تقارير عن وساطة أميركية في الاتفاق بين حكومة دمشق وقسد

قال ضباط أميركيون، إن الجيش الأميركي لعب دوراً دبلوماسياً مهماً خلف الكواليس في سوريا، حيث توسط في محادثات جمعت بين حكومة دمشق الجديدة والمقاتلين الأكراد المدعومين أميركياً والذين يسيطرون على مناطق في شمال شرقي البلاد، حسبما أفادت به صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وأوضح الضباط أن القوات الأميركية المنتشرة في سوريا لمكافحة تنظيم “داعش”، توسطت في تلك المحادثات، كما شجعوا “الجيش السوري الحر” الذي يعمل مع الولايات المتحدة في جنوب شرق سوريا بالقرب من قاعدة “التنف”، على تحقيق السلام مع فصائل مسلحة بقيادة “هيئة تحرير الشام”، التي أطاحت بحكم نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر الماضي.
وقال الضباط إن هذه الخطوات تهدف إلى “تحقيق الاستقرار في البلاد ومنع عودة الصراع الأهلي، الذي قد يعقّد الجهود المبذولة لكبح جماح تنظيم داعش، الذي يعمل بشكل كبير في المناطق الصحراوية قليلة السكان في سوريا، كما أنها تهدف إلى منح الولايات المتحدة مقعداً على الطاولة، بينما تُشكل سوريا مستقبلها”.
وأعلنت الرئاسة السورية عبر منصة “إكس”، الاثنين الماضي، توقيع اتفاق يقضي باندماج قوات سوريا الديمقراطية “قسد” ضمن مؤسسات الدولة السورية، والتأكيد على وحدة أراضي البلاد ورفض التقسيم.
وأضافت الرئاسة أن الرئيس أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وقعا على الاتفاق الذي يقضي بوقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية، بدوره، قال عبدي عبر منصة “إكس” إن الاتفاق “يُتيح فرصة لبناء سوريا جديدة”.
دور أميركي وسيط
وأنهى الاتفاق مواجهةً استمرت 3 أشهر بين الجانبين، ومهد الطريق لسيطرة الحكومة على مساحة شاسعة من الأراضي، إذ قال مسؤول عسكري أميركي كبير: “كان هناك الكثير من النقاش، ولعبنا دور الوسيط لمساعدتهم على إجراء هذه المناقشة. لقد تبادلنا الآراء حتى حصلنا أخيراً على شيء يرضيهم جميعاً، وكررنا ذلك مراراً، وأوصلناهم أخيراً إلى هذه النقطة”.
وشكّل الاتفاق انتصاراً مهماً لحكومة الشرع في سعيها لاحتواء الأضرار الناجمة عن جولة من القتال العنيف بين القوات الحكومية والموالين للأسد.
وصرح أحد المسؤولين العسكريين الأميركيين، بأن ضم قوات سوريا الديمقراطية إلى الحكومة “مفيد لضمان قدرة الجيش الأميركي على العمل في سوريا”.
وأضاف المسؤول: “لا يزال لدى روسيا أشخاص يعملون معهم، ولدى تركيا أشخاص يعملون معهم، إذا لم يكن لدى الولايات المتحدة أشخاص نعمل معهم، فلن يكون لدينا مقعد على الطاولة، وفجأة، لن نتمكن من توجيه ضربات”.
ويمكن للاتفاق، حال تنفيذه، أن يساعد في إزالة مصدر توتر بين الولايات المتحدة وحليفتها تركيا، التي تعتبر الميليشيات الكردية في سوريا “إرهابية”، حيث تُصنّف الولايات المتحدة أيضاً “حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية”، لكنها تُفرّق بينه وبين أعضاء فرعه السوري الذين انضموا إلى “قسد”.
وبحسب المسؤول الأميركي، فإن الولايات المتحدة على اتصال بحكومة الشرع، إذ أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة كاد أن يقصف موقعاً مهجوراً لإطلاق الصواريخ تابعاً لجماعة مرتبطة بإيران، لكنه اتصل أولاً بوزارة الدفاع السورية، التي أرسلت فريقاً لتفكيكه، متجنبةً ضربةً كان من الممكن أن تُسبب أضراراً جانبية”.
وقال مسؤولون عسكريون أميركيون، إن احتمال انسحاب القوات الأميركية مستقبلاً ساهم في الضغط على قوات سوريا الديمقراطية للتوصل إلى اتفاق مع دمشق.
ورفضت القيادة المركزية الأميركية الوسطى “سنتكوم”، المسؤولة عن النشاط العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، التعليق على الدور الأميركي في المفاوضات، لكن وسائل الإعلام الرسمية السورية قالت إن الاتفاق مهم لتجنب تقسيم البلاد.
ورحب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الثلاثاء، بالاتفاق، قائلاً إن الولايات المتحدة “تؤكد دعمها للانتقال السياسي الذي يُظهر حوكمة موثوقة وغير طائفية كأفضل سبيل لتجنب المزيد من الصراع”.
كما أبدت إدارة الرئيس دونالد ترمب فتوراً تجاه قادة سوريا الجدد، وحثتهم على تشكيل حكومة أكثر شمولاً، وقد انتقدهم بعض كبار المسؤولين وأعربوا عن شكوكهم في نواياهم.
وأوقف مسؤولو ترمب جهوداً مبدئية في عهد إدارة الرئيس السابق جو بايدن للتواصل مع الحكومة الجديدة في دمشق، إذ يوجد نحو ألفي جندي أميركي متمركزين في 8 قواعد في سوريا، وهو أكثر من ضعف العدد المعترف به في البلاد قبل أن ترسل وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) تعزيزات مع بدء انهيار النظام.
وأدت الإطاحة بالأسد إلى نزوح القوات العسكرية الموالية لإيران، ودفعت روسيا، الحليف القوي الذي دعم النظام وكان له قوات عسكرية في البلاد، إلى التراجع، فيما استغلت الولايات المتحدة تلك الفرصة لتكثيف هجماتها على الميليشيات المتطرفة، من خلال سلسلة من الضربات ضد تنظيمات مثل “داعش” و”القاعدة” و”حراس الدين” (التابع لتنظيم القاعدة).