تقارب سوري- عراقي تحت عنوان “مكافحة الإرهاب”
خلال لقاءات متكررة بين مسؤولين من النظام السوري وآخرين عراقيين، تكرر الحديث عن التعاون المشترك بين الجانبين في مجال مكافحة الإرهاب، تزامنًا مع تحركات أمنية للنظام في منطقة البادية السورية.
أحدث اللقاءات جمعت رئيس النظام، بشار الأسد، والرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، بحث خلاله الجانبان التعاون في مجال “مكافحة الإرهاب” والتعاون الاقتصادي والتنسيق على المستوى السياسي، وفق ما نشرته وسائل إعلام رسمية.
من جانبها نقلة وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) حديث الرئيس العراقي الذي أشاد فيه بالتعاون المشترك على العديد من الصعد، خاصة في مجال “مكافحة الإرهاب” وتعزيز أمن الحدود، مشيرًا إلى “دعم العراق لترسيخ الأمن والاستقرار في سوريا”.
وفي مطلع أيار الحالي أيضًا، استقبل بشار الأسد قائد “قوات الحشد الشعبي” العراقي الموالية لإيران، فالح الفياض، في العاصمة السورية، ولم يخرج الحديث بين الجانبين حينها عن الإطار نفسه.
أيضًا في 12 من أيار، وقع وزيرا الداخلية السوري والعراقي، محمد خالد الرحمون وعبد الأمير الشمري، مذكرة تعاون أمني مشترك بين البلدين، بحسب ما نشره الموقع الرسمي لوزارة الداخلية العراقية.
ولعل أبرز نقاط الالتقاء بين سوريا والعراق في الوقت الراهن هو التغلغل الإيراني بين البلدين الجارين، في وقت تعاني فيه المنطقة من توتر ميداني يتصاعد وينخفض بين إيران والولايات المتحدة المنتشرة على ضفتي الحدود بين العراق وسوريا، وانتشار خلايا من تنظيم “الدولة الإسلامية” في البلدين أيضًا.
وتدعم طهران النظام السوري وتحظى بنفوذ واسع لدى الحكومة العراقية والفصائل المنضوية تحت الجيش العراقي، الحاضرة أيضًا على الجانب السوري من الحدود.
النظام شريك لـ”مكافحة الإرهاب”
بينما تجمع اللقاءات السياسية بين مسؤولين من النظام، وآخرين عراقيين بهدف مكافحة “الإرهاب” يستمر نشاط تنظيم “الدولة” في البلدين، وتبدو نتائج نشاط المكافحة ملحوظة في العراق من خلال عمليات تحييد عناصر التنظيم وفق ما يعلن عنه باستمرار، بينما تبدو واضحة من خلال الكمائن التي ينصبها التنظيم لقوات النظام في البادية السورية.
وينظر المحلل السياسي مصطفى النعيمي للتقارب بين الجانبين على أنه محاولة من النظام لتصدير نفسه على أنه “شريك محتمل في عمليات مكافحة الإرهاب”، في الوقت الذي يستعين فيه الطرفان بميليشيات إيرانية لأهداف “المكافحة”.
النعيمي قال ل إن النظام يسعى لإنشاء مسار مشترك مع العراق لمكافحة تنظيم “الدولة” يهدف من خلاله لإيصال رسائل للولايات المتحدة في هذا الصدد، خصوصًا أن تسريبات تحدثت سابقًا عن أن النظام قد يكون شريًا لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في مكافحة نشاط التنظيم، في حال انسحبت قوات التحالف من سوريا.
وسبق أن نقل موقع “المونيتور” الأمريكي، مطلع العام الحالي، عن مصادر مطلعة على مناقشات لتحديد آلية وتوقيت الانسحاب من سوريا (لم تسمّه) أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) طرحت خطة لحلفائها السوريين “قسد”، للدخول في الحملة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” بالشراكة مع النظام السوري.
وأضاف أن جوهر الطرح هو حماية “قسد” خلال قتالها ضد تنظيم “الدولة” على المستوى القريب والمتوسط.
الموقع الأمريكي قال إن مصدره رفض التعليق على ما إذا كانت الاجتماعات تنذر بانسحاب نهائي لما يقدر بنحو 900 جندي أمريكي من من شمال شرقي سوريا، أم لا.
وفي الجارة العراق، تصاعدت الأصوات المطالبة بالانسحاب الأمريكي من الأراضي العراقية، على خلفية توتر استمر لأشهر بين ميليشيات إيرانية، والولايات المتحدة في المنطقة، في حين نقل موقع “CNN” عن مسؤولين أمريكيين أن العراق سيجري مناقشات مع أمريكا، بهدف وضع خطة لسحب قوات التحالف الدولي من المنطقة.
تحركات كثيفة للتنظيم
بينما تعمل الأطراف في سوريا والعراق على مسار جديد لـ”مكافحة الإرهاب” تستمر عمليات تنظيم “الدولة” بالارتفاع، إذ نفذ الأخير عمليات نوعية أسفرت عن قتلى وجرحى من القوات العسكرية على جانبي الحدود.
أمس الجمعة، قال “لواء القدس” الفلسطيني (قوات رديفة بجيش النظام السوري) إنه شيّع 18 قتيلًا في محافظة حمص وسط سوريا، دون الإشارة إلى الحدث الذي أسفر عن مقتلهم.
ونشر “اللواء” عبر “فيس بوك” تسجيلًا مصورًا يظهر مقتطفات من التشييع الذي قال إنه حدث في حمص، دون الإشارة إلى مكان مقتل عناصره، وأظهر مراسم عسكرية خلال التشييع، مشيرًا إلى أن المراسم أقيمت يوم الخميس الماضي.
اقرأ أيضًا: عمليات تنظيم “الدولة” تتضاعف.. النظام عاجز و”قسد” تحاول
وعلى الجانب العراقي من الحدود، قال التنظيم إنه نفذ عملية عسكرية في 14 من أيار الحالي، أسفرت عن مقتل عشرة عسكريين من القوات العراقية في محافظة صلاح الدين شمالي العراق.
وفي 28 من نيسان الماضي، أعلنت خلية الإعلام الأمني العراقية عن مقتل من قالت إنه “إرهابي” مسؤول عن نقل الأسلحة والمتفجرات والأفراد بين الحدود العراقية والسورية، وذلك في عملية وصفتها بـ”النوعية” على الحدود العراقية- السورية.
وتستمر منذ سنوات على الجانب العراقي أعمال بناء جدار أسمنتي يفصل أراضيها الغربية عن الأراضي السورية، إذ سبق ونشرت “القيادة” صورًا لأعمال بناء الجدار الذي دخل مرحلته الثانية في 2 من تشرين الأول 2022.
ويهدف بناء هذا الجدار لمكافحة نشاط تنظيم “الدولة” الذي يتنقل على جانبي الحدود بين سوريا والعراق.
اقرأ أيضًا: لغز جغرافيا تنظيم “الدولة”.. قيادة في سوريا والعراق ونفوذ بإفريقيا
مرتبط
المصدر: عنب بلدي