وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرسوماً يسمح للحكومة بفرض عقوبات وتدابير تقييدية على السفر ضد أي دولة تحتجز مواطنين أميركيين، وتصنفها الولايات المتحدة على أنها “دولة راعية للاحتجاز التعسفي”، حسبما أفادت به صحيفة “واشنطن بوست”.
وبموجب المرسوم الجديد، والذي يستلهم آلية تصنيف “الدول الراعية للإرهاب”، وفق الصحيفة، سيُخول وزير الخارجية، ماركو روبيو، سلطة فرض العقوبات لمراقبة الصادرات وتحديد حركة السفر على حكومات وأفراد في الدول التي تحتجز مواطنين أميركيين “دون مبرر”.
وفي موقف غير مألوف، حيال قضية لطالما اعتبرت فوق نطاق الخلافات السياسية، انتقد ترمب وعدد من مسؤولي الإدارة الأميركية بشدة إدارة الرئيس السابق جو بايدن خلال فعالية في المكتب البيضاوي، مدعين، دون تقديم أدلة، أن عدد الأميركيين المعتقلين ظل أكبر من عدد من تم إطلاق سراحهم خلال فترة رئاسة سلفه.
وقال ترمب: “إذا احترموا الولايات المتحدة، فسيطلقون سراح الأميركيين.. وإذا لم يفعلوا، فعليهم دفع 6 مليارات دولار”، في إشارة إلى الاتفاق الذي أبرم مع إيران عام 2023، والذي تضمن تحرير أرصدة النفط الإيرانية المجمدة.
وأوضح مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية أن الصين وإيران وأفغانستان ستخضع للدراسة عند تطبيق هذه السياسة، ولم يتسنَ معرفة ما إذا كانت روسيا ستُدرج أيضاً إلى القائمة.
وقال مدير مكافحة الإرهاب في إدارة ترمب، سيباستيان جوركا، في حديثه عن المرسوم من داخل المكتب البيضاوي: “نرسم خطاً أحمر مفاده أنه لن يتم استخدام المواطنين الأميركيين كأوراق للمساومة بعد الآن”، بحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
اجتماعات نيويورك
وجاء المرسوم الرئاسي قبل أسبوعين من انعقاد قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ما يزيد من احتمالية أن تستخدم الإدارة الأميركية هذا المرسوم لمنع بعض القادة الأجانب من حضور القمة.
وذكرت وكالة “أسوشيتد برس”، الجمعة، أن إدارة ترمب تبحث تشديد القيود على عدة وفود دول بما يحد بشكل كبير من قدرتها على التنقل خارج نيويورك، خلال حضور اجتماع رفيع المستوى في الأمم المتحدة.
وبحسب مذكرة داخلية لوزارة الخارجية الأميركية اطّلعت عليها الوكالة، فإن القيود المحتملة على السفر وغير ذلك قد تُفرض قريباً على وفود كل من إيران والسودان وزيمبابوي، وربما على نحو مفاجئ البرازيل، التي تحظى تقليدياً بمكانة شرفية في اجتماعات القادة رفيعة المستوى في الجمعية العامة للأمم المتحدة، المقرر أن تنطلق في 22 سبتمبر.
وأعلنت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، أنها ستمنع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وآخرين من كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية من حضور القمة، حيث من المقرر أن تعترف كل من بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا ودول أخرى من حلفاء الولايات المتحدة بدولة فلسطين، وهو إجراء يعارضه ترمب بشدة.
ولا يُعتقد أن السلطة الفلسطينية، التي تسيطر على أجزاء محدودة من الضفة الغربية المحتلة، تحتجز أي مواطنين أميركيين.
وامتنع المسؤولون عن تحديد الدول التي سيتم تطبيق القيود عليها فوراً، لكنهم أشاروا إلى أن الحكومة الإيرانية قد تكون من بين الدول المستهدفة.
إيران والصين وأفغانستان
وقال مسؤول أميركي، إن هذا التصنيف الجديد “سيستهدف الدول التي تشارك باستمرار في سياسة أسر الرهائن”، مضيفاً: “هناك دول، مثل الصين، وإيران، وأفغانستان ستكون جميعها خاضعة لهذا التصنيف، وسيتم مراجعة وضعها”.
من جانبه، ذكر مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، أن القيود على السفر “تعد من أقوى الأدوات التي لدينا لمواجهة الأنظمة التي تعتقد أنها تستطيع استخدام مواطنينا كأداة ضغط ضد الولايات المتحدة”.
وأضاف مسؤول آخر في الإدارة، خلال إحاطة إعلامية قبل توقيع المرسوم: “سنطبق هذا الإجراء بسرعة على بعض الدول التي لا تربطنا بها علاقات جيدة”.
وحث 40 نائباً في الكونجرس، أغلبهم من الحزب الجمهوري، ترمب في رسالة على “عدم إصدار تأشيرات” لرئيس إيران، محمود بيزشكيان، وآخرين من المسؤولين الإيرانيين، وذلك كخطوة لمواجهة “دعم النظام الإيراني للإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان”، وفق تعبيرهم.
ولا تملك وزارة الخارجية الأميركية قائمة شاملة للدول التي تحتجز مواطنين أميركيين، لكنها تصدر تحذيرات للسفر إلى الدول التي تشكل “خطراً كبيراً” للاحتجاز، بما في ذلك فنزويلا وروسيا.
وتشير تقارير إلى أن 47 أميركياً أُطلق سراحهم خلال ولاية ترمب الأولى، مقارنة بـ 77 خلال فترة بايدن، مع العلم أن ليس جميع حالات الإطلاق تُعلن رسمياً، موضحة أن هذا الرقم “يشمل المحتجزين دون مبرر والحالات المشتبه بها، وهي فئة أوسع”، مؤكدة ضرورة أن تحظى هذه القضية بدعم جميع الأطراف.
وتقول إدارة ترمب إنها حررت 72 أميركياً منذ 20 يناير الماضي، عندما عاد ترمب إلى منصبه.