تصريحات عبد العزيز الخميس تشعل أزمة بين السعودية والكويت بسبب سحب الجنسيات

وطن تشهد العلاقات الكويتية السعودية هذه الأيام موجة من التوتر غير المسبوق على الصعيد الإعلامي، وذلك عقب التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها الصحفي السعودي المقرب من دوائر صنع القرار، عبد العزيز الخميس، والتي تناول فيها بالشكل المباشر قرارات السلطات الكويتية بشأن سحب الجنسية من عدد من المجنسين، ومن بينهم الداعية الكويتي المعروف نبيل العوضي.
التوتر اندلع على خلفية منشور عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، اعتبره الرأي العام الكويتي تدخلًا سافرًا في الشأن الداخلي لدولة ذات سيادة، إذ وصف فيه الصحفي السعودي قرار سحب الجنسية بأنه لا يُمارَس كإجراء قانوني، بل كوسيلة استعراضية للسلطة، مُلمحًا إلى أن القرار يأتي من هوى وزير وليس من مؤسسات دستورية راسخة.
ولم يكتفِ الخميس بذلك، بل تابع هجومه موحيًا بأن الدولة الكويتية تمارس “مزاجية سياسية”، متهمًا إياها بالتعامل مع المواطنة كمنّة تُمنح وتُسحب، لا كعقد شراكة بين المواطن والدولة.
أثارت هذه التصريحات غضبًا واسعًا في الداخل الكويتي، إذ سرعان ما اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بسيل من الردود الرافضة لما وصفوه بـ”الخطاب المتعالي” من قبل شخصية إعلامية سعودية معروفة بتأييدها للتطبيع، وبعلاقاتها الوطيدة مع أوساط سياسية مؤثرة داخل المملكة العربية السعودية.
وقد رأى العديد من النشطاء والمعلقين الكويتيين أن ما صدر عن الخميس لا يمكن فصله عن السياق السياسي الخليجي، في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها العلاقات بين العواصم الخليجية في ملفات عديدة، أبرزها الموقف من القضية الفلسطينية، والعلاقات الإقليمية مع قوى كبرى مثل إيران وتركيا.
في المقابل، لم تصدر أي تصريحات رسمية من الحكومة الكويتية حول ما أثاره الخميس، الأمر الذي فسّره البعض بأنه تجاهل متعمّد لتفادي تضخيم الأزمة، بينما اعتبره آخرون علامة على الغضب المكتوم الذي قد يتجلّى لاحقًا في موقف دبلوماسي حاسم. من جانب آخر، لم يتراجع الصحفي السعودي عن تصريحاته، ولم يقدم أي توضيحات أو اعتذارات، بل تجاهل موجة الغضب ضده، وواصل نشر تغريداته المعتادة التي تدور في فلك الدفاع عن السياسات السعودية في مختلف القضايا.
تأتي هذه الأزمة في وقت تشهد فيه الساحة الخليجية حالة من الترقب والحساسية الشديدة، إذ تتشابك الملفات الإقليمية والدولية، وتتصاعد حدة الاستقطابات السياسية.
وقد اعتبر مراقبون أن هذه الحادثة تُعدّ اختبارًا جديدًا لمتانة العلاقات الثنائية بين الكويت والرياض، وتكشف في الآن ذاته عن الأثر المتزايد للإعلام والمواقف الفردية في تشكيل أو إرباك العلاقات الرسمية، خصوصًا في ظل وجود أصوات إعلامية محسوبة على بعض الدوائر، تُطلق تصريحات تتجاوز أحيانًا الأعراف الدبلوماسية والاحترام المتبادل بين الدول.
ويُخشى من أن تؤدي هذه الواقعة، إذا لم يتم احتواؤها، إلى فتح باب لتوترات أكبر في المستقبل، خاصة إذا ما تكررت تدخلات مشابهة من شخصيات إعلامية سعودية في الشأن الداخلي الكويتي، أو إذا ما بدأت الردود الكويتية تأخذ طابعًا رسميًا، وهو ما من شأنه أن يُعمّق الفجوة بين البلدين.
وفي انتظار أي موقف رسمي من الجانب الكويتي، تبقى هذه الأزمة مؤشرًا على أن العلاقات الخليجية، رغم ما يبدو من وحدة ظاهرية، ما تزال عرضة للتشويش والتوتر بسبب تعليقات عابرة أو مواقف إعلامية غير محسوبة، خاصة في زمن المنصات الرقمية التي باتت تصنع الحدث وتغيّر وجه السياسة.