بعد عقود من الاستقرار داخل أبل، يبدو أن ثمة تغيير يحدث داخل أروقة الشركة الأميركية العملاقة، مع رحيل قيادات بارزة وتزايد الحديث عن خليفة الرئيس التنفيذي تيم كوك، الذي يقترب من عامه الخامس والستين.

وأفادت بلومبرغ، بأن جون تيرنوس، نائب الرئيس الأول لهندسة الأجهزة في الشركة، هو المرشح الأوفر حظاً لتولي منصب الرئيس التنفيذي خلفاً لكوك، في ظل موجة متسارعة من التغييرات داخل الإدارة العليا.

وعلى مدار عقد كامل، حافظت أبل على استقرار نادر في صفوفها القيادية، رغم مغادرة بعض المسؤولين البارزين مثل رئيس التصميم السابق جوني إيف، ورئيسة قطاع التجزئة أنجيلا أريندتس عام 2019.

لكن الوضع بدأ يتغير مع إعلان جيف ويليامز، مدير التشغيل الذي كان يُنظر إليه كخليفة محتمل لكوك، عن مغادرته الشركة بنهاية العام الجاري، بعدما تنازل عن مسؤولياته التشغيلية في يوليو الماضي.

ويشكل خروج ويليامز بداية لمرحلة جديدة من إعادة الهيكلة داخل الشركة، إذ من المتوقع أن يلحق به آخرون، أبرزهم رئيس قطاع الذكاء الاصطناعي جون جياناندريا، الذي يواجه ضغوطاً متزايدة بعد تعثر إطلاق منصة Apple Intelligence، وفشل مشروع إعادة تطوير المساعد الصوتي Siri.

ونقلت “بلومبرغ” عن مصادر لم تسمها قولها إن الشركة بدأت بالفعل البحث عن قيادة جديدة لقسم الذكاء الاصطناعي، وربما من خارجها.

وذكرت بلومبرغ أن أبل تدرس إمكانية استقطاب مسؤول كبير في الذكاء الاصطناعي من شركة ميتا، خاصة بعد إعادة هيكلة الأخيرة قسم الذكاء الاصطناعي لديها وتأسيس وحدة جديدة باسم Superintelligence Labs.

هذا التوجه ربما يفتح الباب أمام حركة انتقالات متبادلة بين عمالقة التكنولوجيا في وادي السيليكون.

ويواجه جوني سروجي، نائب الرئيس الأول لتقنيات العتاد في أبل، مرحلة مراجعة لمستقبله المهني داخل الشركة؛ ويُعرف سروجي بأنه مهندس تطوير شرائح A-series وM-series الشهيرة، إضافة إلى أول مودم خلوي تصنعه الشركة داخلياً، مع شريحة جديدة للاتصال اللاسلكي والبلوتوث.

وبحسب التقرير، فإن خروجه المحتمل سيضع زونججيان تشين، المسؤول عن مجموعة المودم، وسري سانثانام، قائد فرق تطوير المعالجات، كأبرز المرشحين لخلافته.

من جانب آخر، تبحث نائبة الرئيس للبيئة والسياسات الحكومية ليزا جاكسون، التي انضمت إلى الشركة عام 2013 بعد مسيرة حكومية بارزة كمديرة لوكالة حماية البيئة الأميركية، إمكانية التقاعد بعد أكثر من عقد في قيادة المبادرات البيئية والاجتماعية للشركة.

بحسب “بلومبرغ”، فإن تيم كوك الذي قاد الشركة منذ عام 2011، لا يزال يتمتع بحيوية كبيرة ويواصل جولاته الدولية وارتباطه الوثيق بالفرق التنفيذية، إلا أن بلوغه سن الخامسة والستين، وغياب نائب واضح له، يثيران تساؤلات جدية بشأن مستقبل القيادة في أبل.

وتوقعت مصادر مطلعة أن ينتقل كوك بعد خروجه المحتمل إلى موقع رئيس مجلس الإدارة، على غرار ما فعله جيف بيزوس في “أمازون”، وبيل جيتس في “مايكروسوفت”، وهو ما قد يضمن استمرار تأثيره الاستراتيجي على مسار الشركة.

لماذا تيرنوس؟

يرى التقرير أن جون تيرنوس، البالغ من العمر 50 عاماً، هو الأقرب لتولي المنصب، نظراً لخبرته التقنية الواسعة، وحضوره المتنامي داخل الشركة. فإلى جانب دوره في قيادة هندسة الأجهزة، أصبح تيرنوس وجهاً مألوفاً في فعاليات إطلاق المنتجات، وآخرها تقديمه هواتف iPhone 17 في لندن، بدلاً من كوك الذي اكتفى بحضور الحدث الرئيسي في نيويورك.

وأفادت “بلومبرغ” بأن تيرنوس يتمتع بعلاقة ثقة متينة مع كوك، الذي منحه خلال السنوات الماضية، سلطات موسعة في مجالات تتجاوز اختصاصه التقليدي، ليصبح من أبرز صناع القرار في تطوير المنتجات واستراتيجياتها.

يرى محللون أن أبل في مرحلتها القادمة تحتاج إلى قائد يتمتع بخلفية تقنية متقدمة أكثر من كونه مدير عمليات أو مبيعات، خاصة مع التحديات التي تواجهها في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والواقع المختلط والسيارات ذاتية القيادة.

ورغم النجاحات المالية الضخمة التي حققتها الشركة تحت قيادة كوك، والتي جعلت قيمتها السوقية تقترب من 4 تريليونات دولار، فإن التحدي الأكبر أمامها يتمثل في قدرتها على دخول مجالات تقنية جديدة بعد سنوات من الاعتماد على منتجات مثل آيفون وماك.

شاركها.