من المتوقع أن يُعطي قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بتزويد أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي باتريوت وأسلحة أخرى، دفعةً قويةً تشتد حاجة كييف إليها في الحرب مع روسيا، ها مع روسيا، فيما أشارت تقارير إلى أن واشنطن ترغب في أن تصعد أوكرانيا ضرباتها، وتستهدف العمق الروسي، ما قد يشكل نقطة تحول في الصراع الدائر منذ 2022.

ونقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” عن مصدرين مطلعين، أن ترمب “شجع أوكرانيا سراً” على تكثيف الضربات على الأراضي الروسية، وسأل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال اتصال هاتفي في 4 يوليو الجاري، عما إذا كان بإمكانه ضرب موسكو إذا زودته الولايات المتحدة بأسلحة بعيدة المدى.

ويشكل هذا الموقف الجديد، انحرافاً حاداً عن موقف ترمب السابق من الحرب، ووعده الانتخابي بإنهاء التدخل الأميركي في النزاعات الخارجية.

في حين أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت واشنطن ستُسلّم مثل هذه الأسلحة، فإنّ هذه المحادثة تُؤكّد إحباط ترمب المتزايد من رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المشاركة في محادثات وقف إطلاق النار التي اقترحها الرئيس الأميركي، الذي تعهّد سابقاً إنهاء الحرب في يوم واحد.

وجاءت المكالمة مع زيلينسكي عقب مكالمة ترمب مع بوتين في اليوم السابق، والتي وصفها الرئيس الأميركي بأنها “سيئة”.

ووفق مصدرين للصحيفة، فإن ترمب قال خلال المكالمة: “فولوديمير، هل يمكنك ضرب موسكو؟ هل يمكنك ضرب سانت بطرسبرج أيضاً؟”. وقالا إن زيلينسكي رد: “بالتأكيد. يمكننا ذلك إذا زودتنا بالأسلحة”.

وتقول “فاينانشيال تايمز”، إنه خلال اجتماع مع مسؤولين دفاعيين أميركيين ووسطاء من حكومات حلف الناتو، تلقى زيلينسكي قائمة بأنظمة هجومية بعيدة المدى يُمكن توفيرها لأوكرانيا عبر عمليات نقل من جهات خارجية.

وسيسمح هذا لترمب بالالتفاف على تجميد الكونجرس الحالي للمساعدات العسكرية الأميركية المباشرة من خلال السماح ببيع الأسلحة إلى الحلفاء الأوروبيين، الذين سيمررون أنظمة التسليح بعد ذلك إلى كييف.

وكانت أوكرانيا قد طلبت صواريخ “توماهوك”، وهي صواريخ “كروز” دقيقة التوجيه يبلغ مداها حوالي 1600 كيلومتر. لكن إدارة ترمب، على غرار إدارة الرئيس السابق جو بايدن، كانت لديها مخاوف بشأن عدم ضبط النفس من جانب أوكرانيا، وفقاً لما ذكره شخص مطلع على القائمة.

خطة ترمب

وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” التي تحدثت إلى محللين، فإن التعزيزات المرتقبة للدفاعات الأوكرانية، التي كشف عنها ترمب والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الاثنين، تعتمد على إدخال كميات كافية من صواريخ “باتريوت” إلى البلاد بسرعة، وعلى المدى البعيد، زيادة إنتاج الغرب للصواريخ الاعتراضية لإسقاط الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية الروسية.

ونقلت الصحيفة عن سيليست والاندر، المسؤولة الكبيرة في البنتاجون في إدارة الرئيس السابق جو بايدن: “يتمثل التكتيك الروسي في دفع الأوكرانيين إلى إهدار جميع مخزونات دفاعهم الجوي الحالية وتركهم عرضة لهجوم في أواخر الصيف أو الخريف”. وأضافت: “إذا كان هذا سيغير حسابات بوتين بشأن فوزه، فسيتعين تسليم شحنات كبيرة خلال الصيف”.

ويمثل قرار ترمب نقطة فارقة. فموافقته على بيع أسلحة متطورة لحلفائه الأوروبيين حتى يتمكنوا من تسليمها إلى كييف تمثل المرة الأولى التي يوافق فيها البيت الأبيض على تزويد أوكرانيا بأسلحة تتجاوز الشحنات التي بدأها الرئيس السابق جو بايدن قبل مغادرته منصبه.

ويرى ترمب أن استعداد الحكومات الأوروبية لدفع ثمن الأسلحة للولايات المتحدة وتمريرها عبر حلف شمال الأطلسي، يمثل جانباً رئيسياً من الترتيب الجديد، مما يُمكّنه من الادعاء بأنه حقق هدفه المتمثل في تحميل حلفائه مسؤولية أكبر عن مساعدة كييف.

وإلى جانب تهديد ترمب بفرض عقوبات ثانوية إذا واصل بوتين هجماته، يُشكل هذا القرار اختباراً مهماً للإرادة بين الزعيمين. إذ يُمثل هذا تحوّلاً كبيراً لترمب، حسب “وول ستريت جورنال” الذي وصف الزعيم الروسي سابقاً بأنه “رجل نبيل” يأمل في التشاور معه بشأن أوكرانيا وقضايا السياسة الخارجية الأخرى.

وصرح أمين عام الناتو، مارك روته، بأن الأسلحة الجديدة لكييف لن تقتصر على أنظمة دفاعية، مثل صواريخ باتريوت، بل ستشمل أيضاً صواريخ وذخيرة لقواتها لاستخدامها في هجمات ضد القوات الروسية. وقد تبلغ قيمة حزمة الأسلحة لأوكرانيا حوالي 10 مليارات دولار، وفق شخصين مطلعين على عمليات النقل تحدثا لـ”وول ستريت جورنال”.

وأضاف ترمب أن أمام بوتين، 50 يوماً للتوصل إلى اتفاق بشأن أوكرانيا، وإلا سيفرض البيت الأبيض رسوماً جمركية تصل إلى 100% على الواردات الروسية. ورغم أن حجم التجارة الروسية مع الولايات المتحدة متواضع، إلا أن البيت الأبيض قد يختار فرض رسوم جمركية أو عقوبات على دول أخرى تستورد النفط الروسي، وهو ما قد يُشكّل تهديداً أشد ضرراً على اقتصادها المتعثر أصلاً.

واستخدمت أوكرانيا صواريخ Atacms الأميركية الصنع، بمدى يصل إلى 300 كيلومتر، لضرب أهداف في الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا، وفي بعض الحالات، في عمق روسيا. ويمكن إطلاق صواريخ Atacms من أنظمة صواريخ HIMARS التي سلمتها إدارة بايدن لأوكرانيا. لكنها لا تحلق لمسافات كافية للوصول إلى موسكو أو سانت بطرسبرج.

رد محدود

وهددت روسيا مراراً وتكراراً بمهاجمة أهداف غربية رداً على إمدادات غربية من الأسلحة المتطورة لأوكرانيا، لكنها لم تفعل ذلك بعد.

فبعدما استخدمت أوكرانيا نظام Atacms لأول مرة لضرب أهداف عسكرية داخل الأراضي الروسية في نوفمبر الماضي، قال بوتين إن الحرب “اتخذت طابعاً عالمياً”، وردّ بتجربة إطلاق صاروخ Oreshnik التجريبي متوسط المدى على مدينة دنيبرو.

وقال الرئيس الروسي حينها، إن لموسكو الحق في “استخدام أسلحتنا ضد المنشآت العسكرية للدول التي تسمح باستخدام أسلحتها ضد منشآتنا، وفي حال تصاعد هذا العمل العدواني، فسنرد بنفس الحزم والتوازن”.

وعقب ضربات Atacms، نشرت روسياً أيضاً نسخة مُحدثة من عقيدتها النووية، خفّضت فيها سقف الاستخدام المحتمل. وقد تتضمن هذه التغييرات توجيه ضربة نووية روسية أولى ضد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا – القوى النووية الثلاث في حلف الناتو – رداً على ضربات أوكرانيا على روسيا بأسلحة مثل Atacms وصواريخ “ستورم شادو”.

وحذرت واشنطن أوكرانيا أحياناً من استخدامها لضرب العمق الروسي، لكن يبدو أن هذه القيود بدأت تخف الآن. واستخدمت أوكرانيا في الغالب طائراتها المُسيّرة بعيدة المدى، المُصنّعة محلياً، لضرب أهداف عسكرية في العمق الروسي تُغذي آلتها الحربية.

شاركها.