أظهر “مؤشر كامبريدج للثقة والسلامة على الإنترنت” (Cotsi)، أن روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا، من بين الدول الأقل تكلفة في العالم لإنشاء حسابات وهمية على الإنترنت، ما يغذي حملات التأثير والتلاعب العالمية، 

ومؤشر كامبريدج هو أول أداة يجري تطويرها لتتبع أحد العناصر الأساسية في ما يُعرف بـ”اقتصاد التلاعب الرقمي”،

وأوضحت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن المحتالين والقراصنة، والراغبين في إطلاق حملات تأثير، يستخدمون مزودي خدمات التحقق عبر البريد الإلكتروني لإنشاء عدة حسابات شخصية على منصات شهيرة مثل “فيسبوك” و”تليجرام”، إذ تُستخدم هذه الحسابات الوهمية، أو ما يُعرف بـ”البوتات”، لنشر الرسائل وزيادة الحضور على الإنترنت. 

وأضافت أن مؤشر Cotsi يعرض الأسعار الفورية التي تتقاضاها شركات التحقق لإعداد حساب وهمي، والذي يتطلب بدوره إرسال رمز لمرة واحدة عبر رسالة نصية قصيرة إلى رقم هاتف نشط.

وأظهر تحليل البيانات الذي أُجري على مدى 12 شهراً، ونُشر في مجلة Science، أن تكلفة كل عملية تحقق عبر الرسائل النصية بلغت 0.08 دولار في روسيا، و0.10 دولار في بريطانيا، و0.25 دولار في الولايات المتحدة. 

وأشار التحليل إلى أن هذه التكلفة ترتفع بشكل ملحوظ لتصل إلى 4.93 دولار في اليابان و3.24 دولار في أستراليا، حيث تُعد إجراءات الحصول على بطاقات SIM اللازمة لإتمام عملية التحقق أكثر صرامة. 

وحدد الباحثون 17 شركة تقدّم خدمات التحقق عبر الرسائل النصية، لدى العديد منها عملاء في روسيا والصين، واختاروا 4 شركات توفر واجهات برمجة التطبيقات (APIs)، وهي طريقة تقنية تتيح الوصول إلى البيانات العامة المتاحة، والتي تعتمد عليها أداة Cotsi لدراسة الأسعار وعدد الحسابات الوهمية ونشاط السوق. 

وأوضحت الصحيفة أن المؤشر لا يراقب الأسعار فحسب، بل أيضاً عدد الحسابات الوهمية المتاحة التي تعرضها هذه الشركات في دول مختلفة، على نحو 500 منصة تشمل وسائل التواصل الاجتماعي والأسواق الإلكترونية والعلامات التجارية الكبرى والقطاع المالي والسفر والألعاب والمراهنات. 

“تليجرام”.. الأعلى تكلفة 

ونقلت الصحيفة عن جون روزنبك، قائد الدراسة من جامعة كامبريدج، قوله إن فريقه وجد “سوقاً مزدهرة تحت الأرض يُباع فيه المحتوى غير الحقيقي، والشعبية المصطنعة، وحملات التأثير السياسي بشكل مفتوح وسهل”. 

وأضاف: “يمكن استخدام البوتات لتوليد اهتمام عبر الإنترنت بهدف بيع منتج، أو دعم شخصية مشهورة، أو الترويج لمرشح سياسي، أو تسويق فكرة معينة”. 

وتابع: “كل هذه الأنشطة تتطلب حسابات وهمية، ويبدأ كل حساب برقم هاتف وبطاقة SIM تدعمه؛ هذا الاعتماد يخلق نقطة ضعف يمكن استهدافها لكشف الاقتصاد الخفي للتلاعب على الإنترنت”. 

وقال روزنبك: “يمكن لحساب وهمي على فيسبوك مسجّل في روسيا نشر محتوى عن الانتخابات الأميركية دون أن يلاحظ معظم المستخدمين ذلك، لكن هذا لا ينطبق على تطبيقات مثل تليجرام وواتساب”. 

ووجد الباحثون أن تكلفة إنشاء حساب وهمي ارتفعت بنسبة 15% على تطبيق “واتساب” و12% على “تليجرام” في الشهر الذي سبق الانتخابات الوطنية في 61 دولة حول العالم خلال العام المنتهي في يونيو 2025. 

ونقل التقرير عن الباحثين قولهم إن الطلب على التحقق عبر الرسائل النصية في هذه التطبيقات، التي تُظهر أرقام هواتف المستخدمين، ارتفع قبل الانتخابات، إذ أراد المشغلون تسجيل حسابات وهمية محلياً. 

لكن الدراسة لم تجد أي صلة بين الأسعار والانتخابات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تظل أرقام الهواتف غير مرئية للمستخدمين الآخرين. 

وبالتالي، يكون التحقق عبر أرقام وهمية أكثر تكلفة على “تليجرام” بمتوسط 0.89 دولار و”واتساب” 1.02 دولار، مقارنة بـ “فيسبوك” 0.14 دولار و”إنستجرام” 0.10 دولار. 

وبحسب الدراسة، يُقدَّر حجم سوق التحقق الوهمي عبر الرسائل النصية بنحو مليار دولار سنوياً أو أكثر، استناداً إلى افتراضات منطقية مستمدة من الأدلة المتاحة المحدودة.

ويرى الباحثون أن صانعي السياسات يجب أن يتصدوا لانتشار الحسابات الوهمية من خلال تشديد شروط شراء بطاقات SIM، مستشهدين بمتطلبات اليابان لإثبات الإقامة وأستراليا للتحقق من الهوية عبر مستند رسمي مزوّد بصورة. 

وأشار الباحثون إلى أن نشر الدراسة ربما “ينبّه مزوّدي خدمة التحقق عبر الرسائل النصية الذين قد يجعلون الوصول إلى بياناتهم أكثر صعوبة”، ما قد يعقّد الدراسات المستقبلية.

شاركها.