تونس وإسرائيل: كواليس صفقة تطبيع سرية توقفت بانتفاضة الأقصى
وطن رغم أن تونس تُعرف بمواقفها المساندة للقضية الفلسطينية، تكشف شهادات وتقارير جديدة عن مرحلة سرية تقارب فيها النظام التونسي مع الكيان الإسرائيلي في تسعينيات القرن الماضي.
وفقاً لتصريحات يوسي بيلين، وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، كانت تونس قريبة من التطبيع مع إسرائيل، حيث شهدت تلك الفترة زيارات ولقاءات غير معلنة بين وفود صهيونية ومسؤولين تونسيين.
بدأت فصول هذا التقارب عقب مؤتمر مدريد عام 1991، حيث فتحت تونس أبوابها لاستقبال وفود إسرائيلية بجوازات سفر غير صهيونية. وأشارت تقارير إلى أن السفارة البلجيكية في تونس كانت غطاءً لوجود مكتب رسمي إسرائيلي، في وقت أُقيم فيه مكتب اتصال تونسي في تل أبيب تحت مظلة السفارة البلجيكية هناك.
تونس، التي احتضنت منظمة التحرير الفلسطينية وقيادات المقاومة، بدت منبهرة بالنموذج الإسرائيلي وفقاً لتصريحات بيلين. وبرزت محاولات للتطبيع الرسمي خلال عهد الرئيس زين العابدين بن علي، في سياق اتفاقيات أوسلو وتطبيع بعض الدول العربية مثل مصر والأردن.
ورغم أن هذا التقارب بدا وكأنه يمضي قدماً، إلا أن انتفاضة الأقصى عام 2000 شكلت نقطة تحول. تحت ضغط الشارع العربي والغضب الفلسطيني، أوقف بن علي هذه المساعي، وأغلق المكتب الإسرائيلي في تونس. وكأن التاريخ يعيد نفسه، إذ أن انتفاضة طوفان الأقصى الأخيرة قطعت الطريق أمام تطبيع كان وشيكاً بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، بما في ذلك السعودية.
بيلين أضاف طابعاً شخصياً على هذه القصة، مشيراً إلى طرفة حصلت خلال إحدى الزيارات إلى تونس، حيث أراد أحد أعضاء الوفد الإسرائيلي الاحتفاظ بصور جمعته بمسؤول تونسي. لكن الأمن التونسي استرجع الكاميرا وسحب فيلمها، مؤكداً أن لا أثر يمكن أن يبقى.
تونس، ورغم تقاربها السري مع الكيان المحتل في فترة معينة، ظلت حريصة على أن لا يترك هذا التقارب أثراً على أرضها. اليوم، يعيد هذا التاريخ المنسي تسليط الضوء على طبيعة العلاقات العربية مع إسرائيل، خاصة في ظل التحولات الجارية في المنطقة.