دفع ازدياد أعداد المتسولين في شوارع مدينة حلب خلال الأشهر الماضية إلى إعلان المحافظة عن إطلاق حملة شاملة لمكافحة الظاهرة، عبر تشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين عن جهات حكومية.
وتركز الحملة، التي أطلقتها محافظة حلب، الاثنين 18 من آب، على جمع بيانات دقيقة عن أعداد المتسولين وتوزعهم.
كما تعنى بوضع خطط لإعادة دمجهم في المجتمع من خلال برامج تأهيلية وتعليمية تستهدف الأطفال والبالغين على حد سواء.
لجنة مشتركة
رئيس لجنة مكافحة التسول في حلب، عبد الرحمن ددم، أوضح ل آليات التعامل مع المتسولين ذوي الظروف الصعبة، خصوصًا الأطفال والأسر الفقيرة.
وقال ددم، إن الحملة تقوم على التمييز بين المتسول والمتشرد، وبين من يتسول لحاجة حقيقية ومن يستغل ذلك بغرض الإثراء غير المشروع.
وأضاف أن التسول يعتبر في القانون السوري جريمة، كما أنه “يتعارض مع قيم المجتمع ومبادئ الثورة”.
ونوه إلى أن آلية العمل تعتمد على التشاركية بين محافظة حلب ومجلس المستشارين، والمؤسسات الحكومية المعنية، التي تتضمن مديريات الشؤون الاجتماعية والتربية والصحة، وجامعة حلب، والأوقاف، وشرطة المحافظة، إلى جانب الخبرات المتخصصة في الملف.
وأكد أن اللجنة المشكّلة لمتابعة الملف تتألف من 30 عضوًا.
بينما يكون التنفيذ المباشر عبر مكتب مكافحة التسول التابع لمديرية الشؤون الاجتماعية، الذي سيشرف على العمليات الميدانية ويضمن تطبيق الإجراءات.
وأوضح أن الرقابة على التنفيذ ستكون من خلال اللجنة المشكّلة في المحافظة.
أما بخصوص الإجراءات العملية، فبيّن ددم أن الحملات الميدانية ستعتمد دراسة الحالات قبل الضبط القانوني عند الضرورة.
وستركز على حلول استراتيجية لإنشاء مراكز مؤقتة لاستقبال المتسولين والأشخاص قيد المحاكمة أو الذين لا يملكون إيواء.
هذه المراكز ستكون مخصصة للتأهيل وإعادة الدمج الاجتماعي بدلًا من كونها مجرد أماكن احتجاز، بحسب ددم.
وأشار إلى أن التعاون بين الجهات الأمنية والاجتماعية يهدف إلى الأمن المجتمعي، الذي يعنى بضمان معالجة ظاهرة التسول بشكل شامل ومتوازن يحمي المجتمع والمحتاجين.
ثلاثة مسارات
حصلت على نسخة من البيان الصادر عن لجنة مكافحة التسول عقب مؤتمرها الصحفي، الذي عقد الاثنين 18 من آب، لعرض استراتيجيتها للتعامل مع الظاهرة، ضمن فعالية حضرها عدد من المسؤولين وممثلي منظمات المجتمع المدني.
وأوضح البيان أن اللجنة ستعمل على ثلاثة مسارات رئيسة هي:
المسار الأول قانوني يعنى بمراجعة التشريعات المرتبطة بالتسول، والثاني أمني عبر رصد أماكن توزع المتسولين واتخاذ إجراءات بحق المستغلين لهم.
أما المسار الأخير فهو إنساني من خلال تجهيز مراكز إيواء وبرامج تعليمية ومهنية لإعادة دمجهم.
كما تتضمن الحملة جانبًا توعويًا يستهدف المجتمع المحلي عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
ويهدف هذا الجانب للتأكيد بأن المساعدة الحقيقية لا تكون في إعطاء المال في الشوارع، بل عبر القنوات الرسمية والجمعيات الخيرية الموثوقة، بما يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه فعلًا.
وأكد البيان أن الحملة ستنطلق من خلال ثلاث حملات فرعية، تبدأ بالحملة التوعوية التي تمتد على يومين، عبر خطب الجمعة في 15 و22 من آب.
تتبعها حملة إعلامية تستمر ستة أيام، تتضمن مؤتمرات صحفية ورسائل توعوية عبر الإذاعة والتلفزيون والصحف ومنصات التواصل الاجتماعي.
وستتختم بحملة ميدانية تستمر ثلاثة أيام، من 18 حتى 20 من آب، لتمكين الفرق الميدانية من جمع البيانات وضبط المتسولين واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المستغلين لهم.
ويوازي ذلك الأمر، دراسة الحالة وإحالتها اجتماعيًا وصحيًا عند الحاجة.
وتشمل الحملة مواقع متعددة تعتبر الأكثر انتشارًا للتسول، بينها القصر البلدي، والحديقة العامة بمحطة بغداد، وجامع الرحمن بمنطقة السريان، وأحياء الخالدية، ومحيط جامعة حلب، إضافة إلى المحلق الغربي.
وتتضمن الحملة تجهيز فرق من الشرطة ومديرية الشؤون الاجتماعية والصحة والنيابة العامة، للعمل المشترك وفق خطة دقيقة تضمن جمع البيانات.
كما تتضمن ضبط الحالات، وإجراء الفحوصات الطبية، وإعداد التقارير الاجتماعية، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وفقًا لما جاء في البيان.
“صفر متسولين”
ظل مكتب مكافحة التسول في مديرية الشؤون الاجتماعية متوقفًا عن العمل لأكثر من 14 عامًا خلال فترة النظام السابق، قبل أن يعلن عن إعادة تفعيله ضمن خطة مكافحة التسول في المدينة، وذلك بحسب ما ذكرته محافظة حلب، الاثنين 18 من آب.
ويهدف المكتب بعد إعادة تفعيله إلى متابعة الظاهرة بشكل مستدام، مع التركيز على الفئات الأكثر هشاشة مثل الأطفال والأسر الفقيرة، ودراسة الحالات قبل اتخاذ أي إجراءات قانونية.
وشهدت شوارع مدينة حلب، بعد فترة التحرير وخلال الأشهر الماضية، تزايدًا لافتًا في أعداد المتسولين.
ولم تعد ظاهرة التسول مقتصرة على بعض الشوارع الرئيسة، بل امتدت لتشمل داخل ومحيط جامعة حلب ودوار الصخرة ومحيط قلعة حلب وساحة سعد الله الجابري، فضلًا عن انتشار واضح في أحياء حلب الشرقية مثل صلاح الدين وبستان القصر.
وسبق أن تناولت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هنذ قبوات، خلال اجتماع مع منظمات المجتمع المدني، في 14 تموز الماضي، بحلب، موضوع التسول في المدينة.
وأكدت أهمية تشكيل لجنة مشتركة للتحضير لمراكز إيواء مخصصة للأطفال والنساء العاملين في التسول، مع تقديم برامج تأهيلية تساعدهم على العودة إلى الحياة الطبيعية.
وأشارت الوزيرة إلى أن معالجة التسول تمثل أولوية بعد فترات الحرب، وأن الهدف النهائي هو الوصول إلى وضع لا يواجد فيه أي متسول في الشوارع.
ودعت منظمات المجتمع المدني للمساهمة الفاعلة وتقديم الدعم المطلوب.
قبوات في حلب.. الهدف: صفر متسولين
مرتبط
المصدر: عنب بلدي