اخر الاخبار

توصيات للمصابين بأمراض مزمنة قبل رمضان

د. أكرم خولاني

في كل عام، ومع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، تكثر تساؤلات المرضى وذويهم عن إمكانية صومهم من عدمه، ورغم أن القاعدة الأساسية تقول “إن القول الفصل في صيام المريض أو عدمه يكون لدى الطبيب المسلم المعالج”، فلكل مريض خصوصيته حسب نوع مرضه والأدوية التي يستخدمها والأمراض الأخرى المرافقة، فإن هناك بعض التوصيات العامة لأصحاب الأمراض المزمنة لا بد أن يعرفوها في حال تقرر صيامهم.

مرضى الداء السكري

يختلف قرار إمكانية الصيام من مريض لآخر وفقًا لنمط مرضه والعلاج الذي يستخدمه إن كان حبوبًا فموية أو حقنًا تحت الجلد أو حقن إنسولين، وكذلك عدد الجرعات اليومية التي يأخذها.

  • فالمرضى المعالجون بخافضات السكر الفموية (حبوب) الذين يتناولون جرعة واحدة يوميًا يمكنهم الصيام على أن يؤخذ الدواء قبل وجبة الإفطار مباشرة، والمرضى الذين يتناولون جرعتين يوميًا فهؤلاء يمكنهم الصيام أيضًا بحيث تؤخذ جرعة قبل وجبة الإفطار وجرعة قبل وجبة السحور على أن تخفض جرعة السحور إلى النصف.
  • والمرضى المعالجون بالحقن اليومية أو الأسبوعية، مثل ساكسندا أو أوزمبيك أو مونجارو، يمكنهم الصيام دون تعديل بالجرعات.
  • والمرضى المعالجون بحقن الإنسولين ويأخذون جرعة واحدة يوميًا أو جرعتين فإنه يمكنهم الصيام على أن يراجعوا أطباءهم قبيل بدء رمضان لتعديل كميات الجرعات ومواعيدها.
  • والمرضى الذين يأخذون عدة حقن من الإنسولين يوميًا فهؤلاء لا يمكنهم الصيام لأنه يسبب خطرًا مؤكدًا على صحتهم.

وفي حال تقرر صيام مريض السكري فإنه ينصح بالالتزام ببعض القواعد، وأهمها:

  • تغيير مواعيد جرعات الأدوية، فجرعة الدواء الصباحية قبل رمضان تصبح قبل وجبة الإفطار وجرعة المساء تصبح قبل السحور.
  • على المريض أن يتناول ثلاث وجبات يوميًا، وجبتين رئيستين هما الفطور والسحور ووجبة ثالثة خفيفة بين الوجبتين، مع تأخير وجبة السحور إلى ما قبل أذان الفجر مباشرة، والإكثار من تناول الماء والسوائل غير المحلاة في أثناء فترة الإفطار لتعويض فترة الصيام وتجنب التجفاف.
  • تجنب الإجهاد خلال الساعتين الأخيرتين قبل الإفطار لتجنب انخفاض سكر الدم بشكل زائد، وفي حال ظهور أعراض هبوط السكر (إحساس بالجوع مع دوخة وصداع وتعرق وشعور بالعصبية واضطراب رؤية ورعشة بالأطراف وتسرع بضربات القلب ونعاس) يجب كسر الصيام فورًا وتناول مادة سكرية وعدم الانتظار حتى لو كان ذلك قبل أذان المغرب بفترة وجيزة.

مرضى الكلى والحصيات البولية

إذا كانت الكليتان سليمتين فإن الصيام راحة لهما وعافية، ولكن عندما تكون مريضة فإنه يصبح عبئًا عليهما خصوصًا في المناطق الحارة.

فبالنسبة للمصابين بالفشل الكلوي المزمن ينصح بعدم الصيام، إلا إذا كان المريض يتلقى الغسل الكلوي فربما يستطيع الصوم في اليوم الذي لا يجري فيه غسل الكلى، ويفطر في يوم الغسل الكلوي.

وبالنسبة لمرضى الحصيات البولية فإن حالتهم قد تزداد سوءًا بسبب الجفاف لعدم شرب السوائل بكميات كافية، ولذلك يستحسن عدم الصيام في الأيام شديدة الحرارة، وعند الصيام ينصح هؤلاء المرضى بتناول كميات وافرة من السوائل في المساء وعند السحور، مع تجنب التعرض للحر والمجهود المضني في أثناء النهار.

مرضى القرحة الهضمية

يشكو المريض المصاب بالقرحة الهضمية المعدية أو العفجية من الألم عند الجوع، فإذا ما عولجت القرحة وشفيت يمكن للمريض الصيام، ويجب عليه عدم الصيام في الحالات التالية:

  • إذا كانت القرحة حادة (آلام عند الجوع، ألم يوقظ المريض من نومه).
  • إذا حدثت انتكاسة حادة في قرحة مزمنة.
  • عند حدوث مضاعفات القرحة كالنزيف الهضمي.
  • عند استمرار الأعراض رغم العلاج الدوائي.

أصحاب الأمراض القلبية وارتفاع ضغط الدم

معظم المصابين بالأمراض القلبية يستطيعون الصيام دون مشكلات، بل على العكس، يؤدي الصيام في أثناء النهار إلى توقف عملية الهضم وبالتالي لا توجد حاجة لكميات كبيرة من الدم في الجهاز الهضمي مما يخفف الجهد عن القلب ويحقق راحة أكبر. وكذلك يستطيع مرضى ارتفاع التوتر الشرياني الصيام بشرط تناول أدويتهم بانتظام والابتعاد عن الموالح والمخللات وتخفيف ملح الطعام.

ولكن هناك بعض الحالات التي لا يسمح فيها بالصيام:

  • احتشاء العضلة القلبية (الجلطة) الحديث خاصة خلال أول 6 أسابيع من الإصابة.
  • الخناق الصدري (الذبحة) غير المستقر.
  • قصور عضلة القلب الحاد غير المستقر.
  • التضيق الشديد أو القصور الشديد في صمامات القلب.
  • الاضطرابات الخطيرة في نظم القلب.

مرضى الكبد

بالنسبة للكبد السليمة، فإن الصيام عمومًا له دور إيجابي عليه، فعند الصوم تقل معالجة الكبد لكثير من المواد الغذائية الموجودة في الطعام، مما يتيح إمكانية تعافي الكبد، وخاصة الكبد الدهنية.

في حين أن مرضى الكبد ليسوا جميعًا قادرين على الصيام، إذ يقسم مرضى الكبد بشكل عام إلى 3 مجموعات:

  • المجموعة الأولى: المرضى الذين يعانون من التهاب فيروسي مزمن في الكبد  (B)أو  (C) أو أمراض الكبد المزمنة الأخرى، وعادة ما يكون هؤلاء المرضى قادرين على الصيام، خاصة في الحالات التي تكون فيها أنزيمات الكبد سوية.
  • المجموعة الثانية: مرضى تليف الكبد البسيط مع وظائف الكبد الطبيعية، وعادة ما يكون هؤلاء المرضى قادرين على الصيام بشرط ألا يواجهوا أي مضاعفات.
  • المجموعة الثالثة: مرضى تليف الكبد المتقدم، وهؤلاء بشكل عام غير قادرين على الصيام بسبب العلاجات المطلوبة.

مرضى القولون العصبي

قد تتفاوت أعراض القولون العصبي في رمضان من شخص لآخر، إذ يمكن أن تتحسن حالة مريض القولون العصبي في رمضان في حال كان تناول الطعام يسبب تفاقم الأعراض، ففي هذه الحالة قد يستفيد المريض من الصيام في تخفيف هذه الأعراض والتحكم بها. ولكن في بعض الحالات قد يزداد ألم القولون في رمضان، بسبب ميل الصائم لتناول كميات كبيرة من الطعام بعد الصيام الطويل، مما يؤدي إلى تفاقم الأعراض.

ولذلك ينصح مرضى القولون العصبي في رمضان بالتالي:

  • تناول الأطعمة المحتوية على الشوفان لعلاج الانتفاخ والغازات.
  • تناول الطعام ببطء.
  • تجنب المشروبات الغازية.
  • عدم شرب أكثر من ثلاثة أكواب من القهوة يوميًا.
  • تجنب بعض الخضراوات والفواكه التي قد تسبب انتفاخ البطن والغازات.
  • شرب كميات كافية من السوائل.
  • عدم تناول كميات كبيرة من الطعام على الإفطار.
  • التخفيف من مستويات التوتر والقلق.

مرضى الصداع النصفي (الشقيقة)

ليس للصيام تأثير سلبي على تكرار صداع الشقيقة أو ما يعرف بالصداع النصفي إذا تجنب المريض اضطرابات النوم واتبع نظامًا غذائيًا متزنًا، ولكن يمكن أن تزداد هجمات الصداع النصفي خلال شهر رمضان خاصة في الأسبوع الأول من الصيام نتيجة للعديد من الأسباب مثل:

  • نقص الماء من الجسم، حيث يؤدي ذلك إلى إفراز مادة الهيستامين التي بدورها توسع الأوعية الدموية في الرأس مما يزيد من خطر الإصابة بهجمات الصداع.
  • نقص السكر في الدم.
  • ارتفاع مستوى الكاتيكولامين في الجسم، والذي يحدث في الصيام.
  • الإجهاد وتغير نظام الحياة اليومي.
  • سوء جودة النوم، والنوم بشكل متقطع ولعدد ساعات غير كافٍ.
  • توقف المريض عن التدخين بشكل مفاجئ.
  • انقطاع الكافيين عن الجسم بشكل مفاجئ، مما يسبب أعراض سحب الكافيين.
  • تناول الكربوهيدرات بشكل مفرط خلال وجبة الإفطار أو السحور، حيث يؤدي ذلك إلى الارتفاع السريع للإنسولين في الدم، وهذا قد يؤدي إلى نقص مفاجئ للسكر في الدم.

ولكن يمكن لبعض النصائح الغذائية أن تساعد على التخفيف من أثر الصيام على تكرار هجمات الصداع النصفي، مثل:

  • شرب كميات كافية من الماء في المساء.
  • تجنب الإكثار من شرب الكافيين لأنه يعمل كمدر للسوائل.
  • التخفيف من تناول الكافيين الموجود في الشاي والقهوة بشكل تدريجي في الأسابيع السابقة لشهر رمضان.
  • تناول وجبة منخفضة الكربوهيدرات على السحور لتجنب ارتفاع الإنسولين الذي ينقص مستوى السكر خلال الصيام.
  • إضافة نسبة من الألياف إلى وجبة السحور لإطالة تأثير وجود السكر في الدم، إذ إن الألياف يتم امتصاصها بشكل بطيء في الجسم، وتشمل الأطعمة ذات الامتصاص البطيء والمحتوى القليل من السكر الفاصولياء والعدس وجميع الخضراوات غير النشوية والبطاطا والحبوب الكاملة (مثل خبز القمح الكامل، والخبز المحتوي على نسبة عالية من الألياف، وحبوب الإفطار) ومعظم الفواكه.

عادة ما يتحسن الربو على الصيام إذ إنه يحسن كفاءة الرئتين ويساعد على راحة المريض، ففي أثناء الصيام يقل إنتاج البدن من الفضلات الغازية التي تطرح عن طريق الرئتين، مما يخفف عنهما العبء، ويؤدي إلى تخلصهما من عوامل الإثارة والتهيج، ولكن رغم ذلك قد يصاب المريض بأزمة ربو، وتختلف الحالة حسب شدة الأزمة:

  • إذا كانت خفيفة يمكنه استخدام بخاخ موسع القصبات، وقد أفتى الكثير من العلماء بأن هذه البخاخات لا تعتبر من المفطرات.
  • وإذا اشتدت الحالة فترافقت بضيق نفس مع حكة في البلعوم أو ضيق بالحنجرة وقشع لزج يصعب إخراجه عندها يجب على المريض أن يفطر ويتناول كميات كبيرة من السوائل الدافئة ويستنشق بخار الماء الحار.
  • وأما أزمات الربو الحادة الشديدة (نوبة ربوية) فهي تعتبر حالات طوارئ تستدعي الإفطار وإعطاء السوائل الوريدية وحقن الكورتيزون وغيرها.

وينصح مريض الربو الصائم بما يلي:

  • أن يستعمل الأدوية بشكل دقيق ما بين الفطور والسحور حسب تعليمات الطبيب.
  • أن يتناول السوائل الحارة عند الإفطار.
  • أن يشرب كميات كافية من الماء ما بين الفطور والسحور.
  • أن يتجنب كل ما يثير الحساسية كالفلفل والبهارات أو الرائح المخرشة والدخان والغبار.
  • أن يبتعد عن بذل أي مجهود جسمي شديد وكذلك عن الانفعالات النفسية قدر الإمكان.

مرضى الصرع والأمراض النفسية

يستطيع المرضى المصابون بالصرع أو الاختلاجات الصيام ما داموا يتناولون الأدوية بشكل منتظم.

وقد تبين أن الصيام يحدُّ من بعض الأمراض النفسية، كالاكتئاب والقلق والخوف والهلع، ويمكن أن تتحسن الأعراض عند هؤلاء المرضى على الصيام، وعادة ما يبدأ التحسن المزاجي في الظهور بعد حوالي 8 أيام من بدء الصيام، ويحدث هذا التأثير من الناحية العضوية نتيجة انتظام عمل الجهاز العصبي اللاإرادي، وكذلك منظومة الغدد في الجسم المفرزة للهرمونات، فقد تبين أن الصيام يؤدي إلى:

  • زيادة الوسائط العصبية والهرمونات التي يفرزها الجسم، مثل: الأدرينالين، والكورتيزون، والدوبامين.
  • انخفاض في إفراز هرمون الغدة الدرقية.
  • زيادة إفراز الأندورفين، الذي يعد بمثابة مورفين طبيعي يفرزه الجسم.

وبهذا يتبين أنه ليس هنالك مانع طبي من صيام المريض النفسي، شرط استمراره بتناول أدويته بشكل منتظم وفق مشورة الطبيب المعالج، ويمكن تغيير موعد أخذ الدواء بما يتناسب مع فترة الصيام، وقد يلجأ الأطباء النفسيون إلى استخدام العلاجات ذات المفعول الطويل التي تعطى مرة واحدة في اليوم، ولكن لا يستحسن الصيام لمرضى الفصام خشية أن يؤدي التوقف عن استعمال الأدوية إلى نوبات من العنف والاعتداء على الآخرين.

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *