أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، تصنيف حركة Antifa “أنتيفا” اليسارية السرية المناهضة للفاشية “منظمة إرهابية”، إذ توعد سابقاً باتخاذ إجراءات ضد الجماعات اليسارية عقب اغتيال الناشط اليميني تشارلي كيرك الأسبوع الماضي. 

وبعد يوم من توجيه المدعين العامين في ولاية يوتا تهماً رسمية للمشتبه به في اغتيال كيرك، لم تظهر أدلة تربط تيلر روبنسون (22 عاماً) بأي جماعة خارجية، ولا تزال هناك تساؤلات حول دوافعه المحددة، إذ لطالما هاجم ترمب ومسؤولون كبار مراراً الجماعات اليسارية وقالوا إنها “خلقت أجواء من العدائية تجاه المحافظين” قبل اغتيال كيرك.

وجاء في إعلان ترمب عبر حسابه في منصة Truth Social: “يسرني أن أبلغ العديد من الوطنيين الأميركيين أنني أصنف أنتيفا، وهي منظمة يسارية متطرفة مريضة وخطيرة، كمنظمة إرهابية رئيسية”.

وأضاف: “سأوصي بشدة بإجراء تحقيق شامل مع ممولي أنتيفا وفقاً لأعلى المعايير والممارسات القانونية. شكراً لكم على اهتمامكم بهذه المسألة”.

ولم تتضح بعد الآلية التي سيستخدمها ترمب لتصنيف الحركة، إذ تفتقر “أنتيفا” إلى هيكل مركزي أو قيادة محددة، ما يجعل من غير الواضح من أو ما الذي سيتم استهدافه تحديداً.

وطرح ترمب في البداية فكرة تصنيف “أنتيفا” منظمة إرهابية في عام 2020 وسط احتجاجات عنيفة على مستوى البلاد أعقبت مقتل جورج فلويد على يد الشرطة في مدينة منيابوليس، إذ قال خبراء قانون آنذاك إن مثل هذه الخطوة تفتقر إلى أساس قانوني ومن الصعب تنفيذها وتثير مخاوف تتعلق بحرية التعبير، نظراً لأن الانتماء إلى فكر معين لا يُعد جريمة بشكل عام.

ما هي حركة “أنتيفا”؟

وتعد “أنتيفا” حركة فضفاضة من النشطاء يتشارك أتباعها بعض الفلسفات والتكتيكات، حيث أظهروا حضورهم في الاحتجاجات التي اندلعت في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك مسيرة “توحيد اليمين” في شارلوتسفيل، فرجينيا، عام 2017.

ومنذ 2017، انخرطت الحركة في عدد من الفعاليات الاحتجاجية في مختلف ولايات أميركا، أولها كان يوم تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة يوم 20 يناير 2020، إذ قادت الحركة احتجاجات عنيفة في العاصمة واشنطن، تخللتها أعمال تخريب وتدمير للممتلكات وإشعال للنيران.

وظهرت الحركة مجدداً، حين انخرطت في مواجهات عنيفة مع تجمع نظمه القوميون البيض (حركة يمينية) في مدينة “شارلوتسفيل” بولاية فرجينيا. وقام أعضاء الحركة بإغلاق منافذ حديقة “إيمانسيبيشن”، لمنع اليمينيين من دخول الحديقة، حيث كانوا ينوون التظاهر، وهو ما أسفر عن اشتباكات عنيفة، حيث أقدم بعض أعضاء “أنتيفا” على رش مواد كيميائية على خصومهم، وفقاً لمجلة “ذا نيويوركر”.

وأثار تدخل “أنتيفا” غضب النشطاء اليمينيين الذين أطلقوا في الشهر نفسه عريضة إلكترونية موجهة إلى البيت الأبيض من أجل تصنيف “أنتيفا” جماعة إرهابية. وحصلت العريضة على أكثر من 100 ألف توقيع، وفقاً لقناة فوكس نيوز الأميركية.

متى بدأت الحركة؟

ويذكر قاموس “ميريام وبستر” Merriam Webster أن كلمة “أنتيفا” استُخدمت لأول مرة عام 1946، وأنها مُستعارة من عبارة ألمانية تُشير إلى معارضة النازية، إلا أن المزيد من الناس بدأوا بالانضمام إلى الحركة في الولايات المتحدة بعد انتخاب ترمب عام 2016، لمواجهة التهديد الذي اعتقدوا أن ما يُسمى باليمين البديل يُشكله، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، 

وكانت مجموعة “روز سيتي أنتيفا” المناهضة للفاشية من أوائل المجموعات التي استخدمت هذا الاسم في الولايات المتحدة، والتي تقول إنها تأسست عام 2007 في بورتلاند بولاية أوريجون.

وتتمتع مجموعة “روز سيتي أنتيفا” بقاعدة جماهيرية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تشارك مقالات إخبارية، وتسعى أحياناً إلى الكشف عن هويات ومعلومات شخصية لشخصيات من اليمين المتطرف. لكنها اكتسبت مزيداً من الحضور في عام 2017، بعد سلسلة من الأحداث التي سلّطت الضوء على المتظاهرين المناهضين للفاشية.

من هم أعضاء حركة “أنتيفا”؟

بحسب “نيويورك تايمز”، فإنه من المستحيل معرفة عدد الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم أعضاءً فيها، إذ يُقرّ أتباعها بأن الحركة سرية، وليس لها قادة رسميون، وتنتظم في خلايا محلية مستقلة، كما أنها واحدة فقط من بين مجموعة من الحركات الناشطة التي اجتمعت في السنوات القليلة الماضية لمعارضة اليمين المتطرف.

ويُشنّ أعضاء “أنتيفا” حملات ضد الأفعال التي يعتبرونها “استبدادية” أو معادية للمثليين أو عنصرية أو معادية للأجانب.

وعلى الرغم من أن “أنتيفا” لا تنتمي إلى حركات يسارية أخرى، ويُنظر إليها أحياناً على أنها تشتيت للانتباه من قِبل المنظمين الآخرين، إلا أن أعضائها يعملون أحياناً مع شبكات ناشطة محلية أخرى تحشد حول القضايا نفسها، مثل حركة Occupy أو حركة “حياة السود مهمة”.

ما أهداف الحركة؟

ويسعى المؤيدون لحركة “أنتيفا” إلى منع ما يعتبرونه جماعات فاشية وعنصرية ويمينية متطرفة من استخدام منبر للترويج لآرائهم، مجادلين بأن التظاهر العلني بهذه الأفكار يؤدي إلى استهداف الفئات المهمشة، بما في ذلك الأقليات العرقية والنساء والمثليين.

ويشارك العديد من منظمي حركة “أنتيفا” أيضاً في أشكال أكثر سلمية من التنظيم المجتمعي، لكنهم يعتقدون أن استخدام العنف مبرر بسبب آرائهم القائلة بأنه “إذا سُمح للجماعات العنصرية أو الفاشية بالتنظيم بحرية، فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى العنف ضد المجتمعات المهمشة”.

وغالباً ما تستخدم الحركة أساليباً مشابهة للجماعات الأناركية، مثل ارتداء ملابس سوداء بالكامل وارتداء أقنعة، كما أن لهذه الجماعات أيديولوجيات متداخلة، حيث غالباً ما تنتقد الرأسمالية وتسعى إلى تفكيك هياكل السلطة، بما في ذلك قوات الشرطة.

شاركها.