أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، عن استعداده للسماح للعمال المهاجرين بالبقاء في الولايات المتحدة، إذا تكفل بهم أصحاب المزارع الذين يعملون لديهم، مع تفاقم تداعيات ترحيل المهاجرين على قطاع الزراعة.

وفي كلمة ألقاها بولاية أيوا، قال ترمب إنه يعمل مع وزارة الأمن الداخلي لمساعدة المزارعين الذين يعتمدون على العمال المهاجرين لتلبية احتياجاتهم الموسمية، مشيراً إلى أنه سيتعاون أيضاً مع قطاع الفنادق في هذه المسألة.

وأضاف ترمب: “إذا كان المزارعون على استعداد للتكفل بهؤلاء الأشخاص بطريقة ما، أعتقد يا كريستي أننا سنضطر إلى القول إن هذا سيكون جيداً، أليس كذلك؟”.

وكان ترمب يوجه حديثه هنا إلى كريستي نويم، وزيرة الأمن الداخلي.

وتابع متحدثاً في الولاية التي تقع في الغرب الأوسط وتهيمن عليها الزراعة: “لا نريد أن نفعل ذلك ونأخذ جميع العمال من المزارع”.

وينتهج ترمب سياسة متشددة حيال الهجرة، وتقود وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم جهوداً لترحيل من دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني.

وتسبب ذلك في بعض الشكاوى من المزارعين، الذين يقولون إن محاصيلهم معرضة للخطر بسبب نقص العمالة.

محاولات لإيجاد حلول

وفي الوقت الذي عززت فيه إدارة ترمب من أجندتها المتشددة بشأن الهجرة، يواجه كبار مسؤولي الإدارة والرئيس نفسه وارء الكواليس تداعيات تلك الحملة ضد العمال المهاجرين، وفق شبكة CNN.

في غضون ذلك، يجرى مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية مناقشات مع الأطراف المعنية وهم يحاولون بهدوء التوصل إلى حل وسط دائم بشأن مصير العمال المهاجرين، وطرحوا طرقاً جديدة مختلفة لمنحهم وضعاً قانونياً، حسبما ذكرت مصادر متعددة لشبكة CNN. لكن من غير الواضح ما هو الحل الذي يمكن أن يتوصلوا إليه بدون الكونجرس، إن وجد، بحسب خبراء.

والأسبوع الماضي، تحدث الرئيس الأميركي خلال مقابلة مع شبكة FoxNews عن استثناء المهاجرين غير الشرعيين العاملين في قطاع الزراعة من عملية الترحيل الجماعي.

وقال ترمب إن التصريح المؤقت يجري العمل عليه بالنسبة للأشخاص الذين يدفعون الضرائب، ما يمنح أصحاب المزارع المزيد من السيطرة لتجنب مداهمات وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE) على غرار تلك التي حدثت في مزارع كاليفورنيا الشهر الماضي، لافتاً إلى أنه يتفهم ما يعنيه إبعاد المهاجرين عن المزارع بالنسبة لأولئك الذين يديرون العمليات الزراعية.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن الإدارة تعمل مع وزارتي الزراعة والأمن الداخلي لإعداد التصريح المؤقت، مؤكدة أن الأولوية تبقى لإزالة التهديدات التي تهدد السلامة العامة وترحيل المجرمين العنيفين، دون تقديم تفاصيل بشأن الفكرة التي طرحها ترمب في المقابلة.

وقد تأرجحت مواقف ترمب ووزارة الأمن الداخلي بين وقف المداهمات في أماكن العمل بشكل مؤقت، والقول إنهم سيواصلون وصفها بأنها “حجر الزاوية” للحفاظ على السلامة العامة، بحسب شبكة تلفزيون NewsNation.

بدوره، قال مسؤول الحدود في البيت الأبيض توم هومان للصحافيين، إنه لن “يتجاوز” ترمب بشأن التصريح المؤقت ورفض إعطاء المزيد من التفاصيل على الرغم من كونه جزءاً من المحادثات الجارية.

من جانبها، قالت فاليري لاكارت، المحللة المتخصصة في سياسة الهجرة الأميركية في “معهد سياسات الهجرة”، إن أهداف الاعتقالات والترحيل جعلت المحتجزين يشعرون أن الأمر يجري بشكل تمييزي، محذرة من ذلك يؤثر أيضاً على الاقتصاد الأميركي.

وأظهرت بيانات دائرة البحوث الاقتصادية التابعة لوزارة الزراعة الأميركية، أن الزراعة ساهمت بنحو 223 مليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2023، بينما تُظهر البيانات أن صناعة الضيافة ساهمت بمبلغ 1.7 تريليون دولار في الاقتصاد الأميركي في عام 2024.

قلق بشأن نقص التفاصيل

ولا يزال المشروع المقترح من قبل الرئيس ترمب بشأن منح تصاريح مؤقتة لبعض العمال المهاجرين في مرحلة الإعداد، لكن نقص التفاصيل بهدف حماية قطاعات الزراعة والضيافة يثير قلق البعض من أن المهاجرين العاملين سيظلون “أهدافاً” للاعتقال والترحيل.

ومع ذلك، في أحدث تحول في السياسة المتعلقة بعمليات إنفاذ القانون في أماكن العمل، يشير “التصريح المجاني المؤقت” الذي طرحه ترمب إلى أن الحماية لبعض المهاجرين ربما تكون وشيكة؛ لكن إلى أن تتبلور الخطة بالكامل، يخشى العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان من أن نفس العمال الذين يمكن أن يغطيهم التصريح سيعيشون بدلاً من ذلك في وضع غير مستقر.

من جانبها، قالت تيريزا روميرو، رئيسة اتحاد “عمال المزارع” (UFW) لشبكة NewsNation: “(ترمب) ينشر أشياء على منصات التواصل الاجتماعي ويقول أشياء في المقابلات لا تغير أي شيء. نحن نخمن ما سيفعله (ترمب) لأنه لا توجد خطة. إنه فقط يقول ما يشعر به في تلك اللحظة”.

وأضافت روميرو أن أصحاب المزارع، مثلهم مثل ترمب، يدركون صعوبة الوظائف الشاغرة في قطاع الزراعة الأميركي.

ورغم إعلان ترمب التزامه بحماية الزراعة، أشارت روميرو إلى أن مستويات الخوف والقلق المرتفعة لا تزال تمنع بعض المهاجرين من الذهاب إلى العمل، مقتنعين بأن عملاء وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك سيحضرون لأخذ المزيد من المهاجرين إلى الحجز الفيدرالي.

ومضت قائلة: “يقول العمال إن الطريقة التي تعاملهم بها (الإدارة) يشعرون وكأنهم سلع يمكن التخلص منها”.

وتشير بيانات مركز دراسات الهجرة إلى أن 86% من العمال مولودون في الخارج، و45% منهم يقيمون في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، وغالباً لا يحملون وثائق.

وحتى منتصف يونيو الماضي، أظهرت بيانات رسمية أن من بين 56 ألفاً و397 شخص محتجزين لدى وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، 28% منهم لديهم إدانات جنائية، و25% منهم لديهم تهم جنائية معلقة.

وفي الوقت نفسه، 46% منهم لديهم انتهاكات أخرى تتعلق بالهجرة. وتظهر البيانات أن أكثر من 11% منهم تم تعجيل ترحيلهم.

شاركها.