قال مسؤولون في الإدارة الأميركية، الأربعاء، إن الرئيس دونالد ترمب مستعد لإرسال قوات من الحرس الوطني إلى المزيد من مدن البلاد إذا تمددت الاحتجاجات المناهضة للحملة ضد المهاجرين، مما قد يفتح الباب أمام أوسع انتشار للقوات العسكرية على أراضي الولايات المتحدة في التاريخ الحديث، حسبما أفادت صحيفة “واشنطن بوست”.
وصرح وزير الدفاع بيت هيجسيث خلال شهادته أمام الكونجرس، بأن البنتاجون لديه القدرة على إرسال قوات الحرس الوطني إلى المزيد من المدن “إذا اندلعت أعمال شغب أخرى في الأماكن التي يتعرض فيها ضباط إنفاذ القانون للتهديد”.
وحذرت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، المتظاهرين خارج لوس أنجلوس، من أن المزيد من “الفوضى” لن ينتج عنه إلا زيادة عزم ترمب.
وقالت ليفيت: “لتكن هذه رسالة واضحة إلى المتطرفين اليساريين في أنحاء أخرى من البلاد الذين يفكرون في تقليد العنف في محاولة لوقف جهود الترحيل الجماعي التي تبذلها هذه الإدارة. لن تنجحوا”.
وتتزامن رسالة البيت الأبيض مع تصاعد لهجة ترمب العدائية، بعدما هدد في الأيام الأخيرة باستخدام القوة ليس فقط ضد نشطاء الهجرة، بل أيضاً ضد أي متظاهر يحاول تعطيل العرض العسكري المقرر في واشنطن، السبت، للاحتفال بالذكرى السنوية الـ 250 لتأسيس الجيش.
واعتبرت “واشنطن بوست”، أن تهديد ترمب باستخدام القوة ضد المتظاهرين “لم يُفرّق بشكل ملحوظ بين مرتكبي أعمال العنف والمحتجين السلميين على سياساته”. وخلال إحاطة البيت الأبيض، الأربعاء، أجابت ليفيت على سؤال حول هذا الموضوع قائلة: “بالطبع يدعم الرئيس الحق في الاحتجاج السلمي، إنه سؤال غبي”، على حد وصفها.
ويرى مسؤولو البيت الأبيض أن الرئيس يُظهر “قوة وهيمنة” ويدافع عن “القانون والنظام”، ويتهمون الديمقراطيين بـ”التساهل” مع المحرضين على العنف، كما سلَّط ترمب ومستشاروه الضوء على لقطات لأعمال نهب وحرق سيارات لتبرير اتخاذ إجراءات.
وصرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، أبيجيل جاكسون، قائلةً: “يفي الرئيس ترمب بوعده الذي قطعه للشعب الأميركي بترحيل الأجانب غير الشرعيين وحماية سلطات إنفاذ القانون الفيدرالية من أعمال الشغب العنيفة”.
ونقلت الصحيفة عن ستيفن ليفيتسكي، أستاذ علوم الحكومة في جامعة هارفارد، الذي لطالما حذّر من أن ترمب يُشكل تهديداً للديمقراطية الأميركية قوله: “هذا النوع من الأمور لا يحدث في الديمقراطيات، لكنه أصبح جزءاً روتينياً من سياساتنا”.
وترى “واشنطن بوست”، أن ترمب منح نفسه مرونة أكبر خلال ولايته الثانية لتصعيد التدخل العسكري وقلب المعايير الديمقراطية رأساً على عقب، بعدما منعه القادة العسكريون في ولايته الأولى من نشر قوات داخل الولايات المتحدة. أما هذه المرة، فقد أحاط نفسه بالموالين له.
وانقسم الأميركيون في آرائهم بشأن المتظاهرين في لوس أنجلوس وقرار ترمب إرسال الحرس الوطني كرد.
ووفقاً لاستطلاع جديد أجرته صحيفة “واشنطن بوست”، وكلية شار بجامعة جورج ماسون، يُؤيد الجمهوريون بأغلبية ساحقة، قرار ترمب بنشر الحرس الوطني، بينما يعارضه معظم الديمقراطيين، ووفقاً للاستطلاع، يميل المستقلون إلى معارضة الإجراء، بينما تعارضه أيضاً غالبية سكان كاليفورنيا.
قانون التمرد
وهذا الأسبوع، حذّر ترمب من أن أي احتجاجات ضد حملة الهجرة في مدن أخرى ستُقابل “بقوة مساوية أو أكبر” من تلك التي استُخدمت في لوس أنجلوس. وقال إن تلك القوات ستبقى في المدينة “حتى يزول الخطر”.
واختلف ترمب مع زعماء كاليفورنيا، حول ما إذا كانت القوات تُشكّل رداً ضرورياً على الاحتجاجات، التي اقتصرت على عدة مبانٍ وتضمنت حوادث عنف متفرقة.
ويؤكد الرئيس الأميركي أنه “سيلجأ بالتأكيد” إلى قانون التمرد، الذي يُمكن للرؤساء استخدامه لتوسيع دور الجيش في الاستجابة للحوادث الداخلية، إذا رأى ذلك ضرورياً. وقال العديد من الباحثين إن مجرد تفكيره في الأمر يُنذر بالسوء.
وقال أستاذ علوم الحكومة في جامعة هارفارد، ستيفن ليفيتسكي: “في مجتمع ديمقراطي، لا يُضطر المواطنون إلى التفكير مرتين أو ثلاث مرات بشأن التعبير السلمي عن معارضتهم لأمر ما، هكذا هي الحياة في مجتمع حر”.
واشتدت حدة المواجهة بشأن التدخل العسكري منذ السبت الماضي، عندما نشر ترمب الحرس الوطني في كاليفورنيا دون إذن حاكم الولاية، جافين نيوسوم (ديمقراطي)، الذي اعتبر أن إرسال القوات سيُصعّد الاحتجاجات.
كاليفورنيا البداية
وحذّر نيوسوم في خطاب ألقاه، الثلاثاء، من أن نشر القوات يُمثل بداية جهد أوسع نطاقاً من جانب ترمب لتهديد الديمقراطية.
وأضاف نيوسوم: “قد تكون كاليفورنيا هي الأولى، لكن من الواضح أن الأمر لن ينتهي هنا. ولايات أخرى ستليها. الديمقراطية تتعرض للهجوم أمام أعيننا. لقد حانت هذه اللحظة التي كنا نخشاها”.
ويوم الثلاثاء أيضاً، أعلن حاكم ولاية تكساس، جريج أبوت (جمهوري)، نشر الحرس الوطني في ولايته تحسباً للاحتجاجات المخطط لها.
وقال ديف كارني، المستشار السياسي المخضرم لأبوت، إن القرار لم يكن نتيجة لخطاب ترمب. وسبق للحاكم أن نشر قوات الحرس الوطني قبل الاحتجاجات، كما حدث خلال مظاهرات جورج فلويد في عام 2020.
وتابع: “هذا ليس أمراً تافهاً. هذا ليس شأناً سياسياً. لو كان هذا يحدث قبل أربع أو ثماني سنوات، لكان قد فعل الشيء نفسه تماماً. هذه حماية غريزية للناس”.
وفي ولايات أخرى يديرها الجمهوريون وشهدت مؤخراً صدامات مع إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE)، قاوم الحكام الإعلان عن عمليات نشر استباقية، على الرغم من تعهد مسؤولي الحزب الجمهوري بمعاقبة المحرضين العنيفين.
وفي أتلانتا، استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع واعتقلت أشخاصاً، الثلاثاء، بعد أن ألقى متظاهرون مناهضون لإدارة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) مفرقعات نارية على الشرطة.
ويعتقد مسؤولو الولاية، أن سلطات إنفاذ القانون المحلية والولائية تمكنت من إدارة المظاهرات، وفق ما ذكره مصدر مطلع على الوضع هناك، تحدث لـ”واشنطن بوست” بشرط عدم كشف هويته.