اخر الاخبار

ترمب يستهدف ترين دي أراجوا.. ماذا نعرف عن العصابة الفنزويلية

لجأت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى قانون “الأعداء الأجانب” لعام 1798 لترحيل عشرات الأشخاص الذين يشتبه في أنهم أعضاء بعصابة فنزويلية رغم أمر قضائي يمنعها من القيام بذلك.

ودعا إعلان ترمب، الذي نشره البيت الأبيض، السبت، إلى تسريع ترحيل المشتبه بهم من أفراد عصابة  “ترين دي أراجوا” (Tren de Aragua)، مانعاً إياهم من حضور جلسات استماع أمام محكمة الهجرة، وفق صحيفة “واشنطن بوست”.

ونُقل أكثر من 200 مهاجر، اتهمهم مسؤولون أميركيون بالانتماء إلى العصابة، جواً إلى سجن شديد الحراسة في السلفادور، في إطار اتفاق روّجت له الولايات المتحدة والسلفادور على منصات التواصل.

وجاءت عملية الترحيل في أعقاب قرار أصدره القاضي جيمس بواسبيرج بمنع استخدام الرئيس ترمب لصلاحيات تتوفر فقط في زمن الحرب بموجب قانون “الأعداء الأجانب” لترحيل أكثر من 200 شخص يشتبه في انتمائهم لعصابة “ترين دي أراجوا”، وهي عصابة فنزويلية مرتبطة بجرائم خطف وابتزاز وقتل بأجر.

وقال البيت الأبيض، في بيان، إن “عصابة ترين دي أراجوا واحدة من أعنف العصابات الإرهابية وأكثرها وحشية على وجه الأرض. إنهم يغتصبون ويشوّهون ويقتلون لمجرد التسلية”. وحمل البيان عصابة “ترين دي أراجوا” مسؤولية بعض “أبشع الجرائم التي ارتكبت على الأراضي الأميركية خلال السنوات الأخيرة”. 

لكن خبراء يقولون إن عصابة “ترين دي أراجوا” لا تُشكل التهديد الذي تُشير إليه الإدارة في الولايات المتحدة.

ما الذي تشتهر به هذه العصابة؟

في فبراير، صنّفت وزارة الخارجية الأميركية عصابة “ترين دي أراجوا”، بالإضافة إلى عصابة “إم إس-13” (MS-13) المرتبطة بالسلفادور، على أنها “منظمات إرهابية أجنبية”.

ويقول خبراء إن عصابة “ترين دي أراجوا”، والتي تعني “قطار من أراجوا” بالإسبانية، هي شبكة واسعة لا تعمل كالجماعات التي تُعتبر عادةً منظمات إرهابية، مثل “طالبان” أو “القاعدة”، وزعيمها الرئيسي هو هيكتور “إل نينيو” جيريرو، ولا يزال هارباً.

ونقلت “واشنطن بوست” عن رونا ريسكيز، وهي صحفية استقصائية وخبيرة في شؤون الجريمة المنظمة في أميركا اللاتينية قولها: “لا يوجد لديهم (أفراد العصابة) قضية أيديولوجية.. هدفهم الوحيد هو المال”. 

وأضافت: “إذا عرّفنا الإرهاب بأنه نشر الخوف، فهذا (ما يفعلونه) بلا شك، لكن إذا قارنّاهم بالمنظمات التي تُصنّفها الولايات المتحدة عادةً كمنظمات إرهابية، فهناك فجوة هائلة”.

كيف تتعرف أجهزة الأمن الأميركية على أعضاء عصابة “ترين دي أراجوا”؟

خلال خطابه عن حالة الاتحاد هذا العام، ضرب ترمب مثالاً بمقتل طفلين على يد مهاجرين يُشتبه بانتمائهما إلى عصابة “ترين دي أراجوا”. وفي خطابه عام 2018 خلال ولايته الأولى، دعا ترمب أيضاً إلى حملة صارمة على الهجرة من خلال تقديم والدي فتاتين، قال إنهما لقيا حتفهما عام 2016 على يد أعضاء من عصابة “إم إس-13”.

على الرغم من التركيز على عصابة “إم إس-13” ذلك العام، تُظهر تقارير مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI أن عدد أفراد عصابة “إم إس-13” المُقدر في الولايات المتحدة لم يرتفع، بل ظل في حدود 10 آلاف فرد بين عامي 2006 و2017.

من جانبه، قال بيل هينج، أستاذ القانون ودراسات الهجرة في جامعة سان فرانسيسكو الذي مثّل مهاجرين مُتهمين بالانتماء إلى عصابة، إن إدارة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) يُمكنها اعتقال مهاجر لمجرد الاشتباه بانتمائه إلى عصابة.

وأوضح هينج أن “هذا لا يعني أن (إدارة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك) ستنتصر أمام قاضي الهجرة بهذا الادعاء، لكن إذا كان الشخص لا يملك وثائق قانونية، فسيجري ترحيله على أي حال”.

في عام 2017، أصدرت إدارة الهجرة والجمارك بياناً يوضح الكيفية التي تربط بها شخص ما بعصابة. وتضمنت الأدلة: اعتراف المهاجرين بانتمائهم إلى عصابة، أو إدانات بجرائم مدنية أو جرائم متعلقة بنشاط عصابات، أو استيفاء المعتقلين “معايير أخرى معينة مثل وجود وشم يميز عصابة معينة، أو التعرف على هويته كعضو في عصابة من قبل مصدر موثوق”.

وأشار هينج إلى أنه “عادةً لا يتطلب الأمر أكثر من مجرد وشم”، لكي تُلقي إدارة الهجرة والجمارك القبض على شخص يُشتبه في انتمائه إلى عصابة.

لم ترد إدارة الهجرة والجمارك على طلبات سابقة للحصول على تفاصيل بشأن كيفية التعرف على أعضاء العصابات، على الرغم من أنها أقرت في بيان بأن الوشم “واحد من مؤشرات عديدة” على انتماء الشخص إلى إحدى العصابات.

كيف نشأت عصابة “ترين دي أراجوا”؟

نشأت عصابة “ترين دي أراجوا” داخل سجن توكورون الفنزويلي بولاية أراجوا، في ظل صعود نظام “بران” لزعماء الجريمة، الذين أداروا شبكات مخدرات واختطاف من وراء القضبان. وبدأ هؤلاء الزعماء العمل مع عصابات خارج السجن، وبحلول عام 2014 أصبحت عصابة إجرامية واسعة الانتشار بطول البلاد.

توسعت العصابة في عام 2017، بعد أن شهدت فنزويلا انهياراً اقتصادياً وسياسياً أدى إلى نزوح جماعي للسكان. وأصبحت عصابة “ترين دي أراجوا” جزءاً من حركة التهريب، متجاوزةً حدود فنزويلا وعبر أميركا الجنوبية وأميركا الوسطى، وإلى حد ما، الولايات المتحدة.

كم عدد أعضاء العصابة في الولايات المتحدة؟

يُقدر أولئك الذين درسوا العصابة أنه يوجد بضع مئات فقط من الأشخاص المرتبطين بها يعيشون في الولايات المتحدة، وهو رقم بعيد كل البعد عن أكثر من 800 ألف فنزويلي في البلاد، يتمتع معظمهم بحماية مؤقتة للبقاء. 

وذكرت “واشنطن بوست” أن الكيفية التي تتعرف به الحكومة الأميركية على أعضاء عصابة “ترين دي أراجوا” كانت موضع انتقاد من قبل خبراء ومحامين متخصصين في قضايا الهجرة.

وأفاد خبراء بأنه في الغالبية العظمى من الحالات، لا ينتمي الفنزويليون وغيرهم من المهاجرين في الولايات المتحدة إلى عصابات، بل يفرون من الجرائم التي ترتكبها تلك العصابات في بلدانهم الأصلية. 

وأضاف الخبراء أن بيانات نظام العدالة الجنائية الأميركية تُظهر أن المهاجرين غير المسجلين في الولايات المتحدة يرتكبون جرائم بمعدل أقل من الأميركيين. والولايات المتحدة لديها تاريخ في استخدام أدلة واهية لتوقيف أي شخص بسبب الاشتباه في الانتماء إلى عصابة.

هل المهاجرون الذي أرسلوا إلى جوانتانامو أعضاء في عصابة “ترين دي أراجوا”؟

قالت إدارة ترمب إن المهاجرين، الذين نقلتهم إلى قاعدة خليج جوانتانامو البحرية، الموقع المتهم طوال الوقت بارتكاب أعمال تعذيب وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان بحق المتهمين في هجمات 11 سبتمبر 2001، كانوا من بين “الأسوأ على الإطلاق”.

وقالت وزارة الأمن الداخلي إن المهاجرين العشرة الذين كانوا على متن أول رحلة جوية إلى جوانتانامو في 4 فبراير كانوا أعضاء في عصابة “ترين دي أراجوا”.

إلا أن مراجعة أجرتها صحيفة “واشنطن بوست” لسجلات 3 من هؤلاء المهاجرين لم تجد أي روابط جوهرية مع العصابة. ومن بين 6 مهاجرين أُرسلوا إلى جوانتانامو، كان جميعهم تقريباً يحملون وشوماً أثارت شكوك سلطات الهجرة، حسب ما ذكر أقاربهم للصحيفة، وذكرت أسر اثنين منهم إنهم يعتقدون أن الرجال استُهدفوا لأنهم من ولاية أراجوا.

ما رد حكومة فنزويلا؟

أعلنت حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو رفضها استخدام القانون الأميركي “غير الملائم” لترحيل أعضاء العصابة المشتبه بهم، قائلة إنه ينتهك حقوق المهاجرين.

وقالت الحكومة في بيان: “ترفض فنزويلا تطبيق قانون عفا عليه الزمن وغير قانوني وينتهك حقوق الإنسان ضد مهاجرينا”.

ويسمح قانون “الأعداء الأجانب” لإدارة ترمب بتجاوز الإجراءات القانونية الواجبة للمهاجرين المصنفين على أنهم يشكلون تهديداً، وترحيلهم على نحو سريع من البلاد.

ما تفاصيل الاتفاق مع السلفادور؟

ذكرت وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية، السبت، أن الولايات المتحدة وافقت على دفع 6 ملايين دولار للسلفادور لسجن 300 شخص يشتبه أنهم أعضاء في عصابة “ترين دي أراجوا” لمدة عام.

وجاء الاتفاق مع السلفادور عقب مناقشات بين رئيس البلاد نجيب بوكيلة، ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن وضع المهاجرين في سجون السلفادور. واعتقلت حكومة بوكيلة أكثر من 84 ألف شخص منذ عام 2022 في إطار إجراءات صارمة ضد عنف العصابات.

وأكدت السلفادور في مذكرة حصلت عليها وكالة “أسوشيتد برس”، أنها “ستؤوي هؤلاء الأفراد لمدة عام واحد، ريثما يصدر قرار الولايات المتحدة بشأن وضعهم على المدى الطويل”.

وأبرمت السلفادور وإدارة ترمب الشهر الماضي اتفاقاً لإيواء المهاجرين المحتجزين في الولايات المتحدة. وأكدت إدارة ترمب أن السلفادور يمكنها حتى إيواء مواطنين أميركيين، مع أن الولايات المتحدة لا يمكنها ترحيل المواطنين إلى دولة أخرى.

وناقش روبيو وبوكيلي تفاصيل عملية النقل الجديدة، التي تشمل تكلفة تبلغ نحو 20 ألف دولار لإيواء كل سجين لمدة عام. كما تشير وثيقة لوزارة الخارجية الأميركية إلى أنها قد تخصص 15 مليون دولار لإرسالها إلى السلفادور لإيواء أعضاء إضافيين من العصابة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *