حاسمة بشأن حسم قرار انضمام الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل عسكرياً من أجل القضاء على برنامج إيران النووي”.

وقال مسؤول أميركي رفيع، إن “ترمب يرى أن القنابل الضخمة الخارقة للتحصينات اللازمة لتدمير منشأة التخصيب الإيرانية تحت الأرض في فوردو، التي تمتلكها الولايات المتحدة ولا تمتلكها إسرائيل، وسيلة ضغط رئيسية لحمل إيران على إبرام اتفاق”.

ووصف المسؤول القرار، بشأن القنابل الخارقة للتحصينات بأنه “نقطة تحوّل”، لافتاً إلى أن ترمب “يفكر بمفهوم الصفقات والضغط. وهذه وسيلة ضغط”.

وتابع المسؤول: “إنهم (الإيرانيون) يريدون التحدث. لكن ما لا نعرفه هو: هل أُلحقت بهم هزيمة بشكل كامل بحيث يدركون أنه من أجل أن يكون لهم دولة، عليهم أن يتحدثوا؟ وعلى افتراض أنهم سيحققون ذلك (الحصول على قنبلة)، هل هناك أي مستوى من التخصيب (اليورانيوم) سيسمح لهم بالحصول عليها؟”.

اجتماع “في أسرع وقت”

كما نقلت شبكة CNN عن مصدر وصفته بأنه مطلع، ومسؤول أميركي، قولهما، إن الرئيس ترمب، أصدر الثلاثاء، توجيهات إلى أعضاء فريقه بمحاولة عقد اجتماع مع المسؤولين الإيرانيين في “أسرع وقت ممكن”، في ظل سعيه العاجل لمعرفة ما إذا كانت طهران جادة بشأن المسار الدبلوماسي لحلّ صراعها مع إسرائيل.

وقال المسؤول الأميركي للشبكة الأميركية، إنه “على الرغم من عدم تحديد أي شيء، لكن إسرائيل وإيران تتحركان في الاتجاه الصحيح.. واعترف ترمب بأن الإيرانيين كانوا على اتصال عبر وسطاء، في وقت سابق الاثنين”.

وفي تعليق على إمكانية عقد مباحثات بين ويتكوف وعراقجي، قال قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، في تصريحات لشبكة CNN: “يجب أن نفهم أن الإيرانيين بارعون في الخداع لسنوات طويلة، لذا يجب توخي الحذر في التعامل معهم”.

وأضاف: “لكن في نهاية المطاف، يجب النظر إلى نتائج أي اتفاق، لأنه من الممكن أن يتم منحهم مساحة للمناورة، ثم مواصلة طموحاتهم لتطوير القنبلة النووية عمليًا، أنا متشكك في نتائج أي مفاوضات معهم”.

وذكرت CNN، أنه منذ أن أطلقت إسرائيل موجتها الأولى من الهجمات، فجر الجمعة، أكد ترمب علناً أن إيران يجب أن تجلس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، بينما حض فريقه سراً على إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة مع الإيرانيين والوسطاء.

وأشارت إلى أنه في محادثاته مع زعماء أوروبيين على هامش قمة مجموعة السبع في كندا، الاثنين، أخبر ترمب نظرائه أن المناقشات جارية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وأشار إلى أنه يريد أن يلتقي المسؤولون الأميركيون بنظرائهم الإيرانيين، هذا الأسبوع.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للصحافيين، إن ترمب ناقش خلال القمة، مع القادة الآخرين الحاجة إلى وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، مضيفاً: “الأميركيون قدموا عرضاً للاجتماع مع الإيرانيين. وسنرى ما سيحدث”.

ضغط إسرائيلي 

وذكر موقع “أكسيوس”، أن ترمب رفض حتى الآن المشاركة بشكل مباشر في هجمات إسرائيل على إيران، لكنه أوضح أنه يجب منع إيران من الحصول على سلاح نووي بطريقة أو بأخرى.

وأشار الموقع الأميركي إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يضغط على ترمب للانضمام إلى الحرب، وقصف منشأة “فوردو”، في حين لا يزال ترمب مصراً على أنه يعتقد أن بإمكانه إبرام اتفاق، لا سيما بالنظر إلى “الموقف التفاوضي الضعيف” لإيران.

مع ذلك صدم ترمب الشرق الأوسط بمنشور على منصته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشيال” (Truth Social) ليل الاثنين، دعا فيه المدنيين الإيرانيين إلى “إخلاء طهران فوراً”.

وبعد ذلك بوقت قصير، قطع ترمب رحلته إلى قمة مجموعة السبع في كندا، ليعود إلى واشنطن.

وأدت هاتان الخطوتان، إلى جانب أنباء عن انفجارات في طهران، إلى ورود تقارير في الصحافة الإسرائيلية وعلى منصات التواصل الاجتماعي تفيد بأن الولايات المتحدة انضمت إلى الحرب، لكن البيت الأبيض نفى صحة هذه المزاعم.

وزير الدفاع الأميركي: ترمب يسعى إلى إبرام اتفاق

من جانبه، أكد وزير الدفاع الأميركي، بيت هيجسيث، هذه الرسائل، وقال في مقابلة على شبكة Fox News، إن ترمب لا يزال يسعى للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران حتى مع تصاعد القتال مع إسرائيل حليفة الولايات المتحدة.

وأضاف هيجسيث: “نحن في موقف دفاعي بالمنطقة لنكون أقوياء في سعينا للتوصل إلى اتفاق سلام. ونأمل بالتأكيد أن يحدث هذا هنا”.

وتابع :”نحن يقظون ومستعدون ونرسل رسائل.. باستمرار منذ البداية بأننا موجودون في المنطقة للدفاع عن شعبنا وممتلكاتنا”.

وتؤكد واشنطن حتى الآن، عدم ضلوعها في الهجمات الإسرائيلية على إيران، وحذرت طهران من مهاجمة المصالح الأميركية أو الأفراد الأميركيين في المنطقة.

كما نفى أليكس فايفر، المساعد في البيت الأبيض، عبر منصة التواصل “إكس”، مزاعم يجري تداولها على الإنترنت تفيد بأن الولايات المتحدة تهاجم إيران.

وقال فايفر: “القوات الأميركية تحافظ على موقفها الدفاعي، وهذا لم يتغير. سندافع عن المصالح الأميركية”.

مقترح “الفرصة الأخيرة” 

في سياق متصل، قال مسؤولون أميركيون وأوروبيون لصحيفة “جيروزاليم بوست”، الاثنين، إن الرئيس ترمب يستعد لتقديم مقترح “الفرصة الأخيرة” لإيران بشأن برنامجها النووي، وسط تصاعد الحرب مع إسرائيل والتي أسفرت عن ضحايا ومصابين.

وذكر أحد المسؤولين، أن “العرض قد يكون حتى أفضل قليلاً من المقترح الأميركي السابق الذي قدم لطهران قبل نحو أسبوع ونصف”. ومن المتوقع، وفقاً للمسؤولين، أن يستند العرض الجديد إلى المبدأ الأميركي القاضي بـ”عدم السماح لإيران بأي تخصيب لليورانيوم”.

يأتي هذا بعدما أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، نقلاً عن مسؤولين في الشرق الأوسط وأوروبا، في وقت سابق الاثنين، بأن إيران تبعث بـ”إشارات عاجلة” تفيد بأنها تسعى لـ”إنهاء الأعمال العدائية”، واستئناف المحادثات بشأن برنامجها النووي، من خلال إرسال رسائل إلى إسرائيل والولايات المتحدة عبر وسطاء عرب.

وذكر المسؤولون، أن طهران أبلغت مسؤولين عرب، بأنها منفتحة على العودة إلى طاولة المفاوضات، طالما أن الولايات المتحدة لم تشارك في الهجوم. كما أرسلت إيران رسائل إلى إسرائيل مفادها أن من مصلحة الطرفين احتواء مستوى العنف، بحسب الصحيفة الأميركية.

وذكرت وكالة “تسنيم” الإيرانية للأنباء، أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أبلغ وزير خارجية بريطانيا، ديفيد لامي، ونظيريه الفرنسي، جان نويل بارو، والألماني، يوهان فاديفول، ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، في اتصال هاتفي مشترك، بضرورة مواجهة المجتمع الدوي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لما وصفه بـ”العدوان الإسرائيلي السافر” الذي تضمن هجمات على المنشآت النووية والبنية التحتية الاقتصادية والقواعد العسكرية والمناطق السكنية.

ووصف عراقجي الهجمات الإسرائيلية التي وقعت في خضم المفاوضات الجارية بشأن برنامج إيران النووي بأنها “ضربة غير مسبوقة للدبلوماسية”، وحض الدول الأوروبية على “رؤية الواقع كما هو وإدانة عدوان الكيان الصهيوني”.

إسرائيل: لا اتصالات رسمية

وأشار مسؤول إسرائيلي في تصريحات لصحيفة “جيروزاليم بوست”، إلى أن “إسرائيل لم تتلق حتى الآن أي اتصال رسمي، وأن المفاوضات تجري حالياً بين طهران وواشنطن، وفي هذه الأثناء، نواصل استهداف المزيد من الأهداف”.

يأتي هذا بالتزامن مع قول مسؤولين أميركيين اثنين طلبا عدم نشر اسميهما، في تصريحات لوكالة “رويترز”، الاثنين، إن الجيش الأميركي نقل عدداً كبيراً من طائرات التزود بالوقود إلى أوروبا لتوفير خيارات للرئيس دونالد ترمب مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط.

وأفاد موقع “إير ناف سيستمز” المتخصص في تتبع الرحلات الجوية، بأن أكثر من 31 طائرة تزويد بالوقود تابعة لسلاح الجو الأميركي معظمها من طرازي KC-135، وKC-45 غادرت الولايات المتحدة، الأحد، متجهة شرقاً.

و هذا السياق، قال مصدر أميركي لـ”جيروزاليم بوست”، إن “هذه التحركات تأتي ضمن الاستعدادات لاحتمال المشاركة في ضربات عسكرية، إذا أعطى ترمب الضوء الأخضر”.

وأضاف المصدر: “هذه بمثابة المسدس الذي يُعرض في الفصل الأول من المسرحية.. ترمب يوجه رسالة واضحة بأنه لا يستبعد الخيار العسكري”.

وتشهد الإدارة الأميركية حالياً، خلافاً داخلياً بشأن مسألة الانضمام إلى الهجمات الإسرائيلية على إيران، إذ ترى القيادة المركزية الأميركية أن المشاركة أمر صائب، في حين يعارض آخرون، بمن فيهم مؤيدون لترمب، أي تدخل.

وقال مصدر أميركي للصحيفة، إن “القرار النهائي سيكون بيد شخص واحد فقط”، في إشارة إلى ترمب.

وهاجمت إسرائيل إيران، الجمعة، ومنذ ذلك الحين يتبادل الجانبان الضربات، إذ أفاد مسؤولون إيرانيون بمصرع أكثر من 220 شخصاً، معظمهم من المدنيين في غضون خمسة أيام، بينما قالت إسرائيل إن 24 مدنياً لقوا حتفهم.

وتقول إسرائيل، إنها تهدف إلى القضاء على ما تسميها بالتهديدات التي تشكلها برامج إيران النووية والصاروخية الباليستية.

وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية، وتشير إلى حقها في امتلاك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، بما في ذلك التخصيب، بصفتها طرفاً في معاهدة حظر الانتشار النووي.

وإسرائيل التي ليست طرفاً في المعاهدة هي الوحيدة في الشرق الأوسط التي يعتقد على نطاق واسع أنها تمتلك أسلحة نووية، ولا تنفي إسرائيل ذلك أو تؤكده.

وفاقمت الحرب بين إسرائيل وإيران، المخاوف في منطقة الشرق الأوسط، كانت كانت بالفعل تشهد توتراً كبيراً منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023.

شاركها.